همتك نعدل الكفة
469   مشاهدة  

كيف أثبت الزعيم “فنكوش” قانون الحركة و “زهايمر” الباز

عادل إمام - محمد الباز


أطل علينا الإعلامي “محمد الباز” عبر برنامجه اليومي الذي يقدمه على شاشة قناة النهار بتصريحات أثارت غضب جمهور الزعيم عادل إمام  ، تحدث فيها “الباز” عن تراجع الحالة الصحية للفنان عادل إمام ، نافياً ما تردد على لسان المقربين منه عن استعداده لعمل فني جديد، بحجة تجاوزه حاجز  الثمانين عاماً في إشارة منه لعدم قدرته على الحركة بشكل طبيعي، وجزم الباز في حديثه أن الزعيم يمر بحالة صحية متراجعة أفقدته القدرة على التركيز  فضلاً عن إصابته بمرض الزهايمر حسب معلوماته، ووجه الباز رسالة إلى عائلة الزعيم طالبهم فيها بالكف عن محاولات دفعه للعودة للتمثيل مرة أخرى .

YouTube player

 

تبدو  الأسباب التي ساقها الباز  في حديثه منطقية ومن الجائز أن تنطبق  على من هم في عمر الزعيم ولكنها  لا تنطبق على عادل إمام نفسه وعلى  مسيرته الفنية التي تتجاوز الستون عاماً قضاها في رسم البسمة على وجوه أجيال عدة ،  استطاع فيها أن يسير عكس قوانين الحركة ومسلمات الطبيعة البشرية ، بل أن قوانين الحركة بالتحديد فقدت مصداقيتها أمام تاريخه واستطاع بعبقريته أن يكسرها جميعاً وخالف نظريات نيوتن الثلاث التي تفسر الحركة فما بالك بنظرية محمد الباز .

القانون الأول ” الجسم الساكن يبقي ساكناً “

ينص قانون نيوتن الأول للحركة على أن ” الجسم الساكن يبقى ساكناً، والجسم المتحرّك يبقى متحركاً، ما لم تؤثر عليه قوى خارجية”

هذا ما جاء به نيوتن واستطاع عادل إمام أن يكسره في انطلاقته الفنية الأولى، في مطلع عام 1964

كان المؤلف والمنتج المسرحي “سمير خفاجي” يستعد لتقديم إحدى روائعه المسرحية ” أنا وهو وهي” وكان قد استقر على أن يقدم “فؤاد المهندس” دور البطولة بمشاركة الفنان “شويكار” وتبقي له اختيار الأجدر لتجسيد  شخصية “الأستاذ دسوقي ” سكرتير فؤاد المهندس ، وظل الدور حائراً  يبحث عن من يشغله ، ورشح بعض المقربين لخفاجي  الفنان “محمد عوض” للقيام بالدور مستغلين نجاحه في مسرحية ” جلفدان هانم ” التي عرضت عام 1962، ولكن نجاح المسرحية وضع عوض في مصاف كبار النجوم وهو ما ساهم في ارتفاع أجره إلى 400 جنيه وقتها، وهو الأجر الذي كان يفوق القدرات الإنتاجية لصناع العمل، وهو ما دفع الأستاذ “قاسم وجدي” مسئول الإنتاج أن يبحث عن حلاً لتلك المعضلة ، حتى وجد ضالته في ممثل شاب صغير غير معروف قدمه وقتها إلى خفاجي ليعجب الأخير به ويوافق على إسناد الدور له، ربما كانت هذه هي الفرصة الأولى لعادل إمام أن يقدم نفسه للجمهور واستطاع من خلالها أن يحقق ناجحاً باهراً ساهم في نجاح المسرحية، وهو ما فتح الطريق أمام عادل  إلى عالم السينما بعد ما جسد الدور نفسه في تجربته السينمائية الأولى فيلم “أنا وهو وهي” ، وتفوق عادل  على نفسه في الفيلم وجسد الدور ببراعة دفعت المنتجين لمحاولة استثمار نجاحه في هذا الدور لدرجة أنهم كانوا يطالبونه أن يأتي للتصوير ببدلة وطربوش دسوقي ليجسد أدوار سينمائية مشابهة ، ولكن عادل إمام نفسه لم يكن سعيداً بهذا وفطن سريعاً إلى أن أحلامه وموهبته أكبر من حصرها في فخ التكرار الفني حتى وإن ضمنت له هذه الشخصية مغريات النجاح المؤقت حسب ما ذكر خفاجي في مذكراته عن المسرح في تلك المرحلة  .

الباز

ظل بعدها عادل إمام يقدم أدوار بسيطة وثانوية بغية ثقل موهبته هرباً من شخصية دسوقي، وهو ما جعله يقبل أن يقدم  دور ” الفراش” في فيلمه الثاني “المدير الفني” فقط من أجل أن يقترب ويتعلم من وحش الشاشة “فريد شوقي” ، وفي عام 1965 قدم الدور نفسه في فيلم “العقلاء الثلاثة ” بطولة “رشدي أباظة” و “محمود المليجي” ، على مدار ثماني سنوات ظل عادل إمام مجرد جسماً ساكناً في جسد سينما الستينيات ، قبل أن يحطم قانون نيوتن ويثبت أن الجسم الساكن لا يظل ساكناً بعد ما قدم دور البطولة لأول مرة في فيلم ” البحث عن فضيحة ” عام 1973 ، وأعقبه دور  ” بهجت الأباصيري” في مسرحية ” مدرسة المشاغبين ” ليقدم بعدها دور البطولة المسرحية المطلقة في ” شاهد ماشفش حاجة ” والتي كشفت عن نجم لامع متحرك استطاع أن يفرض زعامته على المسرح من وضع  السكون .

القانون الثاني ” لكل فعل رد فعل “

في عام 1983 قدم عادل إمام أحد أهم الأعمال  في تاريخ السينما المصرية فيلم ” الأفوكاتو ” الذي لعب فيه شخصية  “حسن سبانخ” المحامي الذي يتلاعب بثغرات القانون لتحقيق أهدافه وكسب قضاياه ، ومع عرض الفيلم تعالت أصوات المحامين الغاضبة اعتراضا على ما اعتبروه إساءة لمهنة المحاماة ، وتقدم 150 محامي ببلاغات للنائب العام ضد عادل إمام ومخرج الفيلم رأفت الميهي وطالبوا بمصادرة الفيلم ومحاكمة عادل إمام بتهمة الإساءة للمحامين والقضاة.

في 20 مارس 1984 قضت محكمة جنج بولاق الدكرور برئاسة المستشار “مرتضى منصور” بحبس الفنان عادل إمام والمخرج رأفت الميهي و4 آخرين سنة مع الشغل ومصادرة فيلم “الأفوكاتو”، وهو الحكم الذي كان بإمكانه أن يقضي على مسيرته الفنية وزعامته للكوميديا وأن يصبح ضحية لردة الفعل الغاضبة.

الباز

استأنف عادل إمام على الحكم وتم تقديمه للمحاكمة مرة أخرى أمام دائرة جنح مستأنف بولاق الدكرور التي برئت عادل إمام وباقي المتهمين من تهمة الإساءة لمهنة المحاماة.

الباز

قانون نيوتن الثاني للحركة ينص على أن القوى تنشأ دائمًا بشكل مزدوج حيث يكون لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار وعكسه في الاتجاه ، ولكن الزعيم لم يشأ أن يتراجع بعد واقعة فيلم الأفوكاتو”، وأصر أن يكون رد فعله في نفس الاتجاه وليس عكسه ، واستمر في تناول القضايا الحساسة واختراق المناطق المحرمة وقدم بعدها العديد من الأعمال الفنية التي حملت في طيها إسقاطات على الواقع السياسي والاجتماعي من بينها  أفلام “كراكون في الشارع” ،  ” اللعب مع الكبار” ، “الإرهاب والكباب” و”طيور الظلام” .

الباز

القانون الثالث ” الكتلة وتسارع الأجسام “

مع مطلع التسعينيات كان الزعيم على موعد مع كسر قانون الحركة الثالث و ، مع ظهور جيل جديد من الكوميديانات الشباب تعالت موجة النقد ضد الزعيم ، وطالبه البعض  بالتوقف عن تقديم أعمال جديدة بحجة أنه أصبح غير قادراً على  منافسة هذا الجيل في شباك التذاكر ، بعد ما حل فيلمه ” رسالة إلى الوالي ” عام 1999 في المركز الثاني  في  الإيرادات خلف محمد هنيدي في بطولته السينمائية الأولى” صعيدي في الجامعة الأمريكية”، وأعتبر النقاد هذا التراجع بمثابة بداية عصر سينمائي جديد لن يبقي فيه عادل إمام زعيماً.

إقرأ أيضا
إسرائيل

الباز الباز

حتى أن بعض النقاد اعتبر الفشل التجاري  لفيلمه الذي عرض لاحقا ” الواد محروس بتاع الوزير ”  دليلاً لإفلاس الزعيم فنياً ونهاية لتاريخه ، وهو الأمر الذي دفعه للاستمرار مرة أخرى متجاهلاً أي قوة تحاول أن تؤثر على “كتلته” وحجمه الفني.

الباز

في بداية عام  2002 خرج علينا أحدهم ليتنبأ بنهاية عادل إمام وحدد لذلك موعداً وهمياً قبل عشرين عاماً ، وذاع لنا نبأ نهاية عصر الزعيم ، معتبراً أن فيلمه ” أمير الظلام ” هو نقطة النهاية في مسيرته ، ناصحا إياه بترك الفرصة لجيل الشباب ، وهي النبوءة التي أثبتت السنوات زيفها بعد ما قدم الزعيم بعدها 16 عملاً فنيا لعب فيهم دور البطولة وظل خلالهم الأعلى أجراً   في السينما والتلفزيون  منها عمارة يعقوبيان وعريس من جهة أمنية ومرجان أحمد مرجان والسفارة في العمارة والتجربة الدنماركية  وحسن ومرقص وزهايمر بالإضافة إلى ثمانية أعمال تلفزيونية أخرى ، ولكن المدهش في الأمر أن صاحب تلك النبوءة وقتها هو الإعلامي محمد الباز في مقالة نشرت بجريدة صوت الأمة في 11 مارس عام 2002 بعنوان “نهاية عادل إمام الصيف القادم ” وفي متنها صورة للزعيم يظهر فيها وكأنه  أعور وفي صورة  أخرى وكأنه يختنق في إشارة لنهاية مسيرته.

الباز

بعد مرور عشرين عاماً يخرج علينا مرة أخرى محمد الباز وكأنه مصاب بالزهايمر بنبوءة جديدة عن انتهاء مسيرة الزعيم وكأنه لم يتعلم من دروس الماضي ولم يدرك أن الزعيم الذي أثبت “فنكوش” قوانين الحركة وخالف نظريات الطبيعة البشرية مازال قادراً أن يهزم “زهايمر” الباز و يبقى على عرشه قابضاً على زعامته حتى وإن أطل علينا غيره بنبأ تقاعده .

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان