فن صناعة الأزمة .. من المستفيد الأكبر من تريند زكريا بطرس؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أتخيل أن رجلًا يرتدي بدلة سوداء ، ذو لحية شرّ من الشر ، قصيرة كانت أم طويلة ، يتحدث بالعربية المكسّرة ، ويقول : كيف سنصنع أزمة في الداخل المصري الآن ؟ .. وككل الأجندات المجهزة ، هناك ورقة منذ قديم الأزل والكثيرين من محاور المؤامرة تريد اللعب بهذه الورقة لإحراق المنضدة بأكملها ، ورقة الفتنة الطائفية ، تلك النار التي يحلم الأعداء بأن ستيقظون يومًا من النوم يجدوها قد أحرقت الأخضر واليابس .. التفكك من الداخل وشق الصف ، هذه أقصى أمانيهم .. تارة يلعبون على صناعة الفتنة بشكل مباشر ، وتارة يمررون لنا الساخرون من اللُحمة الوطنية حتى يفقدونها معناها .
من ضمن الفقرات الثابتة لصناعة الفتنة في مصر ، هو القمص الملعون – كما قال الدكتور محمد الباز – المدعو زكريا بطرس ، ذلك الذي يوجه خطابه الهزلي ضد الإسلام ورموزه ، والمسلمين بأفكارهم ، والحقيقة إن مثل هذه الفيديوهات التي يتم تداولها عنه ما هي إلا فيديوهات يجلبها المنتفعون من المنطقة المظلمة التي لا تشغل للمصريين بال من الأساس ، من القنوات الفئوية الموجهة نتيجة أجندة معينة سواء أكانت هنا أو هناك ، هذه الورقة يستخدمها صناع التريند أحيانًا للرد عليها ، فلا رد على شئ ليس له وجود ، مطلوب أولًا صناعة أزمة ما للرد عليها ، وما أكثر المختلين الذين يمكن أن يكونوا مادة خام لنسج مشكلة ليس لها أرضية حقيقية في المجتمع ، ولن أقول لك كما يقول الحالمين أن لابد أن يقبّل المسيحي المسلم ، والعكس ، حينما تقع عينه عليه ، من فرط الوحدة الوطنية .. لكني أستطيع أن أخبرك وبكل فخر أن المجتمع المصري الذي يبلغ حجمه مبلغ التنين ، لديه من عناصر وأد الفتنة أكثر من عناصر اشتعالها .. لديه من يحترمون عشرة العمر ، وونس الجار ، وكوب الشاي على القهوة ، أكثر من المتشددين في مختلف المناحي .
زكريا بطرس المطرود على يد الكنيسة المصرية ، وغير المعترف به من الأقباط في مصر ، لا يمثلهم ولا يمثلونه ، كما بادر كثيرين منهم بتبرئة ساحته من حديثه التافه .. المختل الكائن في المهر يثرثر فلا يسمعه أحد ، يحرق نفسه كي يجذب الانتباه فلا يلفت نظر أحد ، لم يفلح قديمًا في أن يوغر صدر طفل مسيحي ضد صديقه المسلم ، والعكس .. يحاول صناع الفتنة في زمن السوشيال ميديا إخراج ورقته من الفريزر .. وهي طريقة محفوظة ، تستيقظ صباحًا بلا قضية ليلًا ، تجد أن هاشتاج ما يحتل مواقع التواصل الاجتماعي ، أنت لا تعرف من أين جاء الهاشتاج ، وكثيرًا ما أجريت الأبحاث الخاصة بخريطة تحريك الهاشتاجات والتي يكون أغلبها من حسابات مزيفة ، مكررة ، وحسابات من خارج مصر .. فتنجرف عاطفتك الدينية المفروغ منها ، وتجد نفسك طرفًا في أزمة لم تكن في اهتماماتك من الأساس ، هكذا يتم تحريكك دون النظر عن إرادتك الداخلية التي غالبًا ما تكون ضد ما تفعله .. على كل ، نجح المصريون بالأمس في وأد الفتنة في مهدها قبل أن تتضخم وتأخذ شكل ديناصور يأكل الأخضر واليابس .. لكن الرجل الذي يرتدي بدلة سوداء ويتحدث العربية المكسّرة لازال يفكر فيما سيفعله غدًا .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال