همتك نعدل الكفة
3٬421   مشاهدة  

“عزالدين أيبك”.. عاش كظل لشجر الدر على عرش مصر ومات بسبب طموحه

عز الدين أيبك


رحب  شعب مصر بفكرة أن يكون عز الدين أيبك ملكًا عليهم، على الرغم من كونه مملوك فهو وإن لم يكن مثاليًا في رأيهم لكنه أفضل من تولي امرأة الحكم، كما أن البديل من الأيوبيين في مصر غير موجود، فصار أيبك أول من حكم مصر من المماليك، والذي عاش فترة حكمه في ظل زوجته شجر الدر، ثم قتلته خوفًا من غدره بها.

زواجه من شجر الدر

درهم فضي من أيام عز الدين أيبك
درهم فضي من أيام عز الدين أيبك

بعد وفاة الملك الصالح ” نجم الدين بن الملك الكامل بن صلاح الدين الأيوبي “، أرسلت أرملته ” شجرالدر ” لابنه الأمير ” توران شاه ” لكى يتولى الحكم، فجاء من الشام وتولى الحكم وأتم النصر، ثم تنكر لها وهددها وطالبها بمال أبيه، وبدأ يخطط للتخلص من أمراء المماليك، فكانوا هم الأسبق وقتلوه واختاروا شجر الدر للحكم، وتولت شجرالدر زمام واستطاعت خلال ثمانين يوماً فقط هما مدة حكمها لمصر أن تصفي الوجود الصليبي تمامًا، وكان عهدها زاهيًا وزاهرًا، أظهرت خلاله قدرتها وجدارتها في الحكم، لكن بعد أشهر لقيت معارضة من علماء المسلمين، ورفض الخليفة العباسي المستعصم حكم امرأة وأرسل يقول: “إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلًا”، وبدأت المظاهرات تجوب البلاد والهتافات وغيرها.

اقرأ أيضًا 
يوكرونيا نهاية المماليك .. طومان باي في مرج دابق والغوري ينتظر

دبرت شجر الدر أمرها للزواج من أجل التنازل عن الحكم ظاهريًا وفي الباطن تكون هي الحاكم الفعلي للبلاد، وحتى تضمن ولاء المماليك، قررت أن تختار رجلًا منهم، ومن ثَمَّ اختارت رجلًا من المماليك اشتهر بينهم بالعزوف عن الصراع، والبعد عن الخلافات، والهدوء النسبي، وكلها صفات حميدة في نظر شجرالدر، فوجدت في “عزّ الدين أيبك التركماني الصالحي” ضالتها، وهو من المماليك الصالحية البحرية أي من مماليك زوجها الراحل الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولم تختر شجرة الدرّ رجلًا من المماليك الأقوياء أمثال فارس الدين أقطاي أو ركن الدين بيبرس، وذلك لتتمكن من الحكم بلا منازع.

المماليك
المماليك

تنازلت شجر الدر عن العرش له، وذلك بعد أن تزوجّت به، وقبل أن يعقد عليها اشترطت على أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده المنصور علي، وقبل الشعب في مصر بالوضع الجديد، واستقر الوضع نسبيًا، ويعتبر عزالدين أيبك أول حاكم مملوكي في مصر، وإن كان بعض المؤرخين يعتبر أن شجرالدرّ هي أُولى المماليك في حكم مصر، لأنها أصلًا مملوكة أو جارية، وبدأت شجرالدرّ تحكم من وراء الستار كما أرادت، وهي مؤيدة بالمماليك القوية، وخاصة فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس.

فرض نفوذه وقوته

قلعة الجبل من ناحية المقطم
قلعة الجبل من ناحية المقطم

يبدو أن ذكاء شجر الدرّ قد خانها عند اختيار ذلك الرجل، فالملك عز الدين أيبك لم يكن بالضعف الذي تخيلته، حيث أنه أدرك من أول لحظة مرامي الملكة المتنازلة عن العرش، وعرف خطورة المماليك البحرية في مصر وقوتهم، فبدأ يرتب أوراقه من جديد، ولكن في حذر شديد، وكان لديه من الذكاء بحيث إنه لم يصطدم بشجرالدر ولا بزعماء المماليك البحرية في أول أمره، بل بدأ يقوي من شأنه، ويعد عدته تدريجيًا، فبدأ يشتري المماليك الخاصة به، ويعد قوَّة مملوكية عسكرية تدين له هو شخصيًا بالولاء، وانتقى من مماليك مصر من يصلح لهذه المهمة، وكوّن ما يعرف في التاريخ بـ “المماليك المعزية” نسبة إليه المعز عز الدين أيبك، ووضع على رأس هذه المجموعة أبرز رجاله، وأقوى فرسانه، وأعظم أمرائه مطلقًا وهو “سيف الدين قطز”، ومع أن الملك المعز عزّ الدين أيبك نفسه من المماليك البحرية إلا أنه بدأ يحدث بينه وبينهم نفور شديد، فهو فيعلم مدى قوتهم وارتباطهم بكلمة زوجته التي لا تريد أن تعامله كملك بل كصورة ملك، وأما هم فلا شك أن عوامل شتى من الغيرة والحسد كانت تغلي في قلوبهم على هذا المملوك صاحب الكفاءات المحدودة في نظرهم الذي يجلس الآن على عرش مصر، ويُلقب بالملك أما هم فيلقبون بالمماليك، ورغم ذلك ظل الملك المعز هادئًا يعد عدته في رزانة، ويكثر من مماليكه في صمت.

نهاية الملك المعز

إقرأ أيضا
مسلسل بدون سابق إنذار
عملة من زمن شجر الدر
عملة من زمن شجر الدر

بعد فترة خلت الساحة لعز الدين أيبك، وبدأ يظهر قوته، ويبرز كلمته، وبدأ دور شجرالدرّ يقل، فقد اكتسب الملك المعز الخبرة اللازمة، وزادت قوة مماليكه المعزية، واستقرت الأوضاع في بلده، فرضي عنه شعبه، واعترف له الخليفة العباسي بالسيادة، وأخذ بعد ذلك يخطط لمستقبله ومن يورث العرش خاصة وأن شجرالدر لن تستطيع الانجاب لبلوغها الخمسين من عمرها، وزاد طموحه ليرسل إلي بدر الدين لؤلؤ حاكم الموصل يطلب منه أن يزوجه بابنته، لتسوء علاقته بشجرالدر التي غضبت أشد الغضب بعد علمها أنه ينوي استقبال العروس الجديدة في قصر القلعة.

وشعرت شجر الدر أن زوجها يخطط لاغتيالها مما جعلها تفكر في القضاء عليه وأمرت بقتله، وفي السابع عشر من أبريل عام 1257م، تم اغتيال السلطان عز الدين أيبك أثناء استحمامه داخل قلعة الجبل على أيدي عدد من الخدم ومات بعد أن حكم البلاد سبع سنوات، وأعلنت شجرالدر في الصباح التالي انه قد توفي فجأة أثناء الليل إلا أن المماليك بقيادة نائب السلطنة قطز لم يصدقوها واعترف الخدم تحت وطأة التعذيب بالمؤامرة فحاولوا قتلها إلا أنها تمكنت من الهروب إلى البرج الأحمر بالقلعة، وقام المماليك المعزية بتنصيب نور الدين بن أيبك سلطانًا على البلاد وكان صبيًا في الخامسة عشرة من العمر، وبعد بضعة أيام عثر على جثة شجرالدر ملقاة خارج القلعة بعد أن قتلها جواري أم المنصور نور الدين علي زوجة أيبك الاولى.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
6
أحزنني
2
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان