همتك نعدل الكفة
98   مشاهدة  

عندما اتهمت الصحافة دراما التسعينات الرمضانية بتكدير المزاج العام!

دراما رمضان في التسعينات
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



انبرت الأقلام الصحفية في كثير من الصحف بحقبة التسعينات بمهاجمة خريطة التليفزيون المصري، واتهمته ببث جرعة مكثفة من الحزن من خلال إنتاج عدد كبير من الأعمال التي تناقش فترات الاستعمار والقهر، ويعتبر أهم ما كتبته تلك الأقلام –في وقتها- ما كتبه الصحفي محمد محمود في جريدة الأحرار في العام 1998 ، وسرد أنه في العام الماضي كانت كل المسلسلات التليفزيونية في رمضان تتناول موضوعًا واحدًا وهو الفساد والاستبداد واستغلال النفوذ وتهريب المخدرات، ولإنعاش الذاكرة كانت مسلسلات العام الماضي حياة الجوهري، ضد التيار، الحاوي، وعندما بحثنا فيها عمل يسمى “بالكوميديا” لم نجد لها أثرًا .. فالمسؤولون عن التليفزيون وعن وضع الخريطة يرفضوت إدخالها إلى الشاشة الصغيرة في رمضان، ويتكرر نفس السيناريو سنويًا لكن بطريقة مختلفة .. فمائدة رمضان التليفزيونية مصابة هذا العام بالتخمة الدرامية ومه ذلك لا نجد للكوميديا نصيبًا عليها وكانت القائمة الدرامية تقتصر على تقديم وجبة كاملة من العكننة على الجمهور طوال ليالي الشهر الكريم والمتابع لأحداث المسلسلات التي تعرض على الشاشة الصغيرة يجدها تتحدث عن عصر الحكم الملكي وفترات الاستعمار وتؤكد هذه الأعمال على إن حربنا مع الإنجليز مازالت، وتتنقّل كاميرات هذه الأعمال عبر معتقلات القهر سواء من الاستعمار وأعوانه أو من الطبقات العليا ” طبقة الباشوات” ووسط كل ذلك عابت شمس “الكوميديا” وكأن جميع المؤلفين ومعهم المسؤولين عن التليفزيون عقدوا معاهدة لتغيير سمات الشعب المصري خفيف الظل إلى شعب نكدي يبحث عن أسوأ ما في ماضيه من قهر واستبداد وقلة حيلة.

مسلسل هوانم جاردن سيتي
مسلسل هوانم جاردن سيتي

 

ففي مسلسل “هوانم جاردن سيتي” نجد الكراهية والحقد وتدبير الدسائس داخل القصور الفخمة، والمطامع التي لا حد لها، ويرى المشاهد نفسه داخل صراعات بين طبقة الهوانم بمجوهراتهن التي تكاد تشمها من خلال الشاشة الصغيرة ومشاهد تدبير الدسائس، وفي النهاية يصاب مشاهدوا المسلسل بالكآبة، وهو ما يتأثر من خلال جمل تُتطَق أمامنا باللغة الفرنسية ويتنصل من لغته الجميلة.

 

أما عندما ننتقل إلى “زيزينيا” نجد نفسنا أما الاحتلال والجالية الإيطالية والصراعات حول المال والسلطة فلا ينتهي المشاهد من صراعات حتى يدخل في أخرى ولا يقتنع من داخله أن هناك صراعًا من أجل الحصول على لقب الباشا أو البيك .. فهذا أبعد ما يكون عن العالم الذي نحيا فيه الآن .

 

وفي مسلسل “الشارع الجديد”نجد مظاهرات الطلبة وتتصدى لها بنادق الإنجليز وبالطبع تفتح المعتقلات أبوابها لتستقبل كل من يتحدث عن مصر ولا تمر حلقة من الحلقات إلا ويقع فيها مصري صريع رصاص الإنجليز وتتدفق الدماء بسرعة إلى مشاهد الشاشة الصغيرة. وتتكرر نفس المشاهد والصراعات مع الباشوات وسلطة الاحتلال ولكن في مكان آخر وهو “جمهورية زفتى” فالباشا فيها يفرض سطوته على الجميع ، فهو الحاكم بأمره حتى القانون يخضع لأهوائه وسلطة الاحتلال ورجل الشرطة ما هو إلا عصا في يد المحتل، وأحداث المسلسل هي امتداد لصراعات وقوى الطغيان والظلم المسيطر على قوى الحق.

حكايات أبلة فضيلة
حكايات أبلة فضيلة

ويطل عليما الأخر نابليون بونابرت مرة أخرى ولكن في شكل “محمد وفيق”، ونعود للاحتلال الفرنسي، وقسوة المستعمر الأجنبي والإحساس بالقهر والصراعات .. وفي “سعد اليتيم” تستمر الصراعات ولكنها تظهر في صورة الأسود والحيوانات المفترسة ويتكرر العنف والدسائس ولكن بشكل آخر، ويذكرنا المسلسل بحكايات أبلة فضيلة .. ولم تكن المسلسلات الدينية هي الأخرى بعيدة عن الحروب والصراعات، ففي “القضاء في الإسلام” نجد الصراع على منصب القاضي، فهذا فقط يشعر المشاهد أنه بدا بالقرب من عصره وعالمه .. وهكذا الحال في مسلسل “عصر الأئمة” الذي لا نرى منه سوى الصراعات من أجل إرضاء الحاكم .. ويبقى السؤال .. ما هو الذنب الذي اقترفناه نحن فئة المشاهدين حتى يعكنن علينا تليفزيوننا الهُمام والمسؤولون عنه في الشهر الكريم؟ .. رحماك يا رب !

إقرأ أيضا
غلق المحال التجارية

 

الكاتب

  • دراما محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان