همتك نعدل الكفة
512   مشاهدة  

كيف نشر مبروك عطية اليأس بين الشباب بتصريحه عن الزواج ؟

مبروك
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يقول العارف شمس التربيزي : أيا كان ما يحدث لك، لا تقع في اليأس ! حتى لو أغلقت جميع الأبواب.. سيظهر لك طريق سري لا يعرفه أحد .. لم يعرف ” التربيزي ” أنه بعد قرون عديدة سيصدر تصريحًا لم يتعدى النطق به ثلاثة دقائق على قناة تليفزيونية سينشر اليأس والإحباط بين ملايين من الشباب ، والعجيب أن هذا التصريح صدر من شيخ وفقيه ودكتور جامعي كبير مثل مبروك عطية ، رجل له ثقله ووزنه في المجتمع المصري ، ورأيه في أغلب الأوقات يُحترم وعلى دراية كبيرة بالكوارث التي تُغلق عليها البيوت ، وعلى درجة كبيرة من الخبرة التي تمكنه من قراءة ما هو بين السطور ، وعلى درجة أكبر من الذكاء الاجتماعي ما يجعله لا يقع أبدًا في مثل الخطأ الذي وقع فيه.

 

في إحدى حلقات برنامج الإعلامي شريف عامر سأله عن قضية تحديد النسل وما هي نصائحه ورأيه في التي يمكنه توجيهها للمتزوجين حديثًا .. فسبق رأيه برأيه في فكرة الزواج من الأساس قائلًا : الزواج للأغنياء فقط ! .. واستند في كلامه إلى نصًا قرآنيًا ، ونحن لسنا في ساحة للرد على الشيخ بنصوص تدعو لعدم اليأس من روح الله ، وأحاديث كثيرة تدعو للزواج من أصحاب الخلق الكريم دون اعتبارات الغنى والفقر ، لكننا سنتخيل إذا سمعنا لرأي الشيخ في أن الزوج فقط يكون حكرًا على الأغنياء .. وأنا هنا أقول رأي الشيخ لا رأي النص لأن من النص القرآني كثير من الآيات التي تدعو للأمل والطموح وهو ما يتنافى مع حالة الفرد اللحظية قبل الزواج ، لذلك هي فلسفة خاصة بالشيخ نفسه استعان فيها ما يخدم رأيه من النص لا العكس .

لن نستخدم ذلك الأسلوب الغوغائي في التهديد بانفلات الغرائز إذا أصبح الزواج حكرًا على الأغنياء ، لكننا أمام حكمًا بضرورة مطالبة الزوجة بالطلاق من زوجها إذا أفلس مثلًا أو جار على الزمن كما يجور على الجميع، والطلاق هنا فرض على الزوج لأنه الآن أصبح فقيرًا وغير قادر على الزواج (في رأي مبروك عطية)  ، وعلى السيدة التي تحمل زوجها الغير قادر ماديًا، والمصاب بالفشل الكلوي على ظهرها أن تلقي به في أقرب سلة قمامة وتذهب للزواج من آخر قادر على علاج نفسه على الأقل (هذا أيضًا إذا اتبعنا وجهة نظر الشيخ مبروك عطية)  .. ونحن أيضًا أمام ضرورة الوصول للكمال – والكمال لله وحده – لأنه إذا كان العريس غنيًا صاحب خلق مستقيم ليست به شائبة ، إذًا هذا الذي أمامنا ليس إنسانًا .. إنه سوبر هيرو ، وهذا النموذج غير موجودًا إلا في أفلام الكارتون .. ناهيك عن نشر الإحباط التام في كل شاب يحاول التحسين من ظروفه المادية ولا يريد من الدنيا إلا شريكة حياة تحمل معه المُر بالرضا ، وتعيش معه الحلو بالسعادة ، وهو ما لا يرفضه الدين بالطبع . ولماذا نذهب بعيدًا إذا كان معضم أبهاتنا وأمهاتنا قد تزوجا بالبسيط من جهاز المنزل والقليل من المال وعاشا حياة مكافحة قوية واستطاعا هزيمة الصعاب وأخرجونا من منازلهم متعلمين وأصحاب قيمة في المجتمع ! بمقاييس الدكتور مبروك عطية لم يكن على أبي أن يتزوج أمي !

 

كنت أظن أن شيخنا الجليل قد خانه التعبير في مفهوم “الغنى” المقصود ، أي أن “الغنى” شئ نسبي من فرد لآخر .. إذا كانت العروس مثلًا من طبقة شديدة الفقر ، بالنسبة لها العريس الفقير فقط هو غنيًا بالطبع ، وإذا كانت العروس من طبقة متوسطة فإن العريس العائد مثلًا من الخليج ولديه (مصلحة) خاصة به هو عريسًا غنيًا ، أما إذا كان والد العروس يمتلك مليار جنية والعريس يمتلك نصف مليار فهو عريس فقير .. نحن هنا أمام مفهومًا سائلًا كالماء ، لا تستطيع إطلاقه كما أطلقه الشيخ إلا بتوضيح محدد ومُفسّر ، وهو الذي لم يفعله الشيخ خلال توضيح رأيه الخاص بالزواج . بل بالعكس ، فقد تهكم الشيخ على المقولة المصرية “خدوهم فقرا يغنيهم الله” ، أي أن الشيخ كان محدد اللفظ والمضمون .. فلا زواج –عنده- إلا للأغنياء ، والأغنياء هم الأغنياء في وجهة نظره الشخصية الذي لا نعرفها بالتأكيد بلا توضيح .

في الأخير نحن لا ندعو الشباب لعدم العمل على تحسين حالته المادية ، لكننا أيضًا لا نستطيع أن نحجر على قبول إحداهن في الزواج من شخص لم يوفق في الارتقاء بمستواه المادي حتى الآن .. ولا نستطيع أيضًا أن نحجر على رأي الشيخ مبروك عطية ونكران شعبيته وحب فئة كبيرة من الشباب لمتابعته ، لكننا أيضًا لا نستطيع أن نغض الطرف عن تصريح مثل هذا .. فنحن أمام كتلة من الإحباط ركلها الدكتور مبروك في وجوهنا جميعًا بلا اعتبارات لشئ إلا لفلسفته الشخصية .. لا أكثر !

 

إقرأ أيضا
كتاتيب المسيحيين في مصر

 

الكاتب

  • مبروك محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان