همتك نعدل الكفة
330   مشاهدة  

رحلة الطفولة من الفيوم إلى شوارع قاهرة المعز.. الحلوى مقابل رغيف خبز

الأصدقاء بائعي الحلوى
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أحذية بالية وأجساد مرتعشة، وأيادٍ ضعيفة تحمل أعباء الحياة في صورة أطباق صغيرة من الحلوى الشعبية المشهورة في مصر ” الزلابية” وأرجل تتشبث بالأرض تحمل أثقالهم وأثقال الحياة التي وُضعت على عاتقهم رغم أعمارهم الصغيرة .

هنا الأصدقاء الثلاثة الذي حملوا أمتعتهم مع أحلام طفولتهم البريئة إلى قاهرة المعز ، يتجولون في شوارعها القديمة بين آثارها الإسلامية العتيقة ومآذنها الشامخة يحملون أطباق الزلابية الملونة و يبيعونها للسكان المحليين أو الأجانب الذين يفيدون إلى هذه المنطقة العامرة بالتاريخ والأصالة .

رحلة الصغار اليافعين

أحمد البالغ من العمر 11 عامًا، حمل حقائبه قصرًا من مدينة أبشواي التابعة لمحافظة الفيوم إلى حي الجمالية بمصر القديمة ليعمل في بيع الحلوى مع ابن عمه الفتى العشريني، ومن ثم يعود بعد شهرين أو أكثر إلى حضن عائلته بمبلغ لا يتعدى الألفين جنيه.

يشرد” أحمد” في الفراغ المحيط ، وكأن السكون سيد المكان رغم زحامه وحركة المارة المتلاحقة .. لكن كل شيء يتلاشى في عين الصبي وهو يحكي عن حياته المدرسية الذي اشتاقها كثيرًا، فهو طالبٌ بالصف الأول الإعدادي أجبرته الحياة الاقتصادية للأسرة عن ترك مقاعد الدراسة واللحاق بركب الشارع من أجل المال .

يوما ما سأصبح ضابطًا
يعمل ” أحمد” طوال الفصل الدراسي ويعود أدراجه إلى القرية حيث امتحانات النصف عام ليؤديها ويعود مرة أخرى إلى القاهرة .. وهكذا، وبابتسامة شجن يحكي أحمد عن مرارة العمل في الشارع وكيف أن الناس يسخرون منه أو يعاملونه معاملة قاسية .

وبنظرة إصرار وتحدي يقول:” لما أكبر وأبقى ظابط مش هزعل الناس وهخاف عليهم” فالفتى يأمل أن يكون شرطيًا رغم الظروف التي يعيشها والتحديات التي يمر بها ولكنه حلم الفتى الذي سيتحقق يومًا ما .

الحلوى

وبالقرب من” أحمد” و على بُعد مترات صغيرة هناك صديقه مصطفى البالغ من العمر11 عامًا، وكما صديقه وجاره ورفيق دربه، يعمل في بيع الزلابية جاءًا إلى القاهرة سويًا يحمل عبء أسرة مكونة من خمسة أشقاء وأب وأم.

مصطفى والدي يعمل  صيادًا 
يروي” مصطفى” أن قدومه إلى القاهرة من أجل مساعدة أسرته، فوالده يعمل صيادًا ولديه أربع إخوة ذكور أكبر من منه بسنوات قليلة يعملون إلى جانب دراستهم في فرن عيش يجمعون المال حتى يستطيعون تكوين مستقبل لهم أفضل.

يعود ” مصطفى ” قريته كل شهرين يحمل الجنيهات إلى إمه التي تحتفظ بها كرصيد خاص به ، فكما يقول ” للمستقبل” ، ورغم حياة الشارع إلا أن مصطفى متفوق دراسيًا، يريد أن يصبح مهندسًا فقد استهوته العمارة الإسلامية التي يراها يوميا في قاهرة المعز.

قال كبيرهم
بنبرة رجولية فتية تحدث” محمد” رفيقهم الثالث وأكبرهم عمرًا عن نفسه وعن أصدقائه” محمد “و”أحمد” يقول نعمل يوميًا من الساعة الـ 11 صباحًا وحتى الثالثة فجرًا، نتقاضى على هذه الساعات مبلغ بسيط لا يتعدى الخمسون جنيهًا.

إقرأ أيضا
الأمازيغ
محمد بائع الحلوى
محمد بائع الحلوى

ووسط نظراته الحادة يبتسم ابتسامة لا تعلم هل هي ابتسامة قوة أم ابتسامة سخرية يقول: إن الحياة في القاهرة حياة قاسية لا نستطيع تحمل برد الشتاء خاصة وأننا نعمل حتى الفجر، ولكننا رجال نستطيع أن نصمد أمام كل الظروف ، حتى أمام هذا الرجل الذي يطاردنا حتى لا نبيع في هذه المنطقة .

استهوتني التجارة 
وعن دراسته وأحلامه قال: أنا أحب التجارة أكثر من المدرسة رغم أنني في الصف الثالث الإعدادي، وقد حصلت على درجات جيدة في الفصل الدراس الأول، ولكن حياة التجار استهوتني ويومًا ما سأصبح أحد تجار حي الجمالية ووقتها سأترك كل الصغار يعملون أمام محلي بل وأساعدهم ولا أثير في نفوسهم الرعب .

الحياة تضرنا في أوقات كثيرة أن نتخلى عن أحلامنا وعن راحتنا نتخلى عنها حتى يستطيع من نحبهم أن يحيى حياة آمنة، وهؤلاء الأصدقاء قد تخلوا عن أحلام طفولتهم تاركين اللهو واللعب وأصبحوا رجالًا في سن صغيرة ليعولوا أسرهم التي هي بحاجة إلى المال وسط هذه الظروف الاقتصادية القاسية.

 

الكاتب

  • الحلوى مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان