شاهدوا عروض الحواة..اقتناء سلاطين المماليك للحيوانات والطيور
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تسلى سلاطين المماليك باقتناء بعض الحيوانات، المائية، وغريبة الخلقة، التي كانت غالبا ما تهدى إليهم.
أهدت زوجة ملك المغرب وهي في طريقها إلى الحجاز سنة 1326 إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون هدايا، كان من بينها ثور أصفر، فاقع اللون كامل الخلقة، وفي وسط ظهره من الجانب الأيمن كتف طالع منه رؤوس أضلاعه وذلك الكتف بمرفق وذراع، وحافر مفروق مثل حافر البقر، فكان يطوف بالقاهرة كما يفعل السباع.
ويضيف لطفي أحمد نصار في كتابه “وسائل الترفيه في عصر المماليك”، أن الناس في عصر المماليك كانوا يتسلون باللعب مع الحيوانات، فلعبوا مع القرود، وكان لمن يجيدون هذه الألعاب مناطق معينة يجتمعون فيها ليعرضوا ألعابهم حيث كان يتجمع الجمهور فيها.
أما الحواة فكانوا يلعبون بالثعابين، وكانت ألعابهم منتشرة في العصر المملوكي ويقبل على مشاهدتها العامة والخاصة، وهم يلعبون بالزواحف والثعابين ويسيطرون عليها.
حتى أن أحد السلاطين قد خلع على حاو وأحضر إليه الحيات ليتفرج عليها وتقطع أمامه، وكان الحواة يجيدون في جمع الحيات والأفاعي ليعرضوا بها ألعابهم.
يشير المقريزي إلى حادثة وقعت من أحد الحواة مضمونها أن أحدهم من أهل طرة يقال له “أبو كريت” أمسى عليه الليل حصيلة أسبوع من الأفاعي الغريبة والحياة الخطرة التي لم يقدر على جمعها حاو غيره، وانسابت الأفاعي من السلة وتسربت منها، مما أزعج من كان موجودا بالجامع لقضاء الليل فهرعوا إلى تسلق المنبر والأعمدة وهم يرتعدون من شدة الخوف، واستمروا على ذلك إلى مطلع الفجر حيث استطاع الحاو أن يستعيد أغلب الحيات ويعيدها إلى سلته من جديد.
وتؤكد هذه الرواية ما يدل على انتشار هذه الفئة من الناس وأنهم كانوا يهيمون على جوههم بغرضض جمع الحيات ثم بيعها بعد ذلك، أو استخدامها في ألعاب للترفيه عن المارة بمقابل بسيط يحصلون عليه خلال العرض أو بعده.
وكان الحواة في عصر سلاطين المماليك يمارسون ألعابهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم من العصور السابقة، حتى في وقتنا الحالي، ومنهم فئة ما زالت موجودة، تمارس ألعابها أمام جمع من المارة في الميادين العامة والأماكن الشعبية، وإن كان منهم من انصرف إلى مزاولة أعمال أخرى فأصبحنا نادرا ما نراهم.
واقتناء الحيوانات في عصر سلاطين المماليك، يظهر أن السلاطين وكذلك الناس كانوا مهتمين بالبحث عن مبهجات الحياة ووسائلها، فلم يتركوا شيئًا يدخل السرور على أنفسهم إلا فعلوه، حتى أن أحد المؤرخين قال:”لقد بلغنا في تعليم الصنائع عن أهل مصر غايات لا تدرك، مثل أنهم يعلمون الحمر الإنسية والحيوانات العجم من الماشي والطائر مفردات من الكلام والأفعال يستغرب بدررها، ويعجز عن أهل المغرب عن فهمها”.
وكان المصريون وقتها في تعليمهم وتقديم للألعاب مع الحيوانات وتروضها، الحيوانات والطيور، وسيلة للترفيه عن الناس، تشبه في شكلها ومظهرها الآن عروض السيرك.
وقد شغف بعض سلاطين المماليك شغفا كبيرا بالتفرج على مناقرة الديك وتناطح الكباش والثيران، فكانوا يحرصون على حضور ذلك في جمع من الأمراء، فكثيرا ما كان السلطان الغوري بعد أن يختم ضرب الكرة، يطلع إلى الحوش ويجلس بمقعده، ويحضرون أمامه الثيران والكباش برسم النطاح، ويستمر في ذلك إلى ما بعد وقت العصر.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال