زبيدة ثروت تكتب : مطاردة مع الشاشة الملونة
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
على الرغم من ملامحها الرومانسية الهادئة، تلك العيون الغامضة التي كانت سحبت إليها شباب الخمسينات والستينات .. وعلى الرغم من ثنائيتها التي كانت تفيض بالرومانسية مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، إلا إنها عاشت حياة شديدة الصراع مع النقّاد والصحافة الفنية، حيث شكّكت أقلام كثيرة في موهبتها منذ ظهوروها على شاشة السينما في فيلم “دليلة” عام 1956، والتي ظهرت فيه لدقائق مع المطربة والفنانة الكبيرة شادية، وعبد الحليم حافظ، وزوز ماضي، ورشدي أباظة، ومن تأليف علي أمين وإخراج محمد كريم .. ومنذ بداياتها الفنية حتى رحلت في العام 2016 ، لم تتوقف عن بريق البدايات والنهايات وكانت المشكلة الأخيرة في وصيتها الشخصية بعد رحيلها، وهي الدفن إلى جوار جثمان عبد الحليم حافظ ، في حي البساتين، مُعللة ذلك بأنها تحبه حبًا كبيرًا وحظها عثر أيما عثرة بعد أن عرفت بتقدم عبد الحليم لها بعد زيجتها الثانية مباشرةً وكانت تتمنى لو تزوجته .. أما عن أزمة منتصف الطريق فقد اعتمدت الكاميرا الملونة كآلة تصوير أفلام مصر ، هي أزمتها الشخصية، حيث كان التحدي الثاني لها، وفي مقال كتبته زبيدة ثروت بيدها لمجلة الكواكب، سردت فيه حكاية كاميرا الألوان بالضبط ، وقالت :
إن التمثيل ليس سهلًا كما تتصوره الكثيرات من صديقاتي وكما كنت أتصوره أنا . فعندما وقفت أمام الكاميرا في استديو دار الهلال لاختبار فوتوغرافي أحسست برعدة قوية، مع أنني سبق أن وقفت أمام كثير من المصورين، وكانت فكرة الاختبار في ذاتها هي السبب في خوفي وقلقي . لقد كنت أعرف أنهم يخبروني لمعرفة ما إذا كان وجهي يصلح للشاشة الملونة كصديقة لشادية في فيلم بالسينما سكوب وبالألوان أم لا، وكانت خشيتي من النجاح الذي سيجعل مني ممثلة أكثر من خشيتي من الفشل .
وعندما وقفت بعد ذلك أمام الكاميرا الملونة في الاستديو الكبير وعلى مقربة من المخرج محمد كريم والممثلين وهيئة الإنتاج يشاهدون حركاتي وإيماءاتي، أصبحت أخشى شيئًا واحدًا، هو الفشل ! .. كان على في اللقطة الاختبارية أن أنظر إلى “النجفة” وأنا أستمع مع شادية إلى عبد الحليم وهو يغني في حفلة أغنية “حبيب حياتي”
وربما تعتقد الكثيرات أن مثل هذا المشهد من السهولة بحيث يمكن لأي هاوية أن تؤدية بنجاح، ولكن هذا مجرد اعتقاد ! .. لقد أحسست حينئذ بالشفقة على نجوم السينما وعلى الذين يصنعونهم، وكنت أختلس النظر أثناء التصوير إلى المخرج لأرى تأثير تمثيلي على وجهه ناسية أنني أؤدي اختبارًا يتوقف عليه مصير هوايتي . وفجأة صرخ كريم في وجهي :
- يا آنسة أرجوكي ماتبصليش
وبكيت .. وكانت هذه الدموع هي ثمن التذكرة التي خوّلت لي دخول الأستديو الكبير ..إنني فخورة بنجاح اسم زبيدة ثروت في الاختبار، وأرجو أن أنجح في الفيلم، وأصعد درجات السلم واحدة بعد أخرى، فكلما صعدت درجة، بعدت عن أرض الجهل الفني درجة .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال