شراب الآلهة .. كيف كان الحشيش مسمار في نعش الصوفية
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
«چوب الحشيش دا جامد أوي أوي » افتح الشباك .. وخرج شبورة الدخان وتعالى أقولك الديلر عطيك اصتف نوعه ايه، وقبل أي شيء هذا الكلام لا ينطبق على أي نوع بتتعاطاه اليومين دول.. دا أنتم بتشربوا ديناميت!!
مفارقات بين اسم ومعنى الحشيش!
يصنع الحشيش من المادة الفعالة لنبات «القنب» أي الضوضاء، واتفق هذا الاسم بالطبع مع حالة الشعور الذي يحدث في عقل متعاطيه، لكن الأمر مختلف تماما في اللغة العبرية، فيسمى “شيش” أي الفرح انطلاقا مما يشعر به المتعاطي من نشوة وصخب بعد تعاطي مادته الفعالة.
الحشيش شراب الآلهة
عُرف الحشيش منذ القدم لكن «مش ديناميت للتعاطي» وإنما اسُتخدم في صناعة الحبال، واستخدمت أليافه في صناعة الملابس، كما استخدموه كمادة روحانية للتخفيف عن آلمهم كفئة الهندوس في الهند، وتطور معهم الأمر إلى حد العبادة فعتبروه من أصل إلهي، وأحب شراب إلى الإله “أندرا”، ولايزال يستخدم هذا النبات في معابد الهندوس والسيخ في الهند ونيبال ومعابد أتباع شيتا في الأعياد المقدسة حتى الآن.
اقرأ أيضًا
من أين جاء الحشيش .. واهب السعادة ومخفف الأحزان
ولم يختلف جيرانهم الآشوريين عنهم فاستخدموا نبتة الحشيش في حفلاتهم الدينية وسموه «كونوبو» ، ولن ننسى الصين فتعتبر من أوائل الشعوب التي عرفت الحشيشة، وسماه القديس «شن ننغ» واهب السعادة .
الحشيش شراب الفقراء !
انتقلت الحشيشة إلى حلقات الذكر بين المسلمين كذلك، وكانت أول طائفة استخدمته، هي طائفة الصوفية، حتى بات يعرف الحشيش بهم و يُعرفون به، ذكر الكثير من المؤرخين الحشيش منسوبا إلى الصوفية، فالمقريزي عندما أراد ذكر الحشيشة أفرد لها فصلا تحت عنوان «حشيشة الفقراء» ، وحسبي هنا أن أذكر معنى حشيشة الفقراء، فالفقراء هم الصوفية فكانوا يطلقون على أنفسهم الفقراء فهمي من العبادات القلبية عندهم.
قصة اكتشاف الحـشيش
ذكر الحسن بن محمد في كتاب “السوانح الأدبية في مدائح القنبية” كيف اكتشف المتصوف الشيخ حيدر الحشيش وأشاعه بين أصحابه وأشاعه أصحابه بين الناس، وكان «الشيخ»، قد فاق في الزهادة وبرز في العبادة، وقد اتخذ الشيخ من جبل بين بشاور ومارماه، خلوة له مع أصحابه.
يقول الشيخ حيدر عن اكتشافه للحشيشة “بينما أنا في خلوتي إذ خطر ببالي الخروج إلى الصحراء منفردا، فخرجت فوجدت كل شيء من النبات ساكنا لا يتحرك لعدم الريح وشدة القيظ،« اي الحر »، ومررت بنبات له ورق ، فرأيته في تلك الحال يميس بلطف ، ويتحرك من غير عنف كالثمل النشوان ، فجعلت أقطف منه أوراقاً وأكلها ، فحدث عندي من الإرتياح ما شاهدتموه، وقوموا بنا حتى أوقفكم عليه لتعرفوا شكله” .
خرج الشيخ حيدر مع أصحابه إلى الصحراء، ليعرفهم على الحشيشة، فقال أصحابه هذا نبات يعرف بالقتب، فأمر الشيخ أصحابه بقطف أوراقه وأكلها حتى غمرتهم بالفرح، وقد أمرهم بصيانه هذه النبته حتى لا تصل إلى عامة الناس، وبرر لأصحابه «إن الله خصكم بسر من أسراه ليذهب بأكله همومكم».
نلاحظ أن الشيخ حيدر قد استن سنة منكرة تبعه فيها كثير من أتباعه وامتدت إلى معظم الطرق الصوفية، وكان هذا بمثابة مسمار في نعش التصوف، فالحشيشة عادة ذميمة أضفى عليها الفقراء هالة من القداسة والشرعية.
فوائد وكوارث
تقول دراسات أن الحـشيش يفيد في علاج بعض الأمراض النفسية، ويستخدم في علاج القيء والدوخة عند مرضى السرطان فضلا عن فوائد أخرى، وقد يؤثر على الصحة، خاصة وإذا كان الحشيش مغشوش، «ومعرفة المغشوش تعتمد على الخبرة ليس أكثر» نتيجة المواد التي تضاف عليه، فقد أثبتت بعض التحليل أن الحشيش المتداول في الشارع يحتوي على مادة «الأتروبين» الفرط فيها يؤدي للوفاة، فضلا عن الإضافات الأخرى كفضلات الإنسان والحيوان التي تؤدي إلى تليف الكبد والفشل الكلوي وينتهى الأمر بالوفاة.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال