زيزينيا حيث السؤال والجواب والبطل غير المثالي
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
رمضان 1997، بصوا هو كمان يمشي رمضان 1998، لان رمضان جه في أخر يوم في السنة 31 ديسمبر 1997، وكمل في 1998، المهم في رمضان ده كان فيه مسلسل يمكن في رأيي هو الأجمل والأنضج والأكثر تماسك في تاريخ أسامة أنور عكاشة وفيه تركيبة من الشخصيات والاحداث والقصص من أجمل ما يكون، وفي رأيي برضوا هو واحد من افضل اعمال جمال عبدالحميد المخرج، في السنة دي أتعرفنا على زيزينيا.
الغريب أن السنة اللي قبلها زي ما قولنا أسامة كان بيقدم الجزء التاني من مسيرة أبو العلا البشري، وبيقدم فيه كل المثالية المطلقة اللي هو شايفها، وكان بيطرح فيه السؤال الوجودي الأول بتاعه “إيه اللي اتغير فينا وبقينا عاملين إزاى؟” في زيزينيا بيرجع لسؤال وجودي تاني بيشغله وهو إحنا مين؟
البداية من عند أول مشهد في تيتر المسلسل، المونولوج الأشهر في تاريخ يحيى الفخراني ” أنا السؤال والجواب أنا مفتاح السر وحل اللغز، انا بشر عامر عبدالظاهر” بس خلاص، الجملة دي تسمعها وتحسها تبقى عارف ومتأكد ان عكاشة ها يطير بينا في نفس السؤال مع محاولات عديدة للإجابة، لكن بصراحة أسلوب الإجابة المرة دي مختلف كليا.
هاتلي شخصية واحدة من كوكب زيزينيا مثالية أو شبه مثالية، الشخصيات كلها ليها جانبين او أكتر، بصوا ها نأجل الكلام عن بشر شوية لانه حدوتة كبيرة، لكن خط بين والده عامر عبدالظاهر وأخوات بشر كل واحد فيهم فيه الشر والسوء زي ما فيه الخير والحسن، حتى والده نفسه عامر عبدالظاهر، وحتى مرات ابوه “آمنة” حتى أم العربي الخدامة أو رزقة، الشخصيات المتوازنة جدا الحقيقية جدا، والطبيعية جدا دي كانت اهم وأفضل ما في المسلسل.
وأمسك بقى كل الخطوط مع بعضها خط زنانيري مثلا أو خط عايدة أبو دان وعالمها، او خط الوكالة والسوق، بس عمرك ما هاتلاقي شخصية بيضا 100% في أي خط من خطوط الدراما، وده كان غريب من سيناريست لحد السنة اللي قبلها كانت الشخصية الملائكية والبطل المثالي عنصر ومكون أساسي ورئيسي في طبخته الدرامية، طب ليه ده مش موجود في زيزينيا؟
لان الجزء اللي عايز يستعرضه عكاشة في رأيي من شخصية البطل المثالي قادر يستعرضه من خلال تحولات الأبطال نفسهم، من خلال مواقفهم المختلفة، ردود الأفعال هنا هي أبو العلا البشري وعيلته في نفس الوقت، أسامة خلال زيزينيا كان بيخلق الفعل ويسيب الشخصيات تتحرك وتتعامل حواليه ومن خلاله بطريقتها وبحرية هو اللي محددها بنفسه علشان يقول من خلال ردود أفعال الشخصيات كل اللي نفسه يقوله.
سنة 1994، عكاشة قدم شخصية حسن أرابيسك وهي بطل غير مثالي زي ما قال الكتاب، بس زي ما قولنا كان في اتنين بيخلقوا البطل المثالي في مسلسل أرابيسك وهما أستاذ رجائي والدكتور برهان، لكن ابه اللي يفرق بشر عامر عن حسن أرابيسك؟
في رأيي بشر هو أصل حسن، هو بداية الدوامة والحيرة والاسئلة، بداية الإنتماء، إذا كان صراع حسن صراع نفسي بالأساس قايم على تساؤلات نفسية، فصراع بشر صراع مادي ملموس، بشر المربوط بين عالمين بالمعني الحرفي للكلمة وزي البندول رايح راجع بين الاتنين في رحلة بحثه عن نفسه، هو الأصل والجد الأول لحسن ارابيسك المربوط بين قيمتين وفكرتين بيشكلوا عالمين برضوا، وبرضوا هو هنا بيدور على نفسه.
الأصل في البطل غير المثالي في فلسفة أسامة أنور عكاشة الدرامية هو التأرجح، المرجحة بين عالم وعالم او فكرة وفكرة، هي السبب والسبيل في طرح كل الأسئلة، وكان السؤال الرئيسي في زهن عكاشة أحنا كمصريين دلوقتي مين؟ ده سؤال طرحه بقوة في أرابيسك، وفي زيزينيا بيوريني مستوى أكثر صعوبة من السؤال ده، لدرجة إنك لغاية النهاردة مش قادر تترجم بشر عامر عبدالظاهر الشخص اللي قادر يكون بشر و بوتشي في نفس الوقت واعتقد في الدراما كلها محدش خبط في الحته الحساسة دي عند نفسية المواطن المصري زي ما عمل أسامة أنور عكاشة.. الله يرحمه.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال