عبد المنعم إبراهيم صادق كأنه لو كدب هيموت
-
كيرلس داود
كاتب نجم جديد
” وكم ذا بمصر من المضحكات .. لكنه ضحك كالبكا”
في واحدة من أعظم العبارات التي وصف بها المتنبي أرض مصر .
تلك الضاحكة المجروحة الشابة أبد الدهر، الشائخة منذ يوم مولدها كحد تعبير الشاعر أحمد فؤاد نجم “الزمن شاب وانت شابة ، هو رايح وإنتي جاية”.
تلك الحالة التي صور بها المتنبي مصر والمصريين تنطبق كليًا عن هذا الوجه الضاحك العابس في نفس الآن شأنه كشأن كل المصريين بشرة سمراء لأن الشمس لفحتها تجاعيد بفعل الهموم التي تثقل الروح عينان لامعتان ينطفئان من أبسط حزن يمر بجانبها و روح مرحة كطبيعة أرضنا الحبيبة التي عشقت النبات والطين والغناء والشعر إنه عبد المنعم إبراهيم الذي أتحداك وإن شئت أن تجد إثنين فقط يختلفون على الحب الفطري لهذا الرجل وإن كانوا لا يعلموا سبب الحب العظيم لهذا الرجل ف أنا أيضًا لا أعلم السبب الحقيقي لحبي لهذا الفنان العظيم الصادق الذي والله لو اختار الصدق أن يتجسد في شكل إنسان لعله لا يجد أفضل من عبد المنعم إبراهيم الذي يشعرك كل لحظة تراه فيها على الشاشة إنه ليس بداخل ستوديو تصوير إنما هو شخص يصور أحداث يومه العادي وينقلها إليك.
ولا بيوصل ولا بيتوه ولا بيرجع ولا بيغيب .. عبد المنعم إبراهيم
أتعجب كثيرًا حينما أسمع تلك الأغنية لمحمد منير وأجد أمامي هذا الفنان العظيم عبد المنعم إبراهيم متجسدًا في خيالي وكأنه هو النيل الذي يغني له محمد منير .
اقرأ أيضًا
كيف أدى فيلم غرام في الكرنك إلى إحالة عبدالمنعم إبراهيم للتحقيق ؟
أقسم إنني لم أر إنسانًا ترتسم على وجهه هموم الدنيا بالكامل عندما يضحك سوى عبد المنعم إبراهيم وكأنه ضحك خارج من روح مثقلة بالهموم وإبتسامة عجوز مرهقة لازمته طوال حياته.
كيف لك أن تصدق أن ” ياسين ” في ملحمة الثلاثية الخالدة هو نفسه “شيخ الغفر ” في الزوجة الثانية ف هم شخصين بوجه واحد يحملان نفس الهم ونفس القهر ونفس البؤس وعجب العجاب يتمثل في استطاعة هذا الفنان أن يخرج كوميديا مختلفة من الشخصيتين تمامًا بل ويخرج مشاعر حزن مختلفة وإن كانت أسباب الحزن واحدة .
كيف يمكن لك أن تنسى فيلم مثل إشاعة حب لكنك لا تستطيع نسيان “كدا برضه يا سونة يا خاين ” كيف حجز لنفسه أصلاً مكانًا في كل هذا الزخم الكوميدي في الفيلم بشخصية مقحمة من الأساس على السيناريو إن تم مسحها بالكامل لن يتأثر قوام الفيلم.
كيف يمكن أن يتكرر عبد المنعم إبراهيم إن الموهبة وحدها لا تكفي ولا العمل الشاق ولا ورش التمثيل ولا التدريب المسألة كلها كيف نحصل على ممثل بصدق عبد المنعم إبراهيم مرة أخرى.
رجل من تجليات تلك الأرض العظيمة التي أحبتهم وأحبوها ورفعوا اسمها عاليًا فخلدت أسماءهم في دفاتر الخلود الأرضي ، كيف يمكن أن يتخيل واهم أو كاره أو مدفوع أو ( جاهل ) بأن مصر لم تقدم فنًا حقيقيًا يومًا وكيف يمكن أن يتوهم كائنًا من كان أنه باستطاعته محو تاريخ الفن المصري.
من شاهد عبد المنعم إبراهيم وكثيرين مثله يعلم أنهم مصريين ويعلم أنهم لن يكونوا سوى مصريين ولم ينتموا يومًا إلا لتلك الأرض المقدسة.
الكاتب
-
كيرلس داود
كاتب نجم جديد