سياسة الحذف في مواجهة العندليب والسبب “المسيح”

في عام 1997 كان عمّار الشريعي يقدم واحدة من حلقات برنامجه “غوّاص في بحر النغم”، وكان لحظة الدهشة لجماهير البرنامج عندما قدّم أغنية بعنوان “المسيح” وقال أن الأغنية لعبد الحليم حافظ وغنّاها في مساحات نادرة للغاية، ما جعل كثير من المحررين بالصحف يتحركون للاستقصاء حول ظروف تلك الأغنية، وكتبت وقتها جريدة الوفد :  قدّم الموسيقار عمّار الشريعي حلقة خاصة عن بعض الأغنياب الوطنية ضمن برنامجه “غوّاص في بحر النغم” منها أغنية “مطالب شعب” و”يا حبايب بالسلامة” و”المسيح” التي فاجأنا بها عمّار الشريعي لنجد صوت عبد لحليم حافظ ينطلق معبرًا عن الأحداث الحالية وكأن عبد الحليم حافظ يعيش معنا اليوم، ومتابع للأحداث، والأغنية قدمها عبد الحليم منذ 29 عامًا بعد أحداث النكسة وهي من ألحان الموسيقار بليغ حمدي وكلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، وأصر عبد الحليم حافظ على غنائها وإلا سوف يتم اغتياله كما قال عمّار الشريعي لأن الأغنية ضد أعمال العنف الإسرائيلي ضد العرب، ومنذ ذلك الوقت لم تذع الأغنية ولا يعرف أحد عنها شيئًا، ولا يعرف أحد عن تلك الأغنية شيئًا، وعندما قدمها عمّار الشريعي في برنامجه أثار شجون الناس خاصة أن الأغنية مواكبة لما يحدث.

تسجيل نادر لأغنية “المسيح”

اتصلنا  بالموسيقار عما الشريعي لمعرفة تاريخ تلك الأغنية اليت قدمها عبد الحليم حافظ عام 1968، أي بعد النكسة بعام واحد، وبعد أغنية “زهرة المدائن” وحصلت على الأغنية من ألبومات الأغاني الوطنية لشركة صوت الفن خاصة إنني سلف وقمت بعمل مونتاج لأربع أغنيات كانت منها أغنية “المسيح” لذلك فالأغنية موجودة عندي من زمان، ولا أعرف إن كانت موجودة بالإذاعة أم لا .. ومن خلال الأحداث الجارية قررت تقديم هذه الأغنية في برنامج “غوّاص في بحر النغم” ولأن فاروق شوشة وعمر بطيشة فتحوا لي مساحة من الحرية الكاملة في البرنامج فلا توجد ممنوعات للبرنامج خاصة أنهم مدركون أن البرنامج يقدم العمل من الناحية الفنية والتاريخية ولا توجد أهداف سياسية تحرك صاحبه، وأتمنى أن تذاع الأغنية في التليفزيون ويصاحبها فيلم تسجيلي.

أما عن شاعر الأغنية، الخال عبد الرحمن الأبنودي فحكى قصة تلك الغنوة وقال أنه بسبب قرر عشوائي اتخذ عقب أحداث النكسة، فقد تُركَت القرارات لبعض الموظفين والموظفات في مبنى الإذاعة والتليفزيون باستبعاد الأغنيات التي لا تتماشى مع سياسة تلك الفترة .. فحكموا بالموت على معظم – إن لم تكن كل الأغنيات- الوطنية والتي قدمتها أنا وغيري طوال المسيرة الوطنية، والتي غنّاها كبار المطربين والمطربات وكان نصيبي من هذه العشوائية إلغاء ما يزيد على 25 أغنية وطنية معظمها لعبد الحليم حافظ، ومن عجب الأمر أن نجد من يحاول تقديم هذه الأغنيات مر أخرى وإعادة تقييمها على ضوء والظروف الحالية ولا أعرف السبب. أما عن أغنية “المسيح” فهي ممنوعة سياسيًا ولا يستمع إليها الناس إلا من خلال الشرائط الوطنية لعبد الحليم حافظ، ولا أظن أننا قادرون على عمل أغنية تعبر عن الدرس الحالي وحول ما يحدث للقدس وأبناء فلسطين من أغنية “المسيح” ومع ذلك سيظل سيف العقاب مسلطًا على ابداعتنا في الفترة الحالية .. ونحن نصرخ ونقول دائمًا أن تلك الفترة تحديدًا تحتاج هذا النوع من الأغنيات الوطنية التي تلمس القضية بكل أبعادها الإنسانية.

إقرأ أيضا

الدعوة إلى شرب الخمر في مصر “تاريخ دمج العلم والوطنية لترويج المزاج”