عبور القناة.. اللحظة الفارقة

1ـ أكتوبر 73.. حرب الكرامة

2ـ مكالمة قلبت موازين حياتي 

3ـ الهدوء يسيطر على شوارع تل أبيب والقيادة العسكرية تصل في اجتماع عاجل

4ـ جولدا مائير : لا نريد أن يقول عنّا المجتمع الدولي أننا من اعتدينا أولا على العرب 

5ـ مفاجأة انطلاق الغارات الجوية المصرية و ربكة تضرب صفوف إسرائيل

6ـ ضابط بالجيش المصري : لحظة عبور القناة فارقة

7ـ حرب لم يتصور أحد أنها ممكنة 

8ـ الخارجية الأمريكي: السادات مجنون وستدخل إسرائيل القاهرة لا محالة

9ـ القوات السورية تخترق هضبة الجولان وتقترب من الطرق لمؤدية لتل أبيب

6 أكتوبر العام 1973م، اليوم السبت الساعة السادسة صباحًا على ضفاف قناة السويس تصل القوارب التي يعبر بها الجنود المصريون للضفة الأخرى من القناة، حلم كل جندي في الجيش المصري أن يسترد كرامته باسترداد الأرض أصبح حقيقة .

مكالمة قلبت موازين حياتي 

العقيد “أسامة الصادق” قائد فرقة عسكرية بالجيش المصري يتحدث عن هذا بداية يوم الحرب قائلًا:” اليوم بدأ عاديًا لكن مكالمة من قائد الفرقة قلبت موازين حياتي وكنت حينها نقيبًا في القوات المسلحة. طلب القائد مني إرسال الجنود لتحمل القوارب التي سنعبر بها القناة على أساس أنها بطاطين .

واستكمل ” الصادق ” بعد هذه الكلمات شعرت و كأن قدمي لم تعد تحملني، وفي نَفسي جملة واحدة أُرددها بفرح وقلق ومشاعر عدة مختلفة لم يكن من بينها الخوف، و كان مفادها ” أخيرا هنعبر .. العبور والنصر قريب “.

الهدوء يسيطر على شوارع تل أبيب والقيادة العسكرية تصل في اجتماع عاجل

تل أبيب صباح السادس من أكتوبر  في اللحظة نفسها أي في السادسة صباحًا في لا تزال الشوارع خالية فاليوم يصادف يوم الغفران اليوم الأهم في السنة اليهودية، وهو يوم مخصص للصوم والصلاة وفيما بدأ الإسرائيليون يتوجهون إلى الكنيس وصل القادة الأبرز في الدولة اليهودية عند “جولدا مائير”.

الجميع على اطلاع على محتوى الرسالة التي وصلت من” أشرف مروان” ـ عميل الموساد السري ـ ، و من المتوقع أن يحصل الهجوم عند الساعة السادسة من بعد الظهر ما لم تقدم إسرائيل على خطوة دبلوماسية. يجهل “أشرف مروان” أن “السادات” قدم موعد الهجوم إلى الثانية ظهرًا، وبالتالي فإن الإسرائيليون بدورهم لا يعلمون ساعة الهجوم الحقيقة .

جولدا مائير : لا نريد أن يقول عنّا المجتمع الدولي أننا من اعتدينا أولا على العرب 

في تمام الثامنة وخمس دقائق بدأت لجنة شؤون الحرب اجتماعها وها هو”داود” رئيس الأركان يستهل الكلام قائلًا: إذا بدأت الحرب خلال عشر ساعات احتاج إلى تجنيد جنود الاحتياط أي سأحتاج إلى 200 ألف جندي، لكن وزير الدفاع” موشيه حايان” وزير الدفاع الإسرائلي قال: لا أوافقك الرأي إذا حشدنا كل هذا العدد سيبدو وكأننا المعتدون يكفي حشد 70 ألف جندي، و أضاف يمكننا أن نقدم ضربة استباقية، إذ يمكننا مهاجمة القوات السورية عند الظهر .

وعلقت رئيسة الوزراء “جولدا مائير” على هجوم سوريا، وقالت هذا مُغري لكنه مستحيل، و أضافت لا يصدق أحد أننا قومنا بالهجوم أولا للدفاع عن أنفسنا.  وعليه أسفر اجتماع شؤون الحرب الإسرائلية عن حشد 120 ألف جندي اليوم، والباقي في الغد وفقًا لتطور الوضع، وعليه فقد تم تبليغ جنود الاحتياط الـ120 ألفا الذين طلبهم داود خلال الاجتماع .

مفاجأة انطلاق الغارات الجوية المصرية وربكة تضرب صفوف إسرائيل

في القاهرة : دقت الساعة الثانية إلا ربعًا، وها هو “السادات” يدخل غرفة العمليات في المركز العاشر؛ المقر الرئيسي.. ينتظر ضباطه الأوامر.. التوتر في أَوجه لا يجرؤ أحد على الشرب أو التدخين لوقف حدته فنحن في نهار رمضان، وفي تلك اللحظات عند تمام الثانية أصدر” السادات” أمرًا إلى القوات الجوية بنش الهجوم. الآن بدأت الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة .

في جنوب سيناء على بعد بضعة كيلوا مترات من شرم الشيخ انطلقت صافرات الإنذار في القواعد الإسرائلية، وبحسب ” أمير ناشومي” نقيب في سلاح الجو الإسرائيلي قال:” سألت المراقب الجوي عمّا يحصل، ماذا يجري، فأجابني ننتظر أن تأتينا الأوامر من الأعلى وهذا يعني أنه ينتظر أوامر مباشرة من تل أبيب”.

و أضاف : أن المراقب قال إن هناك 20 طائرة مصرية تحلق فوق البحر، وتبعد عن قاعدتي بحوالي 30 كيلوا مترا، انطلقت و حتى لو لم أتلقى أوامر، و استكمل و قد فهمت لاحقا أن جولدا مائير قد أمرت بعدم شن أي ضربة استباقية. وتساءلتُ في ذهني ماذا يفعل هؤلاء الأغبياء الموجودين على بعد 400 كيلو متر من هنا .

في الوقت نفسه شمالًا على طول قناة السويس كل شي ساكن، ” أفي يافي” رقيب في جيش الاحتياط الإسرائيلي بتسجيل الأحاديث عبر الراديو بين مختلف الخنادق على طول خط بارليف. وعن تلك اللحظات ـ أعني لحظات ما قبل الضربة الجوية ـ يقول ” يافي” عند الواحدة 57 دقيقة اتصل بي العقيد ” شالوم شايف” و سألني هل سمعت شيئا فأجبته لا، وما هي إلا ثلاثون ثانية واتصل بي مجددًا وقال انظر إلى إلى الخارج”.

إقرأ أيضا

فات يناير .. السكر فين يا حكومة !

ضابط بالجيش المصري : لحظة عبور القناة فارقة

و من ناحية أخرى يقول العقيد ” أسامة الصادق ” أن لحظة عبور القوارب كانت فارقة، فكان لازمًا أن يعبر الجنود بـ22 قارب وسط الانفجارات و دخان الحرائق، إلى جانب خوفنا من انفجارات محتملة في خط بارليف، وإذا عبرنا عبر الثغرات فلا نعلم ما ينتظرنا من القتلة المجرمين بعد خط الدفاع.

وأضاف ” الصادق” استطعنا عبور القناة بالقوارب واستطعنا تسلق خط بارليف عن طريق السياج الحجري، ووضعت العلم المصري أعلى برليف وفي تلك اللحظة حدث ما لم أتوقعه، إذ أتفاجأ بشويش من كتيبتي يدعى” محمد” يسلط أنظاره على الرمال ولا يتحرك ينظر بدقة للرمل و وجدته يقول وكأنه يكلم حبيبته:” هوستينا بقالي ست سنين أبصلك و نفسي أجيلك.. اتحرمت منك بس أنا جتلك خلاص”، واستكمل الصادق كنت للحظات في حالة ذهول ولكن أعطيته الأوامر بقوة بالتحرك واستكمال المهمة فلم أتخيل الحوار والقذائف الإسرائيلبة من حولنا .

حرب لم يتصور أحد أنها ممكنة 

في أنحاء إسرائيل كلها أرخى الظهور ذيله، فقد بدأت حربا لم يتصور أحدا أنها ممكنة لتنتهي معها سنوات النشوة الجميلة التي أعقبت عام 1967م ، خرجت جولدا مائير في بيان عبر أثير الإذاعة الإسرائيلية قائلة:” أيها المواطنون الإسرائيليون ، اليوم عند الساعة الثانية من بعد الظهر شن الجيشان المصري والسوري هجومًا على أرضنا و قامت قواتهم بسلسلة من الهجمات على سيناء وهضبة الجولان و ها هي الآن القوات الإسرائيلية تكافح لصد هذا الهجوم ”

وزير الخارجية الأمريكي: السادات مجنون وستدخل إسرائيل القاهرة لا محالة

في البيت الأبيض كانت للمفاجأة وقع هائل فكسنجر لا يفهم ما الذي دفع “السادات” لأخذ مثل تلك الخطوة، وقال أن “السادات” مجنون لما خاطر وأقدم عليه فالإسرائيليون سيقضون عليه هذا مؤكد ، ولم يستبعد أن يسيطر الإسرائيليون على القاهرة في غضون أربع وعشرون ساعه. لكن كسنجر كان على خطأ إذ واصل الجيش المصري توسعه و لم يكن هناك أي مقاومة، وفقد تم تدبير الحصون 35 من خط بارليف أو محاصرتها خلال 24 ساعه اجتاز أكثر من 100 ألف جندي وألف دبابة قناة السويس .

القوات السورية تخترق هضبة الجولان وتشتت تركيز الجيش الإسرائيلي 

من الجانب الآخر خرقت القوات السورية الصفوف الإسرائيلية في أنحاء الجولان كلها وبالنسبة للدولة العبرية فهذه الجهة من هضبة الجولان تمثل تهديدًا أكثر خطورة لأنه إن سيطر السوريون على الهضبة فستفتح أمامهم الطرق المؤدية للطرق الإسرائيلية .

نحن في أيام الحرب الأولى هناك أحداث كثيرة ستحدث، أحداث ستغير مصير الشرق، فهل بقيت الغلبة لمصر وسوريا أم كان لإسرائيل والأمريكان رأي آخر، هذا ما سنتعرف عليه في تقرير قادم.