كيرة والجن .. السينما الصح

جلست في القاعة بداخلي هواجس ومخاوف أن نجد مستوى مخيب، او فيلم استهلاكي تم تنفيذه على عجالة، ولكن مع أول لقطة ومع أول إضاءة للشاشة تجد نفسك مبهور ومأخوذ داخل قصة تشاهد مصر غير في زمن غير وناس غير.

بعد مرور وقت قصير أفقت على صوت صديقتي الكاتبة والناقدة وهي تقول: “ما احنا بنعرف نعمل سينما حلوة أهه”.

كيرة والجن فيلم متكامل العناصر به عوامل الجودة، كل شيء فيه مصنوع بإتقان، هناك قائد قرر أن يصنع فيلم جيد ومتميز، فيلم يعيش ويصنع تاريخ له وللسينما المصرية.

الفيلم به كل عناصر الجودة، وفي البداية لابد وأن نتحدث عن المخرج ذلك القائد الذي ينطبق عليه ابن الوز عوام “مروان حامد” ابن الكبير وحيد حامد والذي يصنع اسمه على نفس طريقة والده، فهذا المخرج القائد اختار أفضل عناصر في كل شيء فصنع فيلم للتاريخ، فاختار ممثلين كبار حتى ولو كانت مدة ظهورهم على الشاشة قليل وأصبحوا جميعًا أبطال، روبي تلك الممثلة الجبارة البسيطة الناعمة، والتي أدت مشهد الموت بمنتهى الإجادة وكلمة في أذنها “ركزي في التمثيل يا روبي أنت ممثلة هائلة وعندما يكون القائد كبير تكبرين معه ويستطيع أن يخرج منك أفضل ما لديك”

والكبير صاحب الطاقات والابداعات غير المنتهية أحمد كمال الذي أدى دور والد “الجن”، كان رائع واستطاع أن يؤدي بنظرات عينيه مشاهد جميلة وأوصل مشاعر عميقة، مشهد ارتداءه بذلة عرابي وإمساكه السيف وخروجه ثم وفاته مشهد رائع.

لن أتحدث كثيرا عن كريم عبد العزيز ذلك الممثل الذي يتألق مع كل دور وكل عمل جديد، أحمد عز في أحسن حالاته ويؤدي دور البلطجي الذي يتحول إلى الفدائي الوطني بمنتهى الجدارة، والرائعة هند صبري تلك البديعة المصرية حتى النخاع، تؤدي الدور باقتدار ونعومة ويسر.

التصوير جميل واختيار الكادرات موفق وتنفيذ المعارك عالمي ويضاهي أكبر وأهم الأفلام في السينما العالمية، موسيقى هشام نزيه عالمية وبخاصة الموسيقى المصاحبة لمشاهد المعارك كانت ملائمة وأكثر من لائقة.

ليس هناك أخطاء في الديكور أو الملابس فانت في أجواء أوائل القرن 20 وبخاصة عام 1919، والفيلم يبدأ بك منذ حادثة دنشواي بالفنان رشدي الشامي الجد وواحد من ضحايا حادثة دنشواي، والجدة عارفة عبد الرسول ثم ينتقل بك إلى أن يصل لثورة 1919 والمظاهرات واشراك الأزهر.

أجمل ما في الفيلم شعورك بأنه فيلم يحترمك فلا تستطيع إلا أن ترفع له القبعة وتحترمه، وتجلس وتشاهد باهتمام وتتفق على أنك ستعود وتشاهده مرة أخرى، فمرة واحدة لا تكفي.

الفيلم يدعوك لأن تستعيد طقوس السينما والزمن الماضي وترتدي أفضل ما لديك وتتفق مع أصدقاءك  وأسرتك، وتذهبون إلى سينما من سينمات وسط البلد وتشاهد الفيلم باهتمام حتى تستمتع وتشعر بالانبساط والسعادة وتخرج تتناقش في الفيلم.

إقرأ أيضا

حزب الله.. مقاومة لبنانية ولا احتلال إيراني