همتك نعدل الكفة
603   مشاهدة  

قراءة تحليلية لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين (9) الرد على نظرية دار الكفر

الجاهلية عند سيد قطب
  • خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي

    كاتب نجم جديد



قضية دار الكفر ودار الإسلام تحدث عنها الدكتور أسامة الأزهري في الفصل الخامس في كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين.

رأي علماء الإسلام في نظرية الهجرة من دار الكفر

آية الهجرة
آية الهجرة

ذكر الشيخ أسامة الأزهري أن علماء المسلمين تناولوا مفهوم دار الكفر ودار الإسلام في الفقه الإسلامي وقسموا العالم إلى ديار إسلام وديار كفر والسبب وراء هذا التقسيم أو الباعث الذي كان حاضرًا في ذهن هؤلاء العلماء هو البحث في نطاق سريان الإحكام الشرعية بصورتها المستقرة وبيان ذلك أن العلماء كانوا يريدون من هذا التقسيم معرفة الأماكن التي سوف تطبق فيها الأحكام الشرعية والأماكن التي سوف يطبق فيها بعض الأحكام الاستثنائية.

ويرجع الأزهري ذلك إلى أن الإنسان المسلم حتما سوف ينتقل ويسافر ويحتك ويتفاعل مع العالم حوله على إختلاف فلسفاته واعتقاداته فإن كان إرتحاله وإقامته في وسط مسلم تسري فيه الأحكام الشرعية في العبادات والعقود والمعاملات فلا إشكال .

مسار رحلات ابن بطوطة الثلاثة
مسار رحلات ابن بطوطة الثلاثة

وضرب الأزهري مثال بالرحالة بن بطوطة الرحالة الشهير وأنه قد ارتحل من طنجة في أقصى الديار المغربية إلى الصين فكان يقوم بنشاطه البشري على اختلاف صوره في وسط مسلم تسري فيه الأحكام بأريحية.

وفي المقابل الإنسان سوف ينتقل ويعيش في بلاد غير المسلمين فيبيع ويشتري ويتفاعل مع هذا المجتمع المخالف له في العقيدة، فتنشأ في ذهنه كثير من الأسئلة حول تطبيق الأحكام الشرعية في هذه البلاد المختلفة عنه فكان لابد للفقيه أن يجتهد ويجد أحكام فقهية إستثنائية نابعة من أصل الوحي الشريف يصلح أن يعيش بها المسلم في هذه البلاد.

ولهذا نشأ الخلاف بين الفقهاء في تحديد مقومات للتفرقة بين المجتمعين فكان التعبير بدار الكفر ودار الإسلام هو التعبير المستقر في أذهان الفقهاء حينئذ ولم يكن هذا التعبير قد اكتسب السمعة السيئة الذي تداولته التيارات المتطرفة الآن فلم يكن هذا التعبير يدل عند الفقهاء على الصدام مع الآخر او التحقير من شأنهم بل على العكس كان تعبيرهم فقط للتفرقة عند وضعهم بعض الأحكام التي تتيح للمسلم أن يعيش وسط هذه المجتمعات المختلفة عنه في أمان وسلام لأن علاقة المسلم مع غير المسلم علاقة تفاعليه واسعة تعتمد على المدخل الفقهي والمدخل القيمي والأخلاقي.

وهذه الفكرة تشبه فكرة تقسيم الكرة الأرضية الى مناطق يتفاوت فيها التقسيم الزمني بنفس غرض تقسيمها مكانيًا (ديار كفر وديار إسلام) وهي معرفة الأحكام الفقهية المستقرة والمستثناة فمثلا بعض الدول يرون الشمس أمامهم 6 شهور معلقة فكيف يصلى المسلم الفجر وكيف يستطيع صيام رمضان وهكذا فجاء هذا التقسيم  ليضع أحكام استثنائية لهم.

فنفس الوضع في النطاق المكاني الذي من الممكن أن نقول فيه أن هناك منطقة في العالم يسري فيها أحكام الإسلام فالفقيه لا يجد بأس في تقنين الأحكام الشرعية بطريقة طبيعية وهناك منطقة يعيش فيها غير مسلمين يحتاج الفقيه إلى بذل مجهود ليجد حلول أخرى للمسلم الذي يعيش في هذا المجتمع وتسمى أحكام استثنائية، وكان مصطلح ديار الكفر لا يثير أي غضاضة وقتها فكان مدلوله لا يثير فتنة ولا تعصب بعكس ما حصل في زماننا من أصحاب التيارات المتطرفة.

سيد قطب وترسيخ نظرية دار الكفر التي قامت عليها التنظيمات الإرهابية

شجرة فكر سيد قطب
شجرة فكر سيد قطب

تغير مفهوم دار الكفر على يد سيد قطب وبسببه تحولت هذه الفكرة إلى باب شقاء على المسلمين والبشرية فجعل الناس يسيئون الظن بالفقهاء والعلماء بل أساءو الظن بالإسلام كله.

تحولت هذه القضية بدءًا من سيد قطب وشكري مصطفى ومحمد عبدالسلام فرج وانتهاءًا بتنظيم بداعش إلى مفهوم مختل وفلسفة مشوهة.

قال سيد قطب في الظلال أن العالم ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهم دار الإسلام  ودار الحرب، فدار الإسلام هي كل بلد تطبق أحكام الإسلام وتحكمه شريعته سواء كانوا أهله مسلمين أو مسلميين وذميين أو كان أهله كلهم ذميين وحكامه مسلمين .

أما دار الحرب تشمل كل بلد لا تطبق فيه أحكام الإسلام وشريعته سواء قالوا أنهم مسلمين أو قالوا أنهم غير مسلمين فالمعيار عند سيد قطب هو تطبيق الأحكام الإسلامية من عدمه.

فدار الإسلام الذي يطبق أحكام الشريعة هو مجتمع يستحق أن يصان فيه دماء أهله وينعموا فيه بالأمان ويتم تطبيق الحدود العقابية على المجرمين المعتدين على أموالهم وأعراضهم.

أما دار الحرب فليس من حق أهلها  أن ينعموا فيها بعيش واستقرار فأموالهم ودمائهم تصبح مباحه لانهم _في نظر قطب_ لم يطبقوا أحكام الإسلام فلا ينعموا بحماية الإسلام.

رد أسامة الأزهري على ما ذكره سيد قطب

الشيخ أسامة الأزهري
الشيخ أسامة الأزهري

وهذا الكلام يعلق عليه الأزهري بقوله أنه كلام في غاية الخطورة وأنه قد  نبعت منه تطبيقات جميع الجماعات المتطرفه الموجوده على الساحة الآن والتي صارت شوكة في ظهر الإسلام بسبب الصورة السيئة التي صدرتها للعالم عن الإسلام .

فدار الكفر عند سيد قطب وبسبب تعريفه المقيت لها أصبح هو عموم دول المسلمين فاعتدى عليهم بالتكفير وجعلهم أهل جاهلية وليس من حقهم ان يتمتعوا بآمان فأرواحهم ودمائهم مستباحة.

إقرأ أيضا
محمد عطية

يقول الأزهري أن هذا التصور المظلم المعقد المعذب نفسيا المفعم بالتشنج والعذاب والأسى لو جمعنا مفرداته ومكوناته لوجدنا داعش متجسده أمامنا، وقد  روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه”، فكيف يارسول الله بمن خرج على أمتك فكفرهم ورماهم بالشرك واستعلى عليهم وادعى هو وجماعته أنهم وحدهم أهل الإسلام وأن دينك وشرعك الذي هو رحمة للعالمين أصبح على يديهم عذابا للعالمين وشقاء لهم .

يقول الأزهرى : عندما نرى حديث كبر العلماء عن مفهوم الدراين والفارق بينهما وأحكامها ثم نرى كيف تحدث عنها هذا الجيل المعاصر فإننا نرى الفرق شاسع بين المنهج العلمي الدقيق الذي يستخرج ما في دين الله من رحمة وراحة وبين حالة افتقاد المنهج العلمي مما انعكست معه مقاصد الشريعة أو توشهت فتحولت إلى صراع وصدام .

فهذا التعبير دار الإسلام ودار الكفر كان سائغا في القرنين الثالث والرابع الهجري وكان تعبيراً سائغاً ومستقراً وليس فيه تعيير لأحد ومع تطور الفكر البشري بدأ يتحول إلى تعبير آخر يسمى بعلم العلاقات الدولية، فما فكر فيه أبو حنيفة والفقهاء الكبار في زمانهم تحت اسم دار الكفر ودار الإسلام تحول الآن إلى علم كامل له أصوله وفلسفته وقوانينه وأساتذته.

لذلك لما بدأ عدد من الباحثين ينظرون في كتاب السير الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني وهو من تلاميذ أبو حنيفة وجدوا أن هذا الكتاب قد وضع علم لإصول العلاقات بين الدول لذلك نشأت جمعية قانونية في باريس سنة 1968 باسم جمعية الشيباني تعتني بدراسة كتب هذا الإمام وكتابه المذكور وفلسفته في القانون الدولي ولكن بمصطلحات تليق بعصرنا  ويذكر أن أول كتب ظهر في أوروبا  يشبه كتاب الشيباني جاء بعده بستة قرون وظهرت بعد ذلك موسوعة العلاقات الدولية في الإسلام وهذه الموسوعة تتحدث عن أن ما فكر فيه الشيباني هو اليوم علم العلاقات الدولية.

لا تنسى .. قراءة موقع الميزان لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

تناولنا على موقع الميزان قراءة تحليلية لـ كتاب الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين بالدين بهذه التقارير القراءة الأولى شرحًا للمقدمة، فيما كانت القراءة الثانية شرحًا للفصل الأول من الكتاب بينما كانت القراءة الثالثة عن الحاكمية وتفسير سيد قطب، فيما ستكون القراءة الرابعة حول مخالفة سيد قطب لتفاسير العلماء حول الحاكمية التي بنى عليها نظريته لتكفير المجتمعات الإسلامية من خلالها.

وتناولت القراءة الخامسة الحديث النبوي الذي ينطبق معناه على سيد قطب والمتعلق بمسألة حفظه للقرآن دون فهم معناه ، أما القراءة السادسة فعن قصة مناظرة بن عباس للخوارج والتي تعتبر أهم مناظرة فكرية في التراث الإسلامي، أما القراءة السادسة فكانت حول مناظرة بن عباس والخوارج بينما القراءة السابعة فهي ما يمكن استنتاجه من المناظرة، بينما تناولت القراءة الثامنة الجاهلية وتكفير المسلمين ، بينما تناولت القراءة التاسعة حول أن البلاد الإسلامية بلاد كفر.

«يُتْبَع»

الكاتب

  • دار الكفر محمد سعد

    خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)
  • محض كذب وافتراء … ما ذكره سيد قطب رحمه الله عن واقع دار الكفر ودار الاسلام هو عين ما جاء به علماء الأمة الاعلام.. وما ألحقه الكاتب من تفسيرات ما هي الا مزيج هرطقات وكذب تميل حيث يميل حكام الأمة العملاء ….

    وكون المسلمين يعيشون البوم في دار الكفر حيث لا تطبق أحكام الاسلام تطبيقا كاملا شاملا في أي بلد من بلادهم ، فلزم العمل الى تحويلها الى دار اسلام بالطريقة الفكرية السياسية كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين أقام الدولة الاسلامية الاولى.

    واما الحركات التي انتهجت العنف فهي لا تخرج عن أنها صنيعة هذه الانظمة الملعونة لتشويه الاسلام وحرف أنظار المسلمين عن التغيير الحقيقي … فهي سيئة من سيئاتهم ولا تعدوا أنها صنيعة لهم.

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان