في وداع سمير الإسكندراني “دخل إلى الغناء من تجويد القرآن وأسقط 5 خلايا للموساد”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم يكن الوصول إلى جمال عبدالناصر ومقابلته أمرًا سهلاً، لكن إصرار الشاب سمير الإسكندراني المريب لفت أنظار موظفي رئاسة الجمهورية خاصةً وأنه صرح «حياة الريس في خطر».
سمير الإسكندراني ابن الغورية الذي دخل إلى الغناء من تجويد القرآن
في الثامن من فبراير لعام 1938 م ولد الفنان سمير الإسكندراني في حي الغورية بمنطقة القاهرة الفاطمية، لأسرة وطنية نشأت على حب سعد زغلول ومصطفى كامل، أما هو فلم يلتحق بالعمل الوطني في طفولته كحال أبيه وإنما أراد اللحاق بسلم الفن فدخله عبر درجة الرسم وشيئًا فشيئًا وصل للغناء بعدما درس تجويد القرآن للتعرف على فن المقامات الموسيقية.
المشوار الفني للفنان سمير الإسكندراني بدأ عام 1966 بالأغنية الفرنسية «Strangers in the Night» لأحد أشهر مطربي النصف الأخير من القرن العشرين وهو فرانك سيناترا، ووقتها كان سمير الإسكندراني ضمن كورال الفرقة ثم تدرب على يد بوجوليني أحد الأوبراليين في إيطاليا.
بعد عام من أغنية «Strangers in the Night» غنى سمير الإسكندراني أغنية «يارب بلدي وحبايبي والمجتمع والناس»، والتي كانت إحدى أكثر الأغاني الوطنية التي تدعو للأمل في بلدٍ يعج بالألم من آلام النكسة.
حكاية الـ 5 خلايا تجسس
قصة سمير الإسكندراني لم تبدأ في الستينيات فلو كان عام 66 شهد الإنطلاقة الفنية فإن عام 1960 كان الأهم في مسيرته الشخصية وحتى مسيرة وطنه.
في يوم 17 يناير 1960 م أعلنت السلطات المصرية سقوط 5 خلايا جاسوسية اعترف عليهم جاسوسين هما مويس جود سوارد ورايموند دي بيترو وفرناندو دي بتشولا وهم عملاء لإسرائيل وكشفهم سمير الإسكندرية.
ضمت الخلية الأولى إبراهيم رشيد المحامي، أما الخلية الثانية فضمت محمد محمد مصطفى رزق وهو مشهور باسم «رشاد رزق» وكان يعمل مدير المستخدمين بشركة فورد بالإسكندرية، بينما الخلية الثالثة فكانت تضم نيقولا جورج لويس مصمم الفاترينات بشركة ملابس الأهرام فرع مصر الجديدة، وجورج استامايتو الموظف بمحلات جروبي وبوسط القاهرة، أما الخلية الرابعة فضمت محمد سامي عبدالعليم نافع ومرتضى التهامي، فيما كانت الخلية الخامسة تضم فؤاد محرم علي فهمي مساعد طيار بشركة مصر للطيران.
كان عمل الخلايا الخمسة يتلخص في اغتيال جمال عبدالناصر عن طريق دس سم بطيء المفعول له أثناء سفره، كذلك اغتيال المشير عبدالحكيم عامر.
كان سمير الإسكندراني في إيطاليا عام 1958 م وجذب انتباه شاب مصري من أصول يهودية لتحرره وتحدثه خمس لغات فعرض عليه تجنيده لجمع المعلومات من داخل مصر مقابل راتب كبير.
التواصل مع المخابرات المصرية ولقاء عبدالناصر
يحكي سمير الإسكندراني عن كواليس ذهابه للمخابرات المصرية بقوله «بمجرد أن وصلت الباخرة إلى الاسكندرية أخذت سيارة أجرة إلى القاهرة وذهبت فورًا لبيتي وبمجرد أن رآني والدي اندهش جدا، فحكيت له كل ما حدث لي وتعرضت له في ايطاليا فساعدني عن طريق صديق له سبق أن اشتري منه موبيليا وكان هذا الرجل وكيل المخابرات العامة فاتصلنا به وحكيت له ما مررت به ولكنه تحدث معي بعدم اكتراث وطلب مني أن أمر عليه وهو يضحك فقلت له أنني لن أمر عليه ولكنه إذا أراد أن يعرف الحقيقة فعليه ان يقابلني في جروبي وتكون معه سيدة تبدو كأنها زوجته، هنا تغيرت لهجة الرجل وبدا أكثر حزما لأنه أدرك أنني مدرب فعلا والأمر خطير».
اقرأ أيضًا
الأرمن وجمال عبدالناصر .. قصة خلية جاسوسية كشفتها المخابرات المصرية
تقابل سمير مع الرجل وكان معه امرأة وركبا سيارة فيات بيضاء والتقى باثنين من ضباط المخابرات في قصر القبة وطلبا منه التحدث لكنه رفض وقال حياة الرئيس في خطر، ولكن لم يجد أذنًا تسمع وظل شهر ونصف يتردد بين قصر عابدين ومبنى الرئاسة لمقابلة الرئيس دون جدوى، وبعد شهرين اتصلت به المخابرات المصرية وحددت له عنوانًا حيث فيلا بسيطة بمنطقة مصر الجديدة وهناك قابل عبدالناصر وحكى له عن كل ما جرى فطلب منه التنسيق مع صلاح نصر للعمل كعميل مزودج وفيما بعد سقطت الخلايا التجسسية وكانت فضيحة مدوية في تل أبيب أدت إلى استقالة مدير المخابرات الإسرائيلية.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال