عن يوم عرض فيلم أولاد الذوات “كواليس أول عمل سينمائي ناطق في مصر”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تغير مسار السينما المصرية في عام 1932 م عندما عُرِض فيلم أولاد الذوات كأول عمل سينمائي ناطق في المحروسة يوم 14 مارس، وبعده بشهر عُرِض فيلم أنشودة الفؤاد كفيلم غنائي ناطق.
حول اختيار موضوع فيلم أولاد الذوات
تدور قصة فيلم أولاد الذوات حول حمدي بك الذي تزوج من زينب تلبيةً لرغبة أبيه الطامع في مالها، ثم أحب راقصة فرنسية اسمها جوليا وكشفتهما زينب خيانة زوجها لها في العوامة، وبعدها سافر إلى فرنسا وصار ثريًا وأصبح فريسة للمقامرين هناك، وبعدها تخونه المرأة الفرنسية ليقتلها ويهرب من السجن ويعود إلى مصر، ويبدأ تطور آخر في حياته.
لم يكن اختيار قصة فيلم أولاد الذوات هملاً، بل كان له دافع وطني حكاه يوسف وهبي «قصدت إني أجعل أول فيلم ناطق كرد على اتهام خطير، اتهمنا به أثناء محاكمة امرأة أفاقة قتلت شاب ثري مصري اسمه علي فهمي، هذه المرأة كانت امرأة اختارها هذا الشاب وتزوجها وضربته بالرصاص لأسباب مجهولة، وفي أثناء المحاكمة وقف المحامي مارش هول للدفاع عن هذه المرأة لاتهام الشرق بالرجعية والجهل، لا تغتروا بمظهر الشرقي عندما يرتدي الثياب الأجنبية، فهو يخفي تحتها نفسية وحش همجي تافه، واستطاع التأثير على المحكمة، فتم تبرئتها، أردت أن أجيب على هذه التهمة بأن أظهر العكس، فالكثيرات من الأفاقات الأجنبيات بتوقع في حبائلها بعض الشبان الأثرياء المصريين طمعًا في المال، وفي الحقيقة لا يراعوا كرامة ولا شرف ولا أمانة ولا وفاء، والفيلم أثار الجدل، وهاجمتني الصحافة الأجنبية هجوم كبير، وكانت بتجيلي مئات الرسائل، لكني كنت أتدفأ على تلك الرسائل».[1]
كواليس العمل في فيلم أولاد الذوات
بدأ العمل في فيلم أولاد الذوات ودام 5 أشهر بدأت في أول أكتوبر سنة 1931 م وانتهى العمل في فبراير من العام 1932 م، ليكون عرضه في 14 مارس من نفس العام.
اهتمت مجلة المصور بمتابعة مراحل عمل فيلم أولاد الذوات، حتى أعلنت عن انتهاء العمل منه، واصفةً مخرجه محمد كريم بـ الشاب الملتهب، وبطله يوسف وهبي بـ لم يضنِ بشيء من المال في سبيل جعله من أحسن الأفلام الناطقة، وقالت أن سينما رويال ستبدأ من يوم 14 مارس بعرض 4 حفلات في الساعة 10:30 صباحًا، و3:30 عصرًا، و60:30 و 9:30 مساءًا.[2]
لقي المشتغلون في الفيلم مصاعب جمة كان من بينها سقوط سعر الجنيه الاسترليني أثناء وجود الممثلين في باريس إذ نزل من 126 فرنك إلى 84 فرنك، في حين بلغت قيمة إيجار الموبيليات اللازمة هناك بمبلغ 300 جنيه مصري.
اقرأ أيضًا
” آل لاما ” ومأساة رواد السينما المصرية.. قضت عليهم الضرائب والديون والانتحار
كانت الفنانة بهيجة حافظ هي المرشحة لأداء الدول، لكن طلاقها جعلها لا تؤدي الدور، فاضطرت إدارة فرقة رمسيس لطلب أمينة رزق لأداء الدور مع دفع إيجار يومي للاستديو في باريس. [3]
يوم عرض فيلم أولاد الذوات .. التصفيق حار لهذا السبب
في الأسبوع الأول من عرض الفيلم في سينما رويال وصل عدد مشاهدي الفيلم في أسبوع واحد إلى 35 ألف متفرج، وكان الفيلم الوحيد الذي ظل يعرض 4 حفلات في اليوم.
مع العرض الأول للفيلم داخل مصر كان التصفيق حارًا في السينما لمدة دقائق بعد أن تم الاستماع إلى اللغة العربية.
أما العرض الخارجي الأول للفيلم خارج مصر فكان في فلسطين يوم 14 مايو 1932 من خلال سينما أدسون – القدس. [4]
تناول النقاد الفيلم باحتفاء كبير، ورغم تركيزهم على عيوب العمل، لكنهم لم يغفلوا جانبًا مهمًا وهو أهمية المخرج محمد كريم.
مجلة المصور قالت عن محمد كريم «يستحق الإشادة بذكره وتقدير عمله، ذلك العمل الذي لا يقل في نظر الشخص المحايد عن مثيله في غير مصر، ولعمري أنه ليس من أحد يستطيع أن يفضل فيلمًا مصريًا على أولاد الذوات، بل إني أستطيع القول بأنه أحسن من كثير الأفلام التي شاهدناها، ولكن يظهر أن اعتقادًا راسخًا في أدمغة كثيرين من المصريين يهيء لهم أن المصري أقل من زميله الأجنبي، فإن سألتهم الدليل وضعوا أصابعهم في آذانهم أو أجابوك “يا عم الإفرنج .. هو فيه أحسن من الإفرنج”، كلا يا سادة انزعوا من أدمغتكم تلك الفكرة البالية وجردوا أنفسكم من عوامل الغرض ثم انظروا إلى الشيء على ضوء الحقيقة الناصعة تروا أن بيننا من يفوق الأجانب في كثير من نواحي الحياة بهذه النظرة يستطيع المنصف أن يقدر عمل محمد كريم وأن يهز يده مصافحًا ومهنئًا».[5]
[1] برنامج سينما القاهرة، حلقة يوسف وهبي
[2] مجلة المصور، عدد 11 مارس 1932 م
[3] مجلة الكواكب، عدد 28 مارس 1932 م
[4] مجلة مرآة الشرق الفلسطينية، عدد 14 مايو 1932 م
[5] مجلة المصور، عدد 25 مارس 1932 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال