كيف أسهمت ” لبيبة هاشم” في الحياة الصحافية والأدبية؟
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
حفل التاريخ الثقافي المصري والعربي ملئ بالمناضلات، ومنهن الثائرة ” لبيبة هاشم” التي تسلحت بالقلم والكلمة، وباتت من أشهر الصحفيات على مدار تاريخ صاحبة الجلالة، كان همّها هو توعية البنات وتثقيفهم. سلبت قلوب كل مستمعيها حينما كانت تلقي خطبها، و دروسها حتى أن إدارة الجامعة الأهلية قد اختارتها لإلقاء دروس، و محاضرات في القسم النسائي بها سنة ١٩١١م.
مقتطفات من حياتها
ولدت” لبيبة يوسف ماضي ” في بيروت سنة ۱۸۸۰م ، تلقت علومها الأولى في مدارس الراهبات العازريات في مدارس الإرساليات الإنجليزية والأمريكية، وفي عقدها الأول قدمت إلى مصر موطن الثقافة والانفتاح عام 1900م وبها استكملت علومها، أحبت اللغة العربية فأثقلتها على يد الشيخ إبراهيم اليازجي إلى جانب الفرنسية والإنجليزية. تزوجت ” لبيبة ” من شخص يدعى “عبده هاشم” فحملت اسمه وأصبحت “لبيبة هاشم”.
محاضرات القسم النسائي
وقع اختيار إدارة الجامعة المصرية الأهلية على “لبيبة هاشم” محاضرات على القسم النسائي بها سنة ۱۹۱۱ – ۱۹۱۲ . كما عهدت إليها الحكومة العربية بدمشق سنة ۱۹۱۹ بالتفتيش على مدارس البنات وبعد معركة”ميسلون” تركت دمشق إلى القاهرة ثم سافرت إلى جمهورية تشيلي في أمريكا الجنوبية سنة ۱۹۲۱م، فأنشأت وكانت تخطوا خطوات محسوسة نحو عالم الصحافة فأنشئت هناك مجلة”الشرق والغرب” في مدينة سنتياجو سنة ۱۹۲۳م، وعادت في السنة الثانية إلى القاهرة، وتابعت إصدار مجلتها” فتاة الشرق” التي كانت قد أصدرتها سنة 1906م.
لبيبة هاشم الصحافية الأديبة
كتبت” هاشم” في الصحف والمجالات باسم” لبيبة ماضي”، وقد أحدثت مقالاتها التي نشرتها في مجلة “المقتطف” عام ۱۹۰۲م في الرد على” أسعد داغر ” الذي رمى المرأة الشرقية بالجهل وقصر الباع في التحرير، أحدثت ضجة كبيرة، لأنها دافعت عن المرأة العربية دفاعًا موضوعيًا مُبينة أن هناك من النساء من هنّ مساويات للرجال في القدرة على التحرير والبيان . ولم تكن لبيبة هاشم صحفية فقط، وإنما كان لها باع طويل في مجال القصة، وقد نشرت أول قصة لها عام ۱۸۹۸م في مجلة “الضياء” وكانت بعنوان ” حسنات الحب” واستمرت” لبيبة هاشم” تكتب في مجلة “الضياء” قصصًا قصيرة، ولما توقفت “الضياء”، و أصدرت هى مجلة “فتاة الشرق” استأنفت فيها نشر قصصها المؤلفة ومن قصصها القصيرة التي نشرتها بمجلتها في السنة الأولى، قصة” جزاء الإحسان” كما كتبت قصتين طويلتين هما “شیرین” و “قلب الرجل ” و نشرتهما مسلسلتين فى فتاة الشرق.
مما كتبته
مما كتبته ” لبيبة هاشم في التعبير عن قضايا المرأة بحسب ما جاء في كتاب صحافيات ثائرات ما يأتي :”ومنذ تمكنت من تحريك القلم، وأنا أفكر فى إنشاء مجلة نسائية أخدم بها سيدات وطني وبناته و أنشر على صفحاتها ما يلذ لرجال الشرق مطالعته أيدي نسائه وما برحت تلك الأمنية غايتي التي أمضى إليها، وتصدنى الحوادث عن الوصول إليها، إلى أن قيض لى إنشاء هذه المجلة، التي دعوتها “فتاة الشرق”، أضمنها زيادة الأفكار النسائية، وخلاصة الأبحاث العلمية التهذيبية”.
وتضيف مبينة أن الهدف من إصدار مجلتها هو سد الفراغ الذي أحدثته ندرة أو عدم وجود مجلات وأقلام نسائية تعبر عن المرأة .. تقول: وما جرأني على سلوك تلك الخطة الأدبية على ما في ذلك من معاناة وفرة انتشار المجلات العصرية، التي يقتصر تحريرها على أقلام الرجال إلا القليل منها، ولا غرو أن الرجل يكتب عن المرأة كما يعلم ويفتكر ، أما المرأة، فتكتب عن نفسها كما تعتقد وتشعر، ويمكنها أن تتخذ من شعورها دليلاً على كل مستحسن في الرجل فتدفعه إليه أو ممقوت، فتقبحه في عينيه، فضلًا عن أنها أدرى بحال السيدات وكيفية اكتساب ميلهن ولذلك أصدرت مجلتها لتسد هذا الفراغ، وتساعد على ظهور أقلام نسائية تعبر أصدق تعبير عن قضايا المرأة .
كما أن لبيبة هاشم من خلال مجلة “فتاة الشرق” قد اهتمت بالعديد من القضايا القومية والسياسية منها القضية الفلسطينية ووعد بلفور ونددت بسياسة هتلر وغيرها و حتى تبصر الرأي العام العربي بهذه المخاطر، تورد تاريخ الحركة الصهيونية، فتقول المجلة: “الحركة الصهيونية حركة ملية اجتماعية ذات قواعد مقررة يهدف بها فريق بني إسرائيل إلى إحياء وطن خاص لشعبهم، تحقيقاً لما جاء في تنبؤات أرميا ويوثيل، وما جاء في التلمود، يشير إلى أن المسيا بن يوسف يجمع بنى إسرائيل ،حوله، ويزحف على القدس ويتغلب على قوة الأعداء، ويعيد السيادة إلى الهيكل، ويقيم المملكة…”.
لبيبة هاشم مربية
كتبت لبيبة في مجلة ” فتاة الشرق ” مقالا تحت عنوان” كيف تحافظ المرأة على مملكتها ؟” جاء فيه حسب ما أورده ” صحافيات ثائرات” ما يأتي :”لقد أخطأت الفتيات اللواتي بنين قصور آمالهن على ما يبدو لهن من ملاطفة الرجل في الاجتماعات العمومية و انقياده لخدمتهن وإجلال أقدارهن فيتوهمن أن ذلك واجباته الطبيعية، وأنه يحق لهن أن يستعبدنه بعد الزواج أجل يمكن للزوجة أن تكون المالكة لقلب زوجها وعواطفه وميوله إذا أحسنت معاملته وكالت له بنفس الكيل الذى تريد أن يكيل لها به، أي إذا رأت أن تجعله عبدًا لها فلتكن هي أمه، وتجعل من حسن تصرفاتها أفضل نموذج ينتهى باتباعه إلى ما تريده من الآمال السامية والمطالب العالية، فإن سلطة المرأة تكون عظيمة متى اقترنت بالدعة ونكران الذات فإذا طلبتها مجردة عن هذه الصفات، كانت كمن يكافح بلا سلاح أو ينفخ في رماد.
وأحرى بها ألا تحاسبه على هفواته بل تتغاضى عنها و تتساهل في معاملته، فتجمع على هامته نارًا وتقيم له من نفسه راجرًا، ولكن من السيدات تحاول استيضاح سيرة رجلها، واستطلاع خفايا أموره فلا تعود من ذلك إلا بالحبيبة والخسران بما تجليه على نفسها من الغم والتوسع في الفن والريبة، والأفضل في مثل هذه الحال أن تحافظ على كرامتها بما تبديه من المسامحة واللطف والمحبة فتنمى بذور الهناء والإيناس فى منزلها، وبذلك تحببه إليه، وتبعده عن أكثر الشرور والملاهي، مع بقاء منزلتها عزيزة لديه .
أما المال، فإنه من الأمور التي يجب الاحتفاظ بها، فهو محور السعادة البيئية، وإليه تعود أسباب الرفعة والرفاهية ولكن إذا قدر الفطر يوماً للرجل. فعلى الزوجة أن تشاطره المصاب بصبر وشجاعة ولا تألو جهدًا من مؤانسته ومجاملته بما يخفف من وطأة غمه.
كان للبيبة هاشم دور كبير في حركة الصحافة ودور أكبر في الحركات النسائية فتعد أولى السيدات التي اهتمت بقضايا المرأة وأول من طالب بإنشاء جمعية نسائية تعمل على تحرير المرأة من وطئة الجهل إلى جانب دورها الهام التربوي والسياسي من خلال كتاباتها كما ذكرنا .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال