طارق مدكور وحميد الشاعري ولعبة الكراسي الموسيقية .. الجزء الأول
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يحلو لبعض الموسيقيين خصوصًا موزعي الموسيقى، أن يبرورا تأخر أو تعطل مسيرتهم الفنية بسبب ظهورهم في زمن “حميد الشاعري”، وأن الأبواب الفنية كانت موصدة تمامًا أمام ظهور إبداعهم لسيطرة حميد على أغلب مطربي الصف الأول والثاني، وهي إشكالية لا يمكن إنكارها بالكامل، لكن الحقيقة التى لا شك فيها، هي أن حميد لم يكن وحده داخل سباق التوزيع الموسيقي بل كانت هناك أسماء أخرى شقت لنفسها طرقًا فنية ونجحت فى مزاحمة حميد الشاعري بل وتفوقت عليه مرات عديدة.
لن أمل من تكرار فكرة أن حالة النوستالجيا التي تستثمر فيها الميديا حاليًا تم حصرها فى حميد وموسيقى الجيل فقط، متجاهلة عن عمد أو دون قصد أسماء كثيرة بعضها لازال محافظًا على تواجدها الفني حتى الأن، في ظل إختفاء حميد من الحياة الفنية مكتفيًا بأن يكون نجمًا للإعلانات التجارية أو ضيفًا متكررًا على تلك البرنامج التى تعيد إنتاج ماسبق بما يتفق مع مصالحها التجارية، ويبدو أن حملة الهجوم الشديدة التى طالته وقت ظهوره تحولت الأن لمحاولات لرد الإعتبار له رغم أنه لا يحتاج ذلك لكننا ندفع ثمنها الأن من ظهوره المتكرر الزائد عن الحد والحديث الذي لم ينته عن إبداعاته الفنية رغم أن فترة توهجه الفني لم تزد عن عشر سنوات متقطعة.
عندما يتم وضع حميد في مقارنة مع أحد من جيله من الموزعين لابد أن يتبادر إلى الذهن أسم واحد فقط هو “طارق مدكور” الذي استطاع أن يزاحم حميد في فترات كثيرة بل والتفوق عليه مرات عديدة ورغم أن حميد كانت أعماله ضعف أعمال مدكور تقريبًا لكن إهتمام مدكور بتطوير نفسه كان سببًا في تفوقه كثيرًا، بل ونجحت توزيعاته في أن تحل محل حميد وتنجح، قد يبرر البعض هذا النجاح في تشابه الأخراج الموسيقي بينهما حيث نفس إيقاع المقسوم الراقص ونفس الحليات بالـ إليكتريك جيتار لكن مدكور كان أفضل في الدخول الموسيقي وأكثر تماسكًا في اللزم الموسيقية .
“موعداني” محمد فؤاد توزيع طارق مدكور
“ايامنا” عمرو دياب توزيع حميد الشاعري
حميد ومدكور والبداية المختلفة لكليهما
تاريخيًا ظهر “حميد” الموزع قبل “مدكور” لكن ظهوره اقتصر على صوته فقط وفشلت أول توزيعاته في ألبوم “عيونها” في قصة معروفة للجميع، تحول حميد بعدها إلى فرقة يحي خليل التى وزعت ونفذت ألبوم “رحيل” ماعدا “وين أيامك وين” التى نجحت بشكل كبير مما جعل الشركة تعيده مرة أخرى لتوزيع ألبوماته، أما على مستوى السوق الغنائي فيسبقه “مدكور” فى الدخول إلى الوسط الغنائي كموزع من بوابة المطرب الشاب وقتها “عمرو دياب” بتوصية من الأب الروحي له “فتحي سلامة” والذى رشحه وهو لازال ابن السادسة عشر ليستكمل بقية ألبوم عمرو “غني من قلبك” فظهرت توزيعات مدكور على أغنيات “ايش حال الشجرة” و “ياليلة” والأخيرة كانت من ألحانه أيضًا، لم يستمر مدكور فى التعامل مع دياب الذي عاد لمحمد هلال في ألبوم “هلا هلا” ثم فتحي سلامة في ألبوم “خالصين”
اختلف الشكل الموسيقي لحميد مرات عديدة منذ البدايات أعتمد على اغنيات “ناصر المزداوي” وبعض الفرق الليبية وفرق المغرب العربي، كانت موسيقاه أبطأ وأهدى كثيرًا، تعتمد في صياغتها على أشكال موسيقية متعددة من الروك والجاز وكان يستخدم في تنفيذ موسيقاه اَلات موسيقية حية فنجد حضورًا قويَا للدرامز والجيتارات بأنواعها حتى صولوهات الكي بوردز كانت متماسكة وظل حميد لا يلجأ إلى استخدام المقسوم إلا في حدود ضيقة جدًا، على عكسه تمامًا بدأ مدكور في تنفيذ شكل جديد مستمدة روحه من “فتحي سلامة”
“سنين” غناء و توزيع “حميد الشاعري”
“ايش حال الشجرة” عمرو دياب توزيع “طارق مدكور”
حميد و المزداوية وبداية موسيقى الجيل.
بدأت أولى تجارب حميد التوزيعية صحبة الحاج أحمد منيب في ألبوم “مشتاقين” والذى رفع من أسهمه كثيرًا سرعان ما استثمر ذلك وبدأ لمعان أسم المزداوية كعلامة مميزة لفرقة حميد الشاعري وبدأ تدشين ما يعرف بموسيقى الجيل فظهر الأسم على ألبومات “مرسال” لعلاء عبد الخالق “عنيكي سلاح” لإبراهيم عبد القادر و”حكتبلك” لفارس الذي يعتبر واحد من أعظم ماوزع ونفذ “حميد” في تاريخه الفني .
“عدي” غناء “فارس” توزيع “حميد الشاعري”
نجح حميد في فرض أسمه على السوق الغنائي في ظل إنشغال مدكور باستكمال دراسته الموسيقية ، وأن هذا لم يمنع مدكور من ان يزاحمه في العديد من الألبومات مثل “بسمة” و”بنوته” لحنان بل وتفوق عليه فنيًا في ألبوم “أحمد الحجار” حنين بعد نجاح مدوي لأغنية “عود” والتى تعد أشهر أغنيات “أحمد الحجار” حتى الأن.
“عود” غناء “أحمد الحجار” توزيع “طارق مدكور”
إنقلاب أم ثورة موسيقية ؟
تغيرت الخريطة الفنية للموزعين الموسيقيين في عام 1988 بعد النجاح المدوي لألبومي “ميال” و ” لولاكي” والأخير وزعه حميد بالكامل مع أربعة أغنيات في ألبوم “ميال” والصادم في الموضوع أن الأغنيات الأربعة لم يكن من ضمنها أغنية “ميال” اشهر أغنيات الألبوم، أشترك مدكور بأغنية واحدة فقط في ألبوم “ميال” وكان نصيب “فتحي سلامة” ثلاث أغنيات لكن النجاح كله ذهب وياللعجب لحميد الشاعري، أثار ذلك غضب “سلامة” الذى قرر التفرغ إلى فرقته “شرقيات” مفسحًا الطريق أمام حميد الشاعري لكي يحتل السوق الغنائي بأكمله.
ليلة غناء “عمرو دياب” توزيع “طارق مدكور”
أول ما اقول غناء عمرو دياب لحن وتوزيع “حميد الشاعري”
في تلك الفترة كانت تثار عدة تساؤلات عن تعاملات الفنانين مع بعضهما البعض، ومن أهم تلك التساؤلات هي إحجام منير عن التعامل مع حميد الشاعري بعد النجاح الكبير الذى حققه ورغم أن منير كان أول من قدمه فنيًا في ألبوم “إتكلمي”
الطريق غناء “محمد منير” وألحان “حميد الشاعري”
بحسب ملاك شركة سونار في أحد الحوارات كانوا قد اتخذوا قرار بأن يبتعد حميد عن ألبومات منير لوجود فرقة يحي خليل على أن يتولى حميد توزيع ألبومات بقية المطربين، لكن بعد الإنفصال عن الشركة كانت الفرصة متاحة وبحسب بعض المصادر التى أكدت أن منير كان لا يحبذ التعامل مع حميد في ظل النجاح المتوهج لأسباب عديدة أهمها الابتعاد عن سهام النقاد والتى كانت تصب غضبها على حميد وما يقدمه من موسيقى أيضًا مشروع منير الخاص جدًا والذى لن يحبذ منير أن يكتب على غلاف ألبومه “موسيقى الجيل” فضل منير أن يبتعد عن الأمر برمته وأن كان يريد أن يقترب أكثر من الجمهور فوجد ضالته في “مدكور” العائد من أمريكا بعد دراسة الموسيقي بها .
استعان “منير” بمدكور في ألبوم شيكولاته في أغنيتين “مش جرئ” و” العمارة” ووضح أسلوب مدكور المعتمد على أوركسترا الفرد الواحد بعزفه المتمكن على الكي بورد وإعطاء لنفسه الفرصة لكي يبرز إمكانياته بالارتجال في العزف داخل الأغنيات
مش جرئ غناء “محمد منير” توزيع” طارق مدكور
نجح مدكور في الإختبار مما جعل منير يضع ثقته فيه في الألبوم التالي “أسكندرية” بتوزيع خمس أغنيات مرة واحدة ، ثم كانت التجربة الأهم مع منير في إعادة توزيع بعض الأغنيات القديمة في ألبومي “مشوار 1و2”
تعالى نلضم أسامينا غناء “محمد منير” توزيع “طارق مدكور”
في الوقت الذي كان “مدكور” يسير بتأني نحو صناعة مسيرة مهمة لنفسه، كان أسم حميد يطبع على أغلفة الألبومات إلى جانب المطرب لضمانة تسويق الألبوم تجاريًا.
حميد لم يكن يريد ترك بصمة بقدر ما كان يريد إغاظة مهاجميه فكان يصنع موسيقى إستهلاكية دون أي تجويد ويكفي أن نقول أن هناك ألبومات كانت كلها تشبه بعضها فقط مايختلف فيها هو صوت المطرب، حتى مطربي موسيقى الجيل كانوا يجتمعون داخل الأستوديو لا يعرفون من سيسجل موسيقاه أولًا لإزدحام جدول حميد الشاعري، في الوقت الذي كان مدكور يبني لنفسه أسلوبًا يحافظ على الشكل القريب من الجمهور ولكن أكثر جودة من ناحية اللزم الموسيقية و الهارمونيات وبدأ مدكور منافسة حقيقية لحميد الذى كان يوزع ألبومات “عمرو دياب” في الوقت الذي كان يوزع مدكور ألبومات المنافس الأول له “محمد فؤاد” وكانت النجومية والنجاح تتبادل بينهما، لكن النجاح الأهم لمدكور كان مع صوت “علاء عبد الخالق ” الذي بدأ اللمعان مع حميد ونجح مدكور في وضع بصمته على ألبومي “هتعرفيني”و” اتغيرتي” ونجح في إكتساح السوق بأغنية “داري رموشك” والتي نجحت نجاحًا مدهشًا.
داري رموشك غناء “علاء عبد الخالق” توزيع “طارق مدكور”
في الجزء الثاني إيقاف حميد عن العمل، وتخلي بعض مطربي موسيقى الجيل عنه ولجوء بعضهم إلي مدكور ثم العودة مرة أخري لاكتساح السوق مع عمرو دياب ثم الخروج إلى الوطن العربي لاكتشاف أصوات أخري .
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
علي الرغم من هجومك الواضح والصريح علي حميد الشاعري وتلميعك لموزع موسيقي باهت وليس له لون أو طعم أو رائحه وهو طارق مدكور وتمجيدك للإخراج الموسيقي الذي نفذه في زمن موسيقي الجيل إلا إنني أري أن حميد الشاعري ظاهره فنيه موسيقيه شامله لن تتكرر ويكفي أن المقسوم الذي صنعه حميد هو مايفعله المدكور وباقي الموزعين ولكن يظل الكابو هو صاحب الطريقه والأستاذ وماهم إلا تلاميذ وده بشهادة عمرو دياب نفسه والذي عمل مع مدكور أكثر من حميد..
أنني أيقن وبلا شك إنك لم تسمع أعمال حميد مع علاء عبد الخالق أو حنان أو حتي دياب نفسه.
ويكفي أن تستمع لأغنية صبري عليك طال لرجاء بن مليح وشوف من خلالها بس عمل شكل موسيقي لا يفعله أشباه النجوم مثل مدكورك الذي كان في زمن توهج موسيقي الجيل ما إلا مساعد لحميد وأنظر لها في ألبومات المزداويه الأولي لتري مدكورك في أي مكان في أغلفة الألبومات
وأخيراً المقسوم الذي يقلده طارق والشله معروف في عالم الموسيقي بإسم مقسوم حميد وهذا يكفي إن تراجع نفسك وتستمع بأذنك وليس بمذاجك المدكوري
معلش كمان نسيت أقول لحضرتك ليه ألبوم ميال نجح بحميد لو سمعت ليله لطارق مدكور هتلاقي نفس أسلوب إيش حال الشجره اللي وزعها في غني من قلبك
وكمان حميد كان المنفذ ومهندس صوت والمعد الكامل للألبوم…
ولو حقيقي عاوز تقارن بين إبداع حميد وتقليد طارق ممكن تسمع مال الشوق لعلي حميده بالتوزيعين وهتلاقي توزيع حميد في ألبوم نجوم الشرق و توزيع طارق في ألبوم ناديلي
وكمان قارن بين التوزيعين في أغنية وبتقولي لهشام عباس
وأعمل تقريرك بحياديه ولا تنحاز لأحد وسأنتظرك