همتك نعدل الكفة
444   مشاهدة  

صامويل إيتو .. أسد يحكم مملكة الكرة في الأدغال

صامويل إيتو
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



على هامش الدنيا، وفي شارع بمنطقة نائية ضمن حي مجهول في أدغال إفريقيا، تحديدًا في “نيوبيل” بالكاميرون، في منزل ضيق احتلّته الحشرات، ولد صمويل إيتو .. الولد الذي “بارك له الله” – هكذا اشتهر في قريته – ذلك لأن هذه القرية الغير موجودة على الخريطة، حتى إنهم لا يلعبون كرة القدم بسبب عدم وجود كرة، بل كانوا يلفون الأقمشة على حبة جوز الهند حتى تتكون على شكل كرة، فيلعب أطفال القرية ومن بينهم صمويل إيتو .. والتي كانت تتركه أمه مع الصبية في الشارع  حتى تعود من سوق القرية، تلك الأم التي يدور بخلدها يوميًا أفكار في ضيق حال الزوج، وهذا الصبي صمويل الذي يداعب كرة جوز الهند وسط الجو المترب أمام المنزل .. مستقبل ضبابي لأسرة على حافة الحياة، لكن كل هذه الأفكار لم تشغلها عن بيع السمك التي كانت تحصل على بضعه فرنكات تحافظ على بقاء هذه الأسرة التعيسة على قيد الحياة في تلك القرية الغير موجودة على الخريطة .. لكن الولد الذي بارك له الله لم يخرج فقط من قريته .. بل خرج كي يحكم الكرة في وقت من الأوقات بالعالم كله.

 

 بكى الكبير صمويل إيتو كثيرًا، ربما لو ملئ بحيرات دموعه، فهو ابن حالة من الفقر المدقع والجراح المتراكمة ، الليالي السوداء إذا أتت فوق بعضها فتطبق على صدر الفتي الصغير لتجعله أمام خيار من اثنين، إما أن أعيش أسد قرر أن يثأر لنفسه من سكين الحياة، أو أموت في صمت كالصبية من أصدقاء الطفولة الذين قتلتهم أمراض أدغال إفريقيا، أو عاشوا كهياكل عظمية بسبب الجوع . وكانت أول دمعة سالت على وجنتي الطفل صامويل هي دمعة فرح، حين دخل عمه مخبئًا شئ ما خلف ظهره مبتسمًا، وإذ به يلقيه بصدر ابن اخيه، ليمسك إيتو كرة قدم حقيقية لأول مرة في حياته، يتفحصها فيبكي، الآن ستروض قدماه الحافيتين الجلد المدور بدلًا من خشب جوز الهند ! .

لم تكن دموع الفرح بالنسبة للطفل صامويل إلا حدث نادر، حيث شهد شريط حياته على ليالي كُسر فيها قلبه حتى تحطّم .. بدايةً من افتراشه الأرض في زاوية بعيدة بركن المنزل المترب .. حين لفظ اثنين من اخوته أنفاسهم الأحيرة وسط صراخ وعويل العائلة ، بعد إصابتهم بفيروس معدٍ .. وهو ما خافت منه أمه .. الفيروس الذي التهم اثنين من ابنائها كاد أن يلتهم صمويل .. لكن ، ولإنه بارك له الله فقد نجا .. نجا وأصبح لاعب كرة قدم كبير ، ولم تغب عنه دموعه .. حتى إن أكثر اللقطات الراسخة عن إيتو في أذهان المصريين، تلك اللحظة التي ارتمى فيها بأرض ملعبه في الكاميرون بعد أن أدرك محمد شوقي المدرب المساعد الحالي للمنتخب ولاعب وسط لعبه السابق، وضاع حلم إيتو في التأهل لمونديال 2006 .

 

بين المصريين وإيتو قصة حب  وغضب ومنافسة وكر وفر، بالأمس كنا نحاول إيقاف مهاراته في الملعب، وحاليًا نحاول إيقاف مراوغاته في الإدارة .. وإن كنا نريد الإجابة على سؤال المقال : من هذا الذي يحكم كرة القدم في أدغال إفريقيا ؟ .. علينا فقط أن نلاحظ نظرات الحضري وشوقي ووائل جمعة عندما تلتقي الأعين من جديد بينهم وبين إيتو .. أهلًا أيها الصديق اللدود .. ننتظرك بشغف .. والمنافسة بيننا يبدو أنها لن تنتهي .. لن تنتهي أبدًا !

إقرأ أيضا
يوميات القلق

 

الكاتب

  • صامويل إيتو محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان