عبدالكريم الخطابي الأب “مسيرة منسية من النضال ظلمتها شهرة الإبن”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ترعرع عبدالكريم الخطابي الأب في مجتمعٍ فطن مبكرًا إلى أن كل الاستعمار واحد، فجميع البلاد التي تقع تحت الاحتلال الإنجليزي كانت تتعشم في فرنسا لتخلصهم والعكس كذلك، حتى وقع الاتفاق الودي سنة 1904 م بين لندن وباريس وعلى إثره فرح الفرنسيون بكعكة المغرب.
اقرأ أيضًا
تاريخ فن العيطة المغربية “الاستعمار يشوه الحرائر المهمشات”
بعد الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا بـ 3 سنوات قررت فرنسا إعطاء المغرب للإسبان، لتزداد حركة المقاومة داخل إقليم الريف المغربي مثل حركة الشريف محمد أمزبان، والشريف أحمد الريسوني ضد الفرنسيين والإسبان، وبعد مرحلتي أمزبان والريسوني ظهرت إلى السطح قبيلة بني ورياغل بقيادة قاضيها عبدالكريم الخطابي ونجليه أحمد ومحمد.
عبدالكريم الخطابي الأب
لا يوجد تاريخ محدد حول ميلاد عبدالكريم الخطابي لكن الثابت أن شهرة قبيلته جعلت السلطان المغربي يعينه قاضيًا للقضاة نظرًا لأنه فقيه وله مكانة كبيرة لدى أهل القبيلة، وهو الشيء نفسه الذي جعل الاستعمار يتعرف به.
بدأ المستكشفين الأوروبيين الذهاب للتنقيب عن المعادن في منطقة الريف التي يتزعهما عبدالكريم الخطابي وحدث تنافس بين الدول الأوروبية لفت نظر السلطات المغربية التي تحكم بالاسم.
أول من حاول استكشاف المعادن في إقليم الريف هما الأخوان مانسمان الألمانيان، واتصلوا بالقاضي عبدالكريم الخطابي الأب ليساعدهم لكنه لم يلبي نداءهم.
حاول الأخوان مانسمان بشتى الطرق أخذ عقد امتياز دون جدوى، إذ أن فرنسا رافضها وحليفتها الحكومة الإسبانية ترفض.
أدرك عبدالكريم الخطابي أن إقليم الريف يمتلك موارد اقتصادية تفتح شهية الاستعمار بخام الحديد، فقرر اقتباس العلوم الغربية وتعليهما لأهل بلدته.
لماذا تعاون عبدالكريم الخطابي مع الإسبان
قرر عبدالكريم الخطابي التعاون مع الحكومة الإسبانية لمساعدة رجال القبيلة في التنقيب، في سابقة مغايرة لرموز جيله من المقاومين.
يشير الدكتور جلال يحيى في ص 30 و 31 من الجزء 78 من موسوعة أعلام العرب الصادر عام 1968 م إلى أن عبدالقادر الأب اختار إسبانيا كدولة يمكنه التعاون معها لقربها من إقليمه وتقارب العادات والتقاليد الإسبانية مع قبائل الريف، وهذا التعاون وإن كان يخدم صالح الطرفين لكنه حفظ سيادة عبدالكريم الأب.
قرر عبدالكريم الخطابي الأب إرسال نجله الأصغر أحمد إلى ملقة في إسبانيا للدراسة ومنها إلى مدريد ليتخصص في هندسة المناجم والتعدين.
لم يستمر التفاهم بين عبدالكريم الخطابي الأب والسلطات الإسبانية للتنسيق الذي جمع مدريد مع باريس، حتى وقع الصدام سنة 1915 م حين أمرت الحكومة البريطانية القاضي عبدالكريم بالتواصل مع الجنرال خوردانا بصفته المندوب السامي، وهو ما رفضه الأب وأعلن النضال المسلح.
أعلن الأب عبدالكريم الخطابي الجهاد ضد الإسبان فخاض ضدها أكثر من 3 معارك كان آخرها بالقرب من تافارسيت سنة 1920 م، لكنه توفي قبلها ليخلفه ولده أحمد في النضال المسلح بينما تولى محمد أمور القبيلة.
استشهد أحمد عبدالكريم الخطابي بعد ذلك بسنوات قليلة إثر عملية اغتيال نفذها الإسبان، ليتولى شقيقه محمد عبدالكريم الخطابي مسؤولية المقاومة والحكم سنة 1921 م.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال