همتك نعدل الكفة
296   مشاهدة  

صوت رمضان عند المصريين.. لماذا تأثرنا بأداء الشيخ محمد رفعت؟

الشيخ محمد رفعت


اعتدنا منذ الصغر أن نستمع لصوت خاص يرتبط في أذهاننا بقدوم شهر رمضان، صوت موسيقي مميز، طل علينا من خلال إذاعة القرآن الكريم، كانت غالبية بيوت المصريين تستمع لصوته وهو يتلو القرآن بطريقة تلمس روحهم، وتعبر إلى قلوبهم مباشرة، بطريقة خاصة به لم يسلكها أحد من قبله، وحاول الكثير تقليده، ولكن لم يستطع أحد الوصول لروحه، أنه صوت رمضان في أذاننا، ذلك الصوت الذي أحببناه دون أن نرى صاحبه، صوت الشيخ “محمد رفعت”.

الشيخ محمد رفعت

 

وُلد الشيخ محمد رفعت عام 1882م، في حي المغربلين بالقاهرة، وكانت أسرته بسيطة لا تملك الكثير من المال، وعندما فقد بصره وهو طفل صغير، أنار الله بصيرته وتعلق قلبه بالقرآن الكريم، وبدأ في التردد على مسجد مصطفى صادق باشا- بشتان سابقًا-، لحفظ القرآن وترتيله هناك، وقد ظل في هذا المسجد حتى أخر عمره، لم ينفصل عنه أبدًا طوال حياته، على الرغم من تنقله بين العديد من مساجد القاهرة، ولكن هذا المسجد الصغير كان له مكانة خاصة لديه، وكذلك مسجدي السيدة زينب، والسيدة نفيسة.

الشيخ محمد رفعت

أول صوت يصلنا عبر الراديو

في عام 1934م، كان ميلاد الإذاعة في مصر، وتم افتتاح الإرسال بصوت الشيخ محمد رفعت، وهو يرتل الآية القرآنية «إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا»، وهكذا كان صوته هو أول صوت يصل لأذان المصريين عبر الإذاعة، ومنذ ذلك الوقت أصبح صوته مرتبطًا بيهم، وكان ملمح من ملامح الإذاعة المصرية، وتم التعاقد معه لتلاوة القرآن الكريم طوال شهر رمضان، مقابل مائة جنيه فقط، وفي نفس الوقت كان حيدر باشا قد قدم له عرضًا مغريًا لإحياء رمضان في الهند مقابل ثلاثة آلاف جنيه، ولكن الشيخ محمد رفعت رفض ذلك العرض، وفضل التواجد بين المصريين.

شيخ المنشدين محمد الفيومي .. الأزهري الذي جمع بين الغناء والإنشاد الديني

الشيخ محمد رفعت

الشيخ محمد رفعت صوت آذان رمضان

منذ ذلك العام، ارتبط صوت الشيخ محمد رفعت عند المصريين بشهر رمضان، وعندما طُلب منه تسجيل الأذان بصوته، اصبح ذلك الأذان هو العلامة المميزة لشهر رمضان على الإذاعة المصرية ومن بعدها التليفزيون المصري، وهو نفس الأذان الذي تستخدمه معظم القنوات الفضائية في رمضان حتى يومنا هذا، فما أن نسمع ذلك الصوت على التلفاز أو الراديو، إلا وتنتقل أرواحنا وقلوبنا إلى الروحانيات الرمضانية المميزة، ومن الأشياء التي ميزت أذان محمد رفعت بالإضافة إلى صوته، هو استخدامه لمقام السيكا، وقد جرت العادة أن يُرفع الأذان بمقام حجاز، لذا كان الأذان بصوت الشيخ محمد رفعت مختلفًا ومميزًا عن أي أذان آخر.

https://youtu.be/yvSJay9_-PI

إقرأ أيضا
مصاصي الدماء

وبعدما أسر محمد رفعت قلوب المصريين، قررت الإذاعات الأجنبية بث تسجيلاته لكي تجتذب المستمعين العرب المسلمين، وحقق الشيخ شهرة أجنبية لم يحققها من قبله أحد.

الشيخ محمد رفعت

نهاية الصوت الملائكي

في عام 1943م، أصيب المبتهل بسرطان الحنجرة، وعانى كثيرًا من ويلات ذلك المرض، وباع في سبيل العلاج كل ما يملكه، وهو ليس بالكثير بعد أن عاش طوال حياته زاهدًا في المال، فقرر الكاتب الصحفي فكري أباظة أن ينشر صورة الشيخ الجليل ويطلب من محبيه التبرع لعلاجه، وبالفعل هرع المصريين للتبرع لعلاج الشيخ المحبب لقلوبهم، وكان مبلغ التبرعات ضخمًا للغاية، ولكن أبت عزة نفسه وكبرياءه عن قبول ذلك المبلغ، واستسلم لقدر الله وقضائه، وطلب أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة، وفي عام 1946م، تم منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليه، وكان يذهب إلى هناك كل يوم اثنين، ليقرأ ما تيسر من آيات القرآن الكريم، التي يسعفه صوته المريض على ذكرها، واستمر على ذلك المنوال ثلاث سنوات كاملة، حتى فارق الحياة يوم التاسع من مايو عام 1950م، والذي يُصادف يوم مولده أيضًا، ليخسر المصريين صوتًا عظيمًا وشيخًا جليلًا، الذي غاب عننا بجسده، ولكن صوته وروحه مازالا معلقان في قلوب جميع المصريين.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان