صلاح السعدني.. واللعب من أجل المتعة
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
بالتأكيد لست هنا للحديث عن موهبة وأهمية صلاح السعدني، فمن ذا الذي يجاهد ليشرح للناس ما الشمس بينما يمكنه أن يشير إلى أعلى فيعرف الجميع ماهيتها، صلاح السعدني موهبة فريدة من نوعها، ومن أصحاب القدرات الخاصة المدارس الخاصة في التمثيل، والحقيقة أن السعدني استطاع خلال رحلته أمام الكاميرا أن يكون لنفسه إمبراطورية خاصة في الدراما التلفزيونية، وهنا مربط الفرس، أو السؤال الهام، لماذا التلفزيون وليس السينما أو المسرح؟.
اقرأ أيضًا
بعد رحيل صلاح السعدني…من تبقى من الفنانين صاحب ثقافة؟
السعدني ينتمى لجيل به العديد من الأسماء اللامعة بل هو من جيل فيه العدد الأكبر من النجوم، فهو من جيل عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكي وسعيد صالح وقبلهم سمير غانم ولحق بهم محمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني وغيرهم من النجوم الذين يعدوا من نجوم الصف الأول لا في جيلهم ولكن في تاريخ السينما والدراما العربية.
ولكن على الرغم من المنافسة بين كل هذه الأسماء في شباك التذاكر سواء في المسرح أو السينما، وأيضا في التلفزيون، ولكن كان صلاح السعدني، لا ينظر مطلقًا لشباك التذاكر، كان ينظر لمتعته الخاص بتقديم أدوار هامة وقريبة من قلوب المشاهدين، ربما تكون قليلة في السينما واقل منها في المسرح، ولكن حتى تلك الأدوار القليلة أغلبها علامات راسخة في وجدان المشاهد، بالإضافة لكنز تلفزيوني لا يقدر بثمن من أدوار فارقة واستثنائية، فهل هذا سحب من السعدني بساط النجومية؟
الحقيقة الجيل الجديد، لا يعرف السعدني حق المعرفة، لا يعرف انتظارنا لمسلسله الجديد، لا يعرف الكثير عن رحلة العمدة سليمان غانم، أو أزمة حسن أرابيسك، لم ينتظر حلقات للثروة حسابات أخري قرب منتصف الليل حينما عرض لأول مرة في رمضان، لا يعرف الكثير عن الجنوبي وحلمه ورحلة “وابور الليل” الذي يعاود بروائح زمن الفرحة البعيد، وغيرها من الأدوار شديدة الأهمية والخصوصية.
الغريب وأنه على رغم كل تلك الموهبة كان معروفًا أن السعدني دائمًا ما يكون الاختيار الثالث أو حتى الرابع، في العديد من الأدوار، ولكن أنه حينما تشاهد العمل، وتسمع أسماء من رشحوا للدور قبل صلاح السعدني ستجد أن هذا الدور خلق لصلاح السعدني لا غيره، حتى من كانوا مرشحين قبله قد لا يتقبلهم عقلك في هذا الدور.
وهنا يأتي تفرد السعدني، كلم شاهدت صلاح السعدني يمثل أتذكر لاعبي الكرة الشراب في الحواري قديمًا، هؤلاء الحريفة للغاية الذين لا يشغلهم الشهرة والنجومية ولا يشغلهم أي شيء سوى الاستمتاع باللعب، واللعب فقط، أخلص السعدني لموهبته، ولكن كان إخلاصه الأكبر لمتعته، حينما يمثل السعدني فهو كلاعب يغازل الكرة بقدميه، ونحن – كجمهور- لا نملك سوى الانبهار.
إخلاص السعدني لمتعته جاء في الأصل من رؤيته ونظرته في الفن والمنافسة والعمل، السعدني رجل يحمل بداخله قلب فيلسوف قديم، خلق فلسفته الخاصة في الفن والتزم بها وسار عليها، فلسفة تتلخص في الاستمتاع بما يقدمه دون النظر لحسابات أخرى، حسابات كان ومازال ينظر إليها الجميع ولكن السعدني كان من القلة الذين أداروا رأسهم لتلك الحسابات ويخلق عالمه الخاص.
عالم نعرفه الآن ونستعيده ونستعيد معه لحظات من الدفء القديم، والمتعة والانبهار، والصدق الخالص في كل مشهد وعمل، رحل السعدني وبقى خالدًا
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال