عالم اللانش بوكس.. نداء إلى الأمهات “ابنك مش مسافر”
على هامش بداية العام الدراسي الجديد تمتلأ المحال التجارية “السوبر ماركت” بكل المستلزمات المدرسية، وتتكدس الأمهات برفقة أبناءهن على هذا القسم بالتحديد لاختيار ما يحتاجون إليه من هذه المستلزمات، التي أصبح أهمها على الإطلاق هو “اللانش بوكس”.
وتدور حوله الكثير من النقاشات حيث قد يهتم الطفل بالشكل واللون فقط لكن الأم تظل تدقق وتبحث عن أيهم أفضل شكلًا ومتانة وحجمًا وبالأخص حجمًا حتى يتناسب مع الأفكار اللوذعية لمحتويات “اللانش بوكس” التي باتت تتناثر على القنوات الفضائية وصفحات السوشيال ميديا.
فالأمر لم يعد بسيطًا كما كان في زمننا حيث كانت الأمهات تحرص على إعطاء وجبة مغذية لأطفالها عند الذهاب للمدرسة، وكان من متعارف أنها تكون في الغالب”سندويتشات” وكلٌ قدر استطاعته، والغرض من هذه الوجبة هو إعطاء الطاقة اللازمة للطفل خلال يومه الدراسي حتى يتمكن من متابعة حصصه بنشاط جسدي وذهني وأداء تمارينه واللعب مع زملاؤه بحيوية.
الآن أصبحنا نرى صفحات ومقاطع فيديو على “الفيسبوك” تحت مسمى أفكار “اللانش بوكس”، وبرامج الطبخ الشهيرة تعلن عن أسبوع “اللانش بوكس” فيخرج كل طاهِ بما في جعبته من أفكار لم يسبق لها مثيل وكأن الأمر أصبح عويصًا.
فهذا يقترح احتواء “اللانش بوكس” على وجبات كالأرز أو المعكرونة مع كمية من الخضار والبروتينات كالدجاج أو اللحوم، وتلك ترى أنه من الأنسب أن تكون الوجبة سهلة التناول حتي لا تتسخ ملابس الطفل كعمل المعجنات مع وضع حبات من الخضروات أو الفواكه الطازجة وعلبة عصير، وتحول الأمر من وجبة من أجل تغذية صحية إلى معايرات بين صفوف الأولاد وبعضهم البعض، ومناوشات على “جروبات الماميز” من أجل ضياع “اللانش بوكس” أو كسرها من قِبل زميل في الفصل.
أصبح الأمر مبالغًا فيه دون أي مراعاة لمشاعر الطلاب ذوي الحال المتواضع الذين قد ينظرون إلى أقرانهم مشتهين ما معهم من طعام ، الذي من الصعب أن يستطيع آباءهم توفيره لهم، وبهذا قد يتحول هذا الطفل إلى إنسان ناقمٍ على بيئته، وللتوضيح لا أعمم هذا التأثير على كل الطبقات والفئات من الأطفال فعلى سبيل المثال جميع الطلاب في المدارس الدولية “الانترناشونال” أو الخاصة يكونون في مستوى اجتماعي متقارب لذا فهم لا يعانون من هذا الأثر السيئ بشكل كبير.
بالتأكيد “اللانش بوكس” في حقيبة الطالب أمر مهم للغاية وليس من الصحيح أبدًا إغفال هذه الوجبة أو الاعتماد على أطعمة الباعة المتجولين فهذا قد يعرض الطفل لبعض الأمراض أو على الأقل لن يحصل على التغذية الصحية السليمة وإذا لاحظ المسؤولون بالمدرسة كالمعلمين أو الأخصائيين إهمال في هذه المسألة وجب التنبيه على أولياء الأمور من أجل تنشئة سليمة للطفل، لكنه من الواجب على الأمهات النظر لوجبة “اللانش بوكس” بحكمة توازن بين الغذاء الصحي السليم، الذي يتحمل أكبر مدة ممكنة دون أن يتعرض للفساد، وبين البعد عن المبالغة في التحضيرات التي من المؤسف أنها تلقى في القمامة في الغالب، نداء إلى الأمهات “ابنك مش مسافر“.