كيف رد الزعيم الجميل للأستاذ؟

في بداية الستينات كان نجوم مسرح الجامعة في مصر يحاولون الدخول إلى عالم احتراف الفن، من بينهم عادل إمام والضيف أحمد زملاء مسرح جامعة القاهرة اللذان ذهبوا لتجارب أداء المسرح الكوميدي الذي كان بصدد إنتاج مسرحية أنا وهو وهي بطولة الأستاذ فؤاد المهندس وشويكار ومن إخراج عبدالمنعم مدبولي، ليقدم عادل إمام تجاربه وترفضه اللجنة بما فيها مدبولي ولكن فؤاد المهندس يدرك ان هذا الشاب يمتلك الموهبة ويصر عليه ليفوز عادل إمام بالدور ليكون الأستاذ هو صاحب الفضل في أول خطوة في مشوار الزعيم نحو الفن.

وتمر الأيام ويتحول عادل إمام من ممثل صغير لممثل ثاني لبطل لبعض الأفلام ثم نجم من نجوم شباك التذاكر، وقتها كان الأستاذ في مسيرته الفنية سواء في المسرح او السينما أو التلفزيون، يسير في مسيرته، بل وأصبحا الأستاذ والزعيم نجمين من قافلة تعج بالنجوم وتسمى الفنانين المتحدين، وأصبح بينهم تنافس فني سواء في شباك التذاكر أو على خشبة المسرح، ولكن النجومية أيضا قد تصيبها الشيخوخة، لتبدأ الأدوار تنحصر عن الأستاذ وتتراجع إيراداته في السينما بينما ظل محتفظا بنجوميته على المسرح.

في ذلك الوقت ظن الجميع أن الأستاذ قد شارف مشوراه السينمائي على الانتهاء قبل أن يأتي الزعيم ليرد جميل الأستاذ ويمنحه ثلاثة قبلات للحياة السينمائية لتمتد مسيرتة أعوام أخرى، ثلاثة قبلات كانوا ثلاثة أفلام أعادت المهندس إلى سابق مجده السينمائي بل فتحت أمام المنتجين الباب للاستفادة من طاقته التمثيلية حتى في هذا العمر الكبير.

خلي بالك من جيرانك في عام 1979 كانت القبلة الأولى، قبل الفيلم كان أخر أفلام المهندس لم يحقق النجاح المطلوب كان فيلم (كان وكان وكان) الذي ربما يعد مجهولاً للبعض حتى الآن، وعلى الرغم من التألق التلفزيوني والمسرحي كان يبدو ان السينما تغلق أبوابها في وجه الأستاذ، حتى طلب منه الزعيم ان يكون معه سندا وعونا في فيلمه الجديد خلي بالك من جيرانك.

تتبع تاريخ عادل إمام الفني جيدا لتجد أن خلي بالك من جيرانك هو نقطة فاصلة في مسيرة عادل إمام، قبلها كان قد يلعب بطولة فيلم يشاركه فيه بعض الشباب أو يقوم بدور في فيلم ببطولة جماعية أو يكون احد أبطال فيلم، ولكن لم يباع فيلم باسمه من قبل، وفي المسرح كان عادل إمام قد حصل على بطولته الأولى في شاهد ما شافش حاجة وحقق النجاح الذي طالما حلم به، وفي التلفزيون أيضا كان أحلام الفتى الطائر بوابة نجاح الزعيم في التلفزيون بينما ظلت البطولة السينمائية المطلقة متأخرة في السينما حتى خلي بالك من جيرانك.

عادل إمام كان بحاجة لكل دعم ممكن في الوقت الذي كان الأستاذ بحاجة إلى الدعم هو الأخر عادل إمام في أول بطولة له، والأستاذ خارج من فيلم لم يحقق النجاح الكافي، لذلك كان التوقيت مناسبا للأستاذ والزعيم، أو لو شئنا الدقة للأستاذ والتلميذ الذي اكتشفه، ليقوم التلميذ بإعادة اكتشاف الأستاذ في منطقة أخرى غير البطولة المطلقة.

نجحت القبلة الأولى واستمر الأستاذ في السينما بينما نجحت البطولة الأولى واستمر الزعيم في مسيرته ويحتاج على التعزيز، في عام 1983 قدم الزعيم 7 أفلام من بطولته ربما أهمها من الناحية الجماهيرية مشاركته لنادية الجندي في فيلم خمسة باب، كان الاثنان هما المستحوذان على شباك التذاكر وقتها والجمع بينهما في فيلم واحد يضمن النجاح بالطبع لتكون قبلة الحياة الثانية من الزعيم للأستاذ.

ظهور فؤاد المهندس في هذا الفيلم أفاد الفيلم وصناعه وأفاد المهندس نفسه، أنعشه سينمائيا فقدم أيوب مع عمر الشريف، وأضاف ثقلا للفيلم كان بحاجة له، ليصبح الفيلم واحد من أكثر الأفلام تحقيقا للإيرادات في أيام عرضه القليلة قبل أن يتم رفعه من السينما بقرار من وزير الثقافة وقتها بسبب حسابات ومصالح شخصية.

إقرأ أيضا

فيلم الكاسيت .. توثيق رائع لحقبة فنية مهمة

القبلة الأخيرة كانت في فيلم زوج تحت الطلب مسيرة المهندس ليؤكد الفيلم دخول الأستاذ إلى حيز أخر بعيدا عن البطولة، وليكون هو قبلة الحياة الثانية الفعلية في مسيرته السينمائية والثالثة من حيث العد والترقيم، فبعد رفع فيلم خمسة باب من السينما كان الزعيم يرد الجميل مرة ثالثة للمهندس ربما تعويضا عن رفع خمسة باب، بفيلم زوج تحت الطلب الذي حقق نجاحا كبيرا وقتها، لتتنتعش مسيرة المهندس السينمائية ونراه بكثافة في السينما في أفلام مثل البيه البواب والكداب وصاحبه وغيرها من الأفلام التي استمرت حتى فيلم حالة مراهقة عام 1990.

ليكون عادل إمام  قد أوفي بجزء من جميل الأستاذ عليه في أول عمل فني له في مجال الاحتراف، حينما قال جملته الشهيرة (بلد بتاعة شهادات صحيح).