همتك نعدل الكفة
1٬386   مشاهدة  

عبد الباسط حمودة.. الإمبراطور الأخير للعالم السفلي

عبد الباسط حمودة.. الإمبراطور الأخير للعالم السفلي


1

فجأة غاب الإمبراطور، ترك العرش خاليا للأخرين، تنكر في هيئة تاجر وظل يتجول بالأسواق، لم يكتفي فقط بكونه الأفضل او الأنجح على الساحة وقتها، لم تشغله حتى المنافسة بينه وبين الاخرين ولا الحروب التي تدور من حين لأخر في هذا العالم، ترك كل هذا ونزل للشارع، كمن أراد أن يؤكد سلطته وسطوته في الشارع قبل عالم الكاسيت، وترك الاستوديوهات للأخرين، ولكن لان غيبته طالت تربع اخر على العرش، ولكنه عاد، عاد مكتسحا كل ما ومن أمامه، عاده الإمبراطور ومعه شعبه ليجلس على العرش من جديد.

عبدالباسط حمودة، ذلك الطفل الأسمر الذي يسير في حواري حي أبو قير في الاسكندرية، فيجذبه صوت غناء ينبعث من أحد المقاهي فيرهف السمع ليحفظ الاغنية عن ظهر قلب ويغنيها، امر اعتيادي أليس كذلك ولكن للأسكندرية خصصويتها ومطربيها، فمصر كلها تضعر رشدي ومحمد قنديل في المقام الاول، الاسكندرية وحدها تضع عزت عوض الله وبحر أبو جريشة في المراكز الاولى، هذا ما تربى عليه الأمبراطور طفلا، فكانت المقاهي هي سقراطس الذي يعلم الأمبراطور ويؤدبه ويعطيه كل ما يستطيع من علوم ليتحول من مجرد طفل إلى إمبراطور.

وان كان لكل علم كهنوته الخاص، فكهنوت الغناء هو الموال، ألف مطرب قد يمر ويجرب أن يخوض في بحار فن الموال، ولكنه يمر عابرا غير مؤثر أو باقي، ولكن قد يأتي مطرب واحد ليسطر لنفسه حرفا جديدا في كهنوت الموال، فنجد محمد طه ومن قبله صالح عبدالحي، ومحمد عبدالمطلب، وغيرهم والاسكندرية تحديدا كان فيها عزت عوض الله رغم انه لم يكن له انتاج غنائي كثير إلا أنه امتلك كهنوت الموال في حنجرته، ذلك الكهنوت الذي لم يوافق على عدوية أو على حسن الاسمر ولكنه اعطى مفاتيحه لمحمد العزبي، وفتح ابوابه للإمبراطور.

YouTube player

2

حينما خلق العالم، قسمته كل الثقافات إلى قسمين، عالم علوى واخر سفلي، في اليونان سنجد سكان الأوليمب من الأله، بينما يقبع في العالم السفلي كل البشر بملوكهم، في كل الثقافات ستجد هذا التقسيم، ولكن على الأرض ايضا هناك عالمين سفلي وعلوي، ولكن هناك فارق بينهما واختلاف في الثقافة واللغة والتعبيرات، ولكل عالم حاكم وإمبراطوره الخاص، أو هذا كان الحال سابقا قبل ان تنحل الإمبراطوريات ويختلط الحابل بالنابل.

فقط وحده كان قادرا على الجلوس على العرش وارتقاء السلم، وحده كان قادرا على فتح ذلك الباب بين العالمين، لنجده بالأمس يغني في الأفراح الشعبية وفوق أسطح المنازل، واليوم يجلس على العرش ليساعد أبناء العالم العلوي في موسيقاهم، وحده عبدالباسط حمودة فتح ذلك الباب، ولم يفتحه الأن، بل فتحه مع أول ألبوم اطلقه والذي حمل عنوان “بدون مونتاج”الذي صدر في أواخر الثمانيات، ليصعد بصوته فقط ويعطي “كتف قانوني” لنجوم الساحة كلهم ولما لا والألبوم يحتوى على واحدة من اهم الاغاني الشعبية التي مازالت خالد إلى الأن ” إديني قلبك” وأيضا موال “انا الحزين”.

يتابع الامبراطور ضرباته المتواليه لتأتي ضربته الثانية أقوي واشد وأكثر تدعيما لعرشه، ألبوم جديد يطلقه المطرب الجديد، ليجعل الفارق بين العالمين يذوب أكثر واكثر ألبوم حمل واحدة من اسطاير الاغنيات الشعبية ” كلك عاجبني” هنا فقط يستعرض الامبراطور الأخير للعالم السفلي كل أسلحته، يتسعرض كيف يمكن ان تخرج عن القالب واللحن كيف يجعلك الاذن تعتاد تلك الضحكة التي يطلقها وسط الغناء، يتخذ من قلوبنا أسري لديه لنتحول من اسري لمؤيدين مخلصين لهذا الوافد الجديد.

إقرأ أيضا
أصابع البطاطس

4 ضربات متواليه كانت سبب في تدعيم عرش الرجل عبد الباسط حمودة كان أخرهم ألبوم ليالي، ليقرر الإمبراطور النزول من على العرش طواعيه، لا أحد تخيل للحظة أن يرحل الامبراطور، ان يتوقف عبدالباسط حمودة عن تسجيل الألبومات، وكأنما ارهقته الأضواء او افتقد شعبه بعدما جلس على العرش، ليعود لهم في الأفراح الشعبية، ليسير بينهم يفهمهم ويجلس بينهم يتابع أخرون يصعدون على العرش ويسقطون سريعا.

12 عاما قضاها عبد الباسط حمودة بعيدا عن عرشه قبل ان يمل من صعود أنصاف الأباطرة إلى سدة الحكم، فيقرر العودة، ولم يكن يحتاج أكثر من مجرد قرار، قرار بألبوم جديد، وكمان اسم الألبوم على مسمى ” ضربة معلم” عاد الجميع غلى اماكنهم وظل وحده هو الأمبراطور الاخير للعالم السفلي، حتى بعدما تفكك العالم السفلي وسقط الجدار بين العالمين كان الإمبراطور حاضرا وبقوة، فذلك الصولجان له وحده، هو الوريث الشرعي لذلك العالم.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
9
أحزنني
0
أعجبني
6
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان