همتك نعدل الكفة
758   مشاهدة  

فليقل خيرا أو ليصمت.. لماذا يسلخ البشر بعضهم بعضا أحياء وموتى؟

فليقل خيرا أو ليصمت


نستيقظ كل يوم صباحا و نتصفح الأخبار عبر شاشات الموبايل أو أجهزة الكمبيوتر, لنأخذ جرعتنا اليومية من التطعيم الاجباري ضد مرض الإنسانية حتى نصبح متنمرين بالفطرة ونرى السلخ والجلد والتشريح والتعرية والوصم أمور في منتهى الطبيعية وبلا أي إنفعال ايجابي أو حتى سلبي .

إن مسؤولية الكتابة الصحافية تضعنا في مأزق بين أجنحة حرية التعبير ونيران خطاب البغض والكراهية وتشويه الآخر بهدف  أو بغير هدف. فما نراه عبر مواقع التواصل ومنصات المعلومات والأخبار يصل لحد الحروب التي تتاح فيها كل الأسلحة وتسقط فيها آلاف الضحايا.

 إن حق حرية التعبير معترف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولكننا إذا نظرنا في نص المادة 19 من العهد الدولي نجد الآتي:

” لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة” وأنه “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

وتضيف المادة ” أن ممارسة هذه الحقوق يستتبع “واجبات ومسؤوليات خاصة وأنه على ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود” عند الضرورة “لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم” أو ” لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”.

ومع ذلك..

فقد اعتدنا بشكل روتيني على مطالعة الأخبار والآراء في المواقع والمنصات الإلكترونية ، دون أن ننظر في توجهات هذه المواقع ومدى مصداقية معلوماتها أو مصادر الاخبار وقيمة الرأي المبني على حقائق ورؤية موضوعية.  وقد وصلنا لحد مرعب من التصديق والترويج و المساهمة السلبية في التضليل حتى دون أن ندري ، والجهل بالشئ بكل أسف لا يعفينا من المسؤولية.

بل وأصبحت آرائنا الشخصية نسخة من خطاب الكراهية المسكوب في آذاننا ليلا ونهارا.

مات فلان الفنان العظيم ، فلنترحم عليه.

لا تترحم عليه أنه من ملة اخرى .

نقلت فلانة المشهورة للمشفى في حالة صعبة

بلد مشاهير واللي مالوش ضهر يموت.

بأي منطق نتحاور؟  وبأي حق نصدر أحكامنا الدنيوية الدنيئة ؟

أنت مستهدف بأي حال من الأحوال كنت ،  في سرب القطيع فأنت جاهل مستأنس مستسلم للظلم. في قوائم التفكير خارج الصندوق فأنت مجنون مستعرض ومدعي.  لك ميول جنسية طبيعية فأنت شره جنسيا ومزواج . ليس لك ميول جنسية معروفة فأنت مثلى جنسيا وعليك تنصب اللعنات كلها. لك توجهات ثقافية معينة فأنت مدعي ومنسلخ الهوية وآفاق. لك هوية معروفة تظهر اعتزازك بها وتؤكد عليها طوال الوقت فأنت منافق مهووس او مغفل يصدق هراءات التاريخ.  نظامي مسالم فأنت جاهل من العبيد المستسلمة للظلم.  ثوري محاور ومناضل فأنت عميل من أعداء القوى المتربصة.  ثوري متهور فأنت إرهابي زنديق مدعي الإيمان وهدفك الترويع والتسلط.   مدافع عن الأخلاق ومنادي بهدم مظاهر الانحطاط والسوقية فأنت متزمت وعنصري ضد المهمشين والفقراء.  لك ميول فنية كلاسيكية فأنت متكبر متعجرف و مدعي الثقافة والفن .  لك ميول فنية شعبية او حديثة فأنت غريب الأطوار سوقي وعديم الذوق والاحساس.   تؤمن بالمساواة والعدل وتوزيع عادل للموارد يؤمن كرامة الإنسان البسيط  فأنت شيوعي متحذلق نزيل فقاعة هوائية.  تؤمن بأن الحرية الغير مشروطة التي هي قدمي المجتمع الصحي لا توجد فعليا على هذه الارض فأنت يساري متعفن يستعرض بعدد مرات دخوله الزنزانة…..وهكذا تصدر الأحكام بلا رحمة.

إقرأ أيضا
الكبير 8

نعم نحن مصنفين ومصدرين أحكام ومعذبين بشر وفاقدين انسانيتنا  و مدعيين السماحة والخلق.  نحن نصنف بشكل استقصائي ملعون. لماذا اصبحنا بكل هذا الكره والمشاعر السلبية والعنف بالتواصل لماذا يلطخ وجوهنا وأيدينا الحقد والبغض والتساخر. خطاب الحقد والكراهية يجذب  كل خيوط الماريونت التي تصنع المشهد المسرحي في مجتمع السماحة والفضيلة.

لقد أصبح التنمر والتمييز العنصري وخطاب الكراهية  بكل أسف تريند للمنصات الصحافية أكثر منه تصريحات لحسابات شخصية:

(الفنان فلان الهارب من مصر خاين وعميل، رجل الأعمال فلان في وضع مخل مع الفنانة فلانة ، ابن الفنان فلان متحول جنسيا ، احد اصدقاء اللاعب الشهير فلان يقر بانه مثلي جنسيا ، بعد انضمامه للجماعة المحظورة الفنان فلان يهرب لتركيا راعية التطرف الديني والمثلية الجنسية في ذات الوقت…..)

أصبحنا في مواجهة توجه عام وثقافة مجتمع . بأي ضمير صحفي وبأي حق بشري يتم اتهام البشر وختمهم  بالخزي ومحاكمتهم  دون أدلة  بسبب توجهاتهم السياسية والاجتماعية والجنسية المخالفة لما تراه الأصح بميزان توجهاتك انت؟  اذا انت راض بما اخترته لنفسك و منحك اياه ربك وتشعر بتميز وتفوق تجاه الآخرين , فاحمد ربك واكظم غيظك ولتترك للآخرين حرية الرضا والتعايش السلمي بما اختاروه لأنفسهم مثلك تماما. بل كن الأكرم وادعي لهم بالهداية علها تكون منجية لك أنت قبلهم.

منة عبد العزيز ومجتمعنا الذي أحب التمثيل بأجساد النساء!

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
16
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان