شاب صيني يجد قاتل والده بعد ما استمر في ملاحقته لسابعة عشر عام
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناولت وسائل الإعلام الصينية مؤخرًا قصة مذهلة تدور حول صبي صغير أمضى سبعة عشر عامًا في محاولة للقبض على قاتل والده بعدما شاهد مقتل والده على يد جاره عندما كان يبلغ من العمر تسعة أعوام.
عندما ينظر شيانج مينجسيان إلى ذلك اليوم المشؤوم من التاسع من أغسطس عام 2000، فإنه يتمنى لو لم يلقي بذلك الحجر الذي أدى في النهاية إلى مقتل والده، كان شيانج مينجسيان مجرد طفل في التاسعة من عمره في ذلك الوقت وكان يلعب مع جاره تشانج جون في حفرة بجانب طريق قديم في بلدة تشانج با في مقاطعة زينشونج، قام جون بإلقاء حجر في البركة التي كان يلعب الولدان جانبها وضرب الرذاذ شيانج مينجسيان، لذا قرر رد الجميل بإلقاء حجر أكبر في الماء كانت هذه مجرد لعبة صبيانية في البداية إلا أنها سرعان ما تحولت لشجار بين الفتيان وبعدها لشجار بين العائلتين لينتهي بجريمة قتل.
بعدما دخل الولدين في شجار نادى تشانج جون على جدته التي بدأت في ضرب شيانج سمعت أخت شيانج الأكبر سنًا صوت الشجار لأنها كان تعيش في مكان قريب فخرجت لكي ترى ما يحدث. وانتهى الحال بضرب عائة جون لشقيقة شيانج كذلك وعندما ذهبت إلى منزلها، أخبرت زوجها الشاب بما حدث.
بينما كان الشجار قائمًا كانا والدي شيانج مينجسيان يشتريان جهاز تلفزيون جديد، وعندما عاد الصبي إلى بيته، لم يخبرهم بأي شيء، ولكن بينما كانوا يتناولون عشاءهم في تلك الليلة، اقتحمت أخته الأكبر سنًا البيت وأخبرت والدهم بأن زوجها ذهب إلى منزل تشانج جون لطلب تفسير لكدماتها مما جعل والدهم يذهب لمساعدة زوج ابنته.
يذكر شيانج مينجسيان رؤية والده ذاهبًا إلى منزل تشانج جون، ثم بعد دقيقتين انطفأ المصباح ومع حلول الظلام ، كان بوسعه أن يسمع صرخات والده بينما كان يطعن من قبل العديد من أفراد أسرة تشانج جون عدة مرات، بالرغم أن والد شيانج مينجسيان تم نقله إلى المستشفى سريعًا إلا أن جراحه كانت شديدة للغاية ولم يقدر الأطباء على فعل أي شيء لإنقاذه، حتى يومنا هذا، ما زال بوسع شيانج مينجسيان أن يتذكر والده المحتضر وهو يقول إنه كان باردًا وجائعًا.
ولقد أخطرت أسرة شيانج الشرطة بهذه الجريمة في نفس الليلة، ولكن الشرطة لم تأتي إلى مسرح الجريمة إلا في الصباح التالي. وقد استجوبوا بعض الأشخاص من عائلة تشانج ولكنهم لم يقبضوا على أيًا منهم مما أتاح الفرصة لتشانج موكي، صاحب الطعنات القاتلة، للهروب، وبعدها بوقت قليل أقفلت الشرطة القضية حيث رأت أنها لم تعد قادرة على تحديد مكان المشتبه فيه الرئيسي.
بعد وفاة والده، اتخذت حياة شيانج مينجسيان منعطفًا نحو الأسوأ حيث لم يعد هناك أحد يدعم الأسرة ماديًا، فقد بدأ بالشغل لمساعدة عائلته للحصول على الطعام، وبالرغم أنه كان متفوقًا للغاية في المدرسة، إلا أنه خرج ليكرس حياته ليلاحق قاتل والده.
مع عجزه عن الاستمرار في رؤية تعاسة أمه وعلمه أن قاتل والده كان طليقًا يستمتع بحياته في حين أن حياتهم أصبحت بائسة، فقد قرر شيانج مينجسيان أن الأمر متروك له لتصحيح الأمور حيث كانت والدته مشغولة بتوفير المعيشة لهم وكان شقيقه الأكبر سنًا يخجل من الذهاب وراء رجل خطير، وكانت أخته لديها أسرة خاصة تعتني بها لذلك لم يكن هناك أحد آخر فبالتالي بدأ شيانج مينجسيان بالذهاب إلى قسم الشرطة المحلي طالبًا معلومات عن تشانج موكي. ولتسهيل عملية المطاردة، انتقلت العائلة من مدينة تشانجبا إلى عاصمة المقاطعة عندما كان شيانج مينجسيان يبلغ من العمر 10 سنوات فقط.
مرت سنوات عديدة بذل فيها شيانج مينجشيان جهود عظيمة إلا أنه فشل في إيجاد مكان القاتل ورغم ذلك فإنه لم يتسلم قط، وفي عام 2007 تلقى أول معلومة مفيدة حيث قال له شخص ما إن رجل يناسب وصف تشانج موكي شوهد وهو يركب دراجة نارية في محطة كونمينج للسكك الحديدية وبالفعل أمضى شيانج مينجشيان عدة أيام في مراقبة وفحص كل مكان في المحطة، ولكنه لم يجد أي شيء مفيد.
ثم في عام 2013، تلقى شيانج معلومات مفادها أن تشانج يختبئ في جينجيانج بمقاطعة فوجيان. ومرة أخرى سافر إلى هناك، ولكن بعد ستة أشهر من البحث، لم يجد أي شيء مرة أخرى. وأخيراً في عام 2017، وبعد العودة إلى الديار، علم شيانج من مصدر موثوق أن تشانج موكي كان مختبئًا في مدينة نان بمقاطعة فوجيان. وكان ذلك يعني السفر لآلاف الكيلومترات مرة أخرى، ولكنه لم يبالي بهذا وبالفعل حزم حقائبه وسافر إلى هناك.
وكان شيانج لديه معلومات تؤكد أن قاتل والده كان يعمل في مصنع أدوات مائدة على حدود مدينة نان لذلك استأجر سيارة، بحث عن معلومات عن تشانج أو المصنع ثم أمضى ثلاثة أيام في مشاهدة المصنع، وفي اليوم الثالث وبعد 17 عاماً طويلة، رأى تشانج موكي، قاتل والده مجددًا.
وكان شيانج يحمل معه صورة لقاتل والده منذ ذلك اليوم من أغسطس من عام 2000، ولم يتغير تشانج كثيرًا عن تلك الصورة فقط كان يبدو أكبر سنًا. عوضًا أن ينقض شيانج على الرجل الذي قاتل والده ودمر حياته، بدأ أن يسأل عنه وعلِم أنه غير اسمه إلى شو ليانج، وأنه التقى امرأة وتزوجها بل وحتى أنجب منها طفلًا.
وبعد جمع كل الأدلة، بما فيها ملابس والده التي تظهر الطعنات، ذهب شيانج مينجشيان أخيرًا إلى الشرطة، ولكنه لم يحصل على مساعدتهم كما توقع وذلك لأن السلطات في مدينة تشانجبا أزالت كل ما يتعلق بتشانج موكي من معلوماتها في عام 2015 حيث لم تعرف عنه أسرته أي شيء لمدة عقد ونصف مما أثار غضبه الشديد لكنه لم يبذل كل هذا الجهد ليستسلم في النهية فقد اتصل بالسلطات المعنية، واستند إلى الأدلة التي حصل عليها، وتمكن من الحصول على أمر بالقبض على موكي.
في العاشر من أكتوبر من عام 2018، أدانت محكمة الشعب المتوسطة في مدينة زاوتونج بمقاطعة يونان تشانج موكي باقتل وحكم عليه بالسجن مدى الحياة وحرمانه من الحقوق السياسية. وبعد سبعة عشر عامًا وأربعة أيام، فعل شيانج مينجشيان ما كرث حياته من أجله بعد وفاة والده.
الكاتب
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال