همتك نعدل الكفة
3٬332   مشاهدة  

صديقتي و الروايات والجنس !!

الروايات


ربما تفقد الكثير من قرائك بسبب الفجاجة الجنسية في رواياتك
لست بصدد انتقاد أو الانتقاص من كتاب الروايات والأدباء الذين لا أمثّل في بحرهم قطرة، ولكنني إليهم أحمل رسالة من صديقتي وزميلتي القارئة النهمة حنان، التي أخبرتني بضرورة كتابة هذا المقال، فقد مزقتْ هي فصلًا كاملًا من رواية الجحيم – رواية أخرى لكاتب آخر غير دان براون – بسبب الفجاجة الجنسية بها، تقول في اشمئزاز :

قراءة
قراءة

– مسكت القلم وكنت عمالة أعلم على اقتباسات روعة، بعدها بقيت ماسكة القلم وبشطب على المشاهد دي، بس لاقيت نفسي حشطب الرواية كلها يا مريم، لحد ما وصلت لفصل كامل مسكته قطعته من الكتاب حرفيًا، وبعدين أنا قريت روايات عربي وأجنبي، مش فاهمة ليه الإباحة في الروايات العربي كتير بطريقة حقيرة كده، برغم إنه المفروض يحصل العكس، عشان كده مبحبش اقرأ لكتاب عرب، عشان المشاهد دي في روايتنا أكتر من الروايات الأجنبي، إنتي لازم تكتبي عن الموضوع ده أرجوكي!

قد تتفق معي أو لا تتفق، ولكن في رأيي أن رؤية بعض الكتاب لمعرفتهم بالتراث أو الكثير من المعلومات الموسوعية أو غوصهم في أسرار علم النفس يبيح لهم كتابة روايات محشوة بأفكار مقززة تثير الغثيان، يضعونها في محتوى أدبي لإثارة الغرائز بعيدًا عن الهدف، ومن وجهة نظري أن المشاهد الإباحية الفجة والحوارات البذيئة تكون كخربشات تعيسة مبتذلة بلا داعي وإضافة في كثير من الأحيان وبلا قيمة أدبية يعرضها الأدباء باسم الأدب، وأن الأسلوب السافر والإسراف في وصف الجسد والأعضاء التناسلية وتصوير جميع فئات المجتمع بالعهر واللأخلاقية في متون الروايات ما هو إلا تكلف وتبجح وإفلاس وعقم فكري و أسلوب تجاري رخيص ربما يأتي بعكس مقصده، فينفر منهم القراء.

اقرأ أيضًا 
مع أول أيام شهر رجب “ردود متجددة على هبدة قديمة من يوسف زيدان”

يوسف زيدان على سبيل المثال فقدني بعد أن قرأت له رواية ظل الأفعى، فقد حلفت ميت يمين ألا أقرأ له حرفًا مكتوبًا في رواية بعدها، وقد قرأت بعض من مراجعاتها وعلق عدد من الأصدقاء عليها بنفس العبارة : “لن أقرأ عمل روائي ليوسف زيدان مرة أخرى”، وبرغم روعة العمل وقوة الألفاظ وعذوبتها، وحصيلته العلمية الغزيرة، وبرغم أنها رواية دسمة تثير أفكارك من أول سطورها، وعن نفسي –كمريم – أهوى نوعية الكتب التي تعصف بذهنك، وتجعلك متخبطًا فكريًا ومتوترًا، متمردًا على كل ما كان وكل ما يحدث، أعشق ذلك الإجلال للمرأة، وأمقت اضطهادها وتدنيسها من ذلك المجتمع الذكوري الذي حقّر من شأنها، وتذكرت قول الأديب الفرنسي لويس أراغون في رواية أجراس بَال : لو وقف جميع رجال الكرة الأرضية لمدة خمسين سنة متصلة يعتذرون للنساء عما فعله بحقهن الذكور على مدى التاريخ البشري لما كان ذلك كافيًا، إلا أنني في نفس الوقت اضطربت خجلًا حين اضطررت لقفز العديد من صفحات ظل الأفعى المتخمة بالوصف الإباحي، بل وكدت ألا أنهيها، بعكس أحمد خالد توفيق على سبيل المثال والذي يضع في رواياته بضعة مشاهد تكون وسيلة لخدمة السياق، وليست غاية.

أراك تتساءل بعصبية : وماذا عن كتب الفقه التي تعلّم تلك الأمور بأسلوب فج والتي تعج بها المكتبات وتكتظ؟؟!! أسأت فهمي، ولا مجال للمقارنة ها هنا، فأنا لست ضد الروايات الخالية من الجنس على الإطلاق، فالأدب الروائي متصل اتصالًا وثيقًا بالجنس والسياسة والدين، وتلك المشاهد لم تكن أبدًا المشكلة، إنما المشكلة في أن بعض الكُتّاب يجعلون منها لب للرواية وكل ما دون ذلك يصبح أحداثًا جانبية، وأرى أن الثرثرة الطويلة في الحديث عنها تحتاج حقًا لدراسة متأنية، ودائمًا ما اتساءل : هل هي إرضاءًا لنزوات الكاتب أم إشباعًا لشهوات القارئ، أم كلاهما معًا؟؟!!

فقط أحمل رجاء ورسالة إلى جميع كتابنا وأدبائنا:
أنتم تكتبون لشريحة عريضة من المجتمع التي تؤذيها كتاباتكم المغرقة بالمشاهد الإباحية الفجة، والتي أصبحت عنصرًا أساسيًا في أية رواية، والتي تجعلنا نخجل ونتقزز ونشعر بأننا نقرأ تعاليم بيوت دعارة، وإننا إن أردنا البحث عن الجنس فالقصص الرخيصة وأفلام البورنو تفي بالغرض وأكثر، فاتخاذ الجنس الفج والفاحش مسلكًا في الروايات أشبه بالبهارات في الوجبات، فتخيل أنك تأكل وجبة البهار فيها أكثر مما يحتمله الطعام !!

أنتم تؤذون عيوننا وأرواحنا !!

إقرأ أيضا
نادية فكري

أنتم تفقدون قرائكم !!

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
17
أحزنني
0
أعجبني
8
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان