“في مقاومة العقل السلفي” حكم احتفال المسلمين في رأس السنة الميلادية

مع كل عام تأتي فتاوى تمنع احتفال المسلمين في رأس السنة الميلادية وتهنئة بعضهم وتهنئة غير المسلمين كذلك.

اقرأ أيضًا 
حدث داخل الأندلس .. المسلمون تنافسوا مع المسيحيين في الاحتفال بعيد ميلاد المسيح

أنا أولى الناس بعيسى بن مريم

اتخذت لجنة الفتوى في الأزهر حديث «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» دليلاً على مشروعية الفرحة بميلاده، وكذلك تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء في هذه المناسبة أو في غيرها، وقالت الفتوى حول حكم احتفال المسلمين في رأس السنة الميلادية «لا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة في أعيادهم الإسلامية؛ حيث يقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا وليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله؛ قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبِرَّهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام؛ كل هذا مستحبٌّ شرعًا”.

حتى التهنئة حرموها !!

حرم كثير من غلاة السلفية الوهابية التهنئة بجملة كل عام وأنتم بخير وما شابهها من الجمل بحجة أنها حرام وفيها تشبه بالكفار عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».

اقرأ أيضًا
“قسوة قلب الوهابية مع أم النبي صلى الله عليه وسلم” لماذا يجردون اسمها من لقب السيدة“

والصحيح في هذا أن كل ما يقال بشأن بدعية التهنئة دعاوى باطلة لا سند لها من عقل أو نقل لأن الإسلام لم يقيد التهنئة بلفظ دون لفظ، أو حال دون حال، بل أمر بها على جهة العموم، ليشمل بذلك جوازها بكل لفظ يدل على معناها ومقصودها مما اعتاده الناس ودليل ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ؟ إِنِ اسْتَعَانَ بِكَ أَعَنْتَهُ، وَإِنِ اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِنِ افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ، وَإِنِ مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِنْ مَاتَ اتَّبَعْتَ جَنَازَتَهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ».

وذكرت دار الإفتاء أن العلماء اتفقوا على أنه ليس كل تَشَبُّهٍ بأهل الكتاب يكون حرامًا حتى يكون الفعل نفسه مذمومًا، وأنّ الأمر على التفصيل، بل ذكروا أن مِنَ التَّشَبُّه ما يكون ممدوحًا عليه فاعلُه، فمثلاً قال أبو المكارم نجم الدين الغزي العامري الشافعي في كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه “تنبيه: ما يُنْهَى عن التشبه فيه بأهل الكتاب هو: ما تلبسوا به مما نهاهم عنهم أنبياؤهم قبل نسخ دينهم، أو مما ابتدعوه ولم يكن مشروعًا ثم نُسِخ، فأما ما لم يقبل النسخ واتفقت عليه الأمم كالتوحيد وأصول العقائد المتفق عليها، فهذا دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا يصح النهي عنه بحال، وأما ما يقبل النسخ ولم يُنسَخْ كمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق.. فهذا يُتَشبَّه فيه بصالحي أهل الكتاب وغيرهم، ما لم يثبت في شريعتنا خلافه؛ كسجود التحية، فيُجتَنَب”.