همتك نعدل الكفة
682   مشاهدة  

علاء ولي الدين.. أفضل ساذج في الكوميديا المصرية

علاء ولي الدين


كم ممثل قدم شخصية الساذج في السينما المصرية؟ لا ترهق نفسك في العد فتلك الشخصية أكلت عليها السينما المصرية وشربت خاصة الأفلام الكوميدية، بداية من علي الكسار وحتى نهاية العالم ستظل تلك الشخصية معين لا ينضب من الضحك، فقط الفيصل بين شخصية وأخري كيف تكتب وكيف تقدم، لذا تميز علاء ولي الدين.

اقرأ أيضًا 
“الفنان علاء ولي الدين” تخيل الجنة بالبرازيل ومات في الأضحى مشتاقًا لها

لست بصدد الحديث عن بدايته وأدواره الثانوية الصغيرة أو الكبيرة، تلك المساحة الضيقة التي لم يخرج علاء منها إلا بالبطولة المطلقة، فعلاء ظل حبيس نمط واحد فقط من الشخصيات طوال مسيرته قبل البطولة، شخصية الساذج الطفولي الذي نضحك على أفعاله التي لا تناسب مظهره، ولا يمكنني أن اذكر سوى دورين أو ثلاثة الآن هما ما خرج فيهما علاء على ذلك النمط دوره في فيلم عيون الصقر، ودوره في فيلم تفاحة ودوره في الإرهاب والكباب، وغن كانت السذاجة حاضرة فيهم ولكن ليس بنفس الطريقة الهزلية.

خارج الحدود

YouTube player

مع إسماعيلية رايح جاي أدرك أصحاب البصيرة من منتجي السينما أن رياحًا جديدة تأتي، وعليهم التعاون مع الكوميديانات الجدد، ملوك الأدوار الثانوية وقتها، بدأ الغيث بهنيدي، ثم علاء ولي الدين، وكلا منهم يقدم ممثلين جدد ليصبحوا نجومًا هنيدي قدم طارق لطفي والسقا وفتحي عبدالوهاب، بينما قدم علاء ولي الدين كريم عبدالعزيز وأحمد حلمي، ومن بعدهما محمد سعد، لا لم يكونا فريقين، بل تكاملا ليكون للكوميديا اليد العليا في السينما لسنوات متعاقبة.

محمد هنيدي وعلاء ولي الدين
محمد هنيدي وعلاء ولي الدين

الغريب، أن علاء ولي الدين قرر التمرد على شخصية الشاب الساذج للغاية في بطولته الأولى، لم يجنح للسلم والشخصية المعتادة، بل استغل المفارقة بين جسده وبين قصة الفيلم ليحقق الكوميديا، ليخرج من قالب الساذج لقالب الشاب العصري، ليلقي علاء ولي الدين أولى أوراقه ككوميديان يمكنه تقديم الكثير.

علاء ولي الدين

في عبود على الحدود، الذي كتبه أحمد عبدالله تخرج الكوميديا من التناقض، التناقض الشديد في كل شيء، في علاقة الأب وابنه وبخل الأب، في عمل عبود كمغني “كورال” في بار، في دخوله الجيش، تناقض أكثر نضجا من محاولات سابقة، تناقض استغل أدوات علاء الشكلية، ولم يطوّع المواقف لها، فقط طرح أحمد عبدالله سؤالًا ماذا لو دخل شابًا بدينًا الجيش؟ ومن السؤال نفسه جاءت الكوميديا، وفتح الباب.

الساذج صلاح الدين

YouTube player

الناظر ليس مجرد فيلمًا كوميديًا بل هو نموذج شديد النضج لاستغلال وتطوير الشخصية الساذجة، بعيدًا عن قيمة الفيلم الفنية العالية، وتحديدًا في الكتابة، وعلى الرغم من أنه أعاد علاء ولي الدين لعالم الشخصية الساذجة، ولكن -ويا للعجب- قدم أحمد عبدالله مبرر منطقي ومقنع لهذه السذاجة، بل الأهم أنه لم يترك البطل لسذاجته، بل جعله يتفاعل مع من هم حوله ليخرج منتصرًا على ساذجته وعليهم دونما أن يخسر طيبته.

ملامح رحلة بناء شخصية صلاح في الناظر، بانصياعه وراء والدته، ثم محاولة التمرد والفشل فيها، ثم التحدي الأكبر منه فالفشل ثم تصحيح المسار والنجاح، إذا جردت من كوميدياها ستجدها أشبه برحلة بطل شكسبيري، بطل لديه صديق مخلص وعدو شرير طامع ومرشد يقوًم رحلته.

YouTube player

وبعيدًا عن فنيات الفيلم، علاء ولي الدين جاء بكل ثقله في هذا الفيلم، ثلاث شخصيات مختلفة، صلاح والأب عاشور وجواهر الأم، وتلك الأخيرة كانت الأعظم في رأيي، أتقن علاء تلك الشخصية لدرجة أنها أستقلت عنه داخل الفيلم، فأنت كمشاهد لا ترى علاء وهو يمثل جواهر بل ترى فنانة جديدة تمثل الشخصية، الحقيقة أنك لن ترى لمحة واحدة من علاء ولي الدين الذي تعرفه في جواهر، فكأنما علاء نفسه انفصل عن نفسه، وخرج منه آخرُا ليقوم بالدور.

إقرأ أيضا
بطن الحوت

كوميديا التعالي

YouTube player

فشل فيلم ابن عز، لم يوفق علاء في رهانه، الفيلم أقل بكثير من عبود على الحدود، فمن الإجحاف مقارنته بالناظر، فالناظر لا يقارن إلا بالناظر من بين أفلام تلك الحقبة، ولكن نجاح ابن عز – إن حدث- كان باهتًا للغاية، ضعيفًا للغاية، مخيبًا للظنون، رغم أن التوليفة لم تتغير أحمد عبدالله كاتبًا وريف عرفة مخرجًا وعلاء بطلًا، ولكن سذاجة فريد عز الدين لم تكن مقبولة لأن بها من التعالي الكثير.

هذا هو فخ الناظر، فكوميديا العالمين المختلفين، عالم الأثرياء وعالم الفقراء بما فيها من تناقضات كثيرًا ما تنجح، ولكن أراد علاء وربما شريف عرفة وأحمد عبدالله أيضًا أن يبرروا سذاجة فريد بكونه جاهلا عما يحيط به بعالم الفقراء، فمع أداء علاء المبالغ فيه -كأبن عز- خرجت الكوميديا بها الكثير من التعالي، وهذا ما خلق حائطًا ثلجيًا بين الجمهور والفيلم، على الرغم من نجاح رهان شريف عرفة على محمود عزب كممثل، ولكننا لم نخرج من الفيلم سوى بأبو ليله بكلماته غير المفهومة وقصيدة بحبك يا أم عمرو -التي لازمتني طوال حياتي-  وتأكيد على أن محمود عزب يمتلك تحت ثوب المونولوجست ممثلًا لم نستثمره إلى الآن.

رحلة علاء ولي الدين القصيرة في عالم البطولة المطلقة، أثبتت شيئًا واحدًا أن علاء كان لديه الكثير ليقدمه، كان ممثل شديد الجرأة، قادر على المغامرة، والاستمرارية، وكان ممثل ينتمي لمدرسة الممثل البصمة لديه لزماته الحركية الثابتة، ولكنه يستطيع أن يقدم كل دور بشكل مختلف كليًا على الأخر، علاء ولي الدين في رأيي كان أفضل ساذج أنجبته الكوميديا المصرية.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان