كبير المظاليم .. هداف الدوري المصري الحقيقي نائمًا على البلاط في الأسكندرية يا مصر
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ينظر خلسة إلى آخر زبون من زبائن محل البلايستيشن ، وقلبه يستعد للراحة ، الآن يمكنه النوم بعد ساعات طويلة من مراقبة الزبائن ، يريد أن يخلو محل صديقه إلا منه ، لا يملك أربعة حيطان يلجأ إليهم في هذا الشتاء السكندري القارص ، كنبة سمراء بالية حجمها صغير على جسده الفارع الضخم ، ينام هنا حتى الصباح حتى يستيقظ ويذهب إلى العمل !
إذا قرأت هذه المقدمة بالطبع ستفكر في أننا نتحدث عن أحد المشردين المظاليم ، الذين ينامون تحت شاحنات النقل الكبيرة في جراج التحرير ، أو أننا أمام رجل قد فقد عقله ويسير بين الشوارع ممسكًا بصافرة ويلبس الخيش وينتظر العطف من أصحاب الأفران ، أو أننا أمام مدمنًا عصرته الحياة بين قبضتيها لأنه لم يحترم نعمة الصحة وأضاعها في الفشنك .. لكن ماذا ستفعل إذا أخبرناك – عزيزي القارئ- أننا أمام رجلًا استثنائيًا ، نحن أمام هداف الدوري المصري الحقيقي .. العميد محمد داوود !
أطلقوه عليه “العميد” لأنه يلعب في دوري المظاليم لأكثر من عشرين عامًا ، حتى عمر الـ 43 ، الرجل الذي أحرز 288 هدف في مختلف الأندية ، كسر أرقام كبيرة في كرة القدم المصرية لم يكسرها من تجري خلفهم الصحف والكاميرات ليل نهار – ولمن لا يعرف أجواء دوريات المظاليم فإنها جحيم كرة القدم الحقيقي ومن الصعب أن تحقق كل هذه الأرقام إلا إذا كنت لاعب كبير – معنى هذا أننا أمام نجمًا كبيرًا لم تبتسم له الحياة حتى الآن … ما الذي حدث حتى يصل الحال بهذا الرجل الاستثنائي إلى هذا الشكل ؟
كان الرجل يعيش في شقة ملكًا لأحد أفراد عائلة زوجته ، حتى حدث خلافًا ، تطور حتى طردته زوجته من الشقة وأصبح بلا مأوى .. اتكأ على الأقرباء ، وأقرباء الأقرباء ، ساعده كثيرين حتى يتم تعطيل الانهيار الكامل من الناحية المادية إلا أن السقوط كان مدويًا لأبعد مدى .. الرجل سقط في بئر الإفلاس والاحتياج حتى أنه لجأ لإخبار الجميع بذلك ، وهو عزيز قوم الذي لم يلجأ لتلك الطريقة طوال حياته حتى أغلقت الدنيا أبوابها .
الآن نريد أن نهمس في أذن كبار نجوم كرة القدم في مصر ، الناس الذين نسمع يوميًا أنهم يتلقون الملايين نظير أداء أقل ما يقال عنه أنه (كحيان) على أرضية الملعب ، لكننا وبلا فخر صنعنا منهم نجومًا ملئ السمع والأبصار .. الآن لابد لهؤلاء من دورًا اجتماعيًا غفلوا عنه كثيرًا ، وأول مهمة من مهام الدور الاجتماعي للرياضيين في العالم كله هو المحافظة على الزملاء من غدر الزمن ، وخاصة إن كانوا هؤلاء الزملاء نجومًا لكن الزمن جار عليهم كما يجور – في أي لحظة- على أحدنا
زلاتان إبراهيموفيتش ومحمد داوود .. ظروف مشتركة ومصير مختلف
يقول نجم السويد ، وأسطورة الأساطير ، زلاتان إبراهيموفيتش : عندما كنت في بداية مسيرتي الاحترافية ، حيث الذهاب إلى فريق أياكس الهولندي كان بمثابة حلمًا كبيرًا لي ، وجدت أنني لا أمتلك ساندوتشًا واحدًا لآكله ، ولا حتى كوبًا من العصير ، ضاقت بي الدنيا حتى اتصلت بزميلي اللاعب ماكسويل ، حينها قال لي : أجمع ملابسك .. ستأتي للعيش معي ، وسأتكفل بك حتى تستلم أول راتب لديك من النادي .. وبالفعل قد حدث حتى وقفت مرة أخرى على قدمي! إذًا .. من فيكم سيساعد زميله الذي يفترش البلاط يا كباتن الأهلي والزمالك والاسماعيلي والاتحاد والمحلة من فيكم سينقذ العميد الذي ساهم في أن يلعب كثيرين منكم في الممتاز ، من فيكم سيحاول توفير أربعة حيطان فقط حتى يستعيد الرجل عافيته مرة أخرى ؟!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال