عن إيمان أهل الجاهلية بوجود الله “كيف اجتمع مع عبادتهم للأصنام في وقت واحد ؟”
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تناقضات عديدة احتواها تاريخ أهل الجاهلية لكن تبقى العبادة هي أغرب ما في أمرهم قبل الإسلام، فالأصنام حول الكعبة كانت كثيرة، ومع ذلك كانوا يقولوا «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»، ومن هذه الآية يؤخذ أن أهل الجاهلية كانوا يعرفوا بوجود الله فلماذا عبدوا الأصنام.
آية الزمر ودليل إيمان أهل الجاهلية بوجود الله
تتكلم الآية 25 من سورة لقمان عن موقف أهل الجاهلية من وجود الله ومعرفته بأنه الخالق، حيث قال تعالى لنبيه وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وتثبت تلك الآية أنه رغم عبادتهم للأصنام لكنهم لم ينسوا وجود الله.
اقرأ أيضًا
مفهوم الحلف السياسي عند العرب في المجتمع الجاهلي “لماذا أحب النبي الفضول ؟”
تكلم الشيخ محمد أبو زهرة في كتاب خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم حول الوثنية العربية في العصر الجاهلي وتاريخها إذ قال «تفترق الوثنية الرومانية واليونانية عن وثنية العرب، إذ أن وثنية العرب فيها إيمان بالله، وإن لم يكن واحدانية، بل كانوا يشركون مع الله تعالى غيره، أما الاخرون فقد كانت نظرية الحلول تسرى فيهم، ولا يجيء فى وثنيتهم ذكر الله تعالى قط، والسبب الجوهرى فى هذه التفرقة أن الأصل عندهم هو التوحيد، كما تلقوه عن إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام، فكان بقية مما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب، كما قال تعالى فى كتابه الكريم وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ، فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».
شيء آخر في موقف أهل الجاهلية من الأصنام ووجود الله إذ كانوا يحاولون الجمع بين إيمانهم بالله تعالى وإيمانهم بالأوثان نقول أن إيمانهم بالأوثان لم يكن قويًا مستغرقا كما آل إليه أمرها عند الرومان، وخصوصا قبل البعث المحمدي، كما أن إيمانهم بالله تعالى لم يكن صحيحا، لأن الإيمان بالله لا يتحقق إلا إذا كان المؤمن يؤمن بواحدانيته لا يشرك به أحدا في ذاته ولا فى الخلق والتكوين، ولا فى العبادة، فلا عبادة إلا لله تعالى وحده.
اقرأ أيضًا
“ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر”.. من الزمان الغابر إلى إغواء إبليس للعرب!
أما السعدي في تفسيره لقولهم «مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى» أي: لترفع حوائجنا للّه، وتشفع لنا عنده، وإلا، فنحن نعلم أنها، لا تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئا، فهؤلاء، قد تركوا ما أمر اللّه به من الإخلاص، وتجرأوا على أعظم المحرمات، وهو الشرك، وقاسوا الذي ليس كمثله شيء، الملك العظيم، بالملوك، وزعموا بعقولهم الفاسدة ورأيهم السقيم، أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم إلا بوجهاء، وشفعاء، ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، ويستعطفونهم عليهم، ويمهدون لهم الأمر في ذلك، أن اللّه تعالى كذلك.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال