5٬392 مشاهدة
شاهد الزور في الإسلام .. لماذا ذنبه يعادل الكفر بالله
حذر الإسلام من منكراتٍ كثيرة لكنه أعطى شهادة الزور اهتمامًا بالغًا وتوعد شاهد الزور بالويل والثبور، وليس هناك أدل على ذلك من أن الله قَرَن في النهي بين الشرك به سبحانه وبين قول الزور.
شاهد الزور خطره أعظم من المشرك بالله !
جاء التحذير من شهادة الزور في 4 مواضع بالقرآن الكريم، الأول في سورة الحج حيث قول الله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، أما الموضع الثاني فكان في سورة الفرقان (وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) والثالثة في نفس السورة (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)، أما الرابعة في سورة المجادلة (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا).
اقرأ أيضًا
هل أدانك أحدهم بشهادة الزور ورفض ظهورك على الشاشة لتبدو بهذا المنظر البذيء .. عن إبراهيم عيسى أتحدث
من تلك الآيات يؤخذ أن التحذير من قول الزور جاء متتابعًا مع التحذير من الشرك بالله، وذلك لأن شهادة الزور كبيرة من الكبائر العظمى لأنها السبب المباشر والأوحد في ضياع الحقوق الثابتة، والمؤدية إلى حدوث الفتن وكثرة المحن، والعنصر الفعال في تهديد السلم المجتمعي بين الناس وذلك لأن ضياع الحقوق يؤدي لانعدام الأمان.
اقرأ أيضًا
ما هو الكذب المباح ؟ “ثلاث مواضع يجوز فيها تزييف الكلام”
الإمام الشوكاني في كتاب نيل الأوطار يفسر إقران الشرك بقول الزور فيقول “مفسدة شاهد الزور أقوى من مفسدة المشرك بالله، فالمشرك بالله مفسدته تقع عليه وحده غالبًا، بعكس شاهد الزور مفسدته تطول الغير”.
أحاديث متنوعة حذرت من قول الزور واتفقت في القرانة مع الشرك بالله، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ – ثلاثا – قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس ، وقال : ألا وقول الزور وشهادة الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت».
اعتدال النبي صلى الله عليه وسلم من جلسته وهو يقول «ألا وقول الزور وشهادة الزور» يفيد بأن قول الزور عظيم في الإثم وكبير في القبح وخطر في الأثر والنتائج المترتبة وهو ما شرحه الحافظ بن حجر حيث قال “يشعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئًا، ويفيد ذلك تأكيد تحريمه، وعظم قبحه، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور، أو شهادة الزور أسهل وقوعًا على الناس والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرفه عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة، والحسد، وغيرهما؛ فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعًا، بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد، بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالبًا”.
ومن أكثر الأحاديث التي توعدت شاهد الزور بالعذاب هو حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب حيث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار”، وفي هذا الحديث وعد عظيم لشاهد الزور بأن الله أوجب له النار حتى من قبل أن يموت ويحاسب.
يتفق ذلك المعنى مع حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من زين نفسه للقضاة بشهادة الزور زينه الله يوم القيامة بسربال من قطران وألحمه بلجام من نار”.
شاهد الزور لا يُحْتَرم
من المُسَلَّمات البديهية أن شاهد الزور لا يُقْبَل منه كلام على وجه العموم طالما أصر على شهادته أو لم يعتذر عنها، فشاهد الزور حين يقول بالزور مرة، يصعب عليه الصدق مرة أخرى.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
