“لم يجرؤ إعلام مصر على نشرها” قصة كلمة محرجة قالها خروتشوف في الإسكندرية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
حمل شهر مايو من العام 1964 حدثلاً جللاً داخل مصر حيث زيارة نيكيتيا خروتشوف لها والتي استمرت 17 يومًا من يوم 9 لـ 25 من نفس الشهر.
اقرأ أيضًا
عندما انجذب رئيس الاتحاد السوفيتي إلى القرآن في مصر بحضور جمال عبدالناصر
لقيت تلك الزيارة تغطية إعلامية كبرى داخل مصر على صعيد الصحافة والتلفزيون والإذاعة، فالهدف الرئيسي من زيارة خروتشوف لمصر هو حضور حفل تحويل مجرى النيل يوم 16 مايو 1964 م، وذلك تقديرًا للدور الذي لعبه الاتحاد السوفيتي في قصة السد العالي، بالتالي كانت شعبية خروتشوف في مصر كاسحة.
خروتشوف في الإسكندرية والجملة القنبلة
كان برنامج زيارة خروتشوف لمصر يقضي بأن يستريح في المنتزه ثم يسافر إلى القاهرة ويشاهد معالمها السياحية ويلقي خطابًا في مجلس الأمة، ثم يزور المصانع، ويتحرك لبورسعيد، وبعد ذلك يتجه إلى الأقصر وأسوان، ثم يعود للقاهرة ومنها للإسكندرية ثم يتجه إلى الاتحاد السوفيتي.
لازمت وسائل الإعلام المصري خروتشوف لكن مالم يحتاط له الإعلام أو بالأحرى مالم يتوقعه الإعلام أن تلقائية نيكيتا خروتشوف المشهور بها، لن يتخلى عنها بسهولة طوال أيام رحلته.
وصلت الباخرة أرمينيا إلى ميناء الإسكندرية يوم 9 مايو 1964 م وكان في استقباله المشير عبدالحكيم عامر وآلاف من جموع الشعب المصري، ومن ميناء الإسكندرية تحرك المشير وخروتشوف إلى محطة الإسكندرية للقطار حيث كان في انتظاره الرئيس جمال عبدالناصر، ثم استلاق سيارة مكشوفة وكان جموع المصريين يرحبون به.
استراح خروتشوف في قصر المنتزه، ثم قام بجولة سياحية في القصر يرافقه الوفد الإعلامي، بينما مدير القصر يقوم بشرح تاريخ القصر، ولأن قصر المنتزه شهد خروج الملك فاروق فإن مدير القصر أمعن في التركيز على مدى البذخ الذي كان يعيشه الملك حتى انتهى به الأمر مطرودًا.
عقب أن انتهى خروتشوف من زيارة القصر وخرج للإجابة على أسئلة الصحفيين، سُئِل عن انطباعه عندما رأى قصر المنتزه فأجاب «أنا لا أفهم لماذا طردتم الملك فاروق ؟»، وخيم الوجوم على الجميع ليقوم صحفي آخر بتغيير مسار الموضوع.
لم تُنْشَر تلك الجملة في كافة وسائل الإعلام إلى أن أصدر مراد غالب مذكراته سنوات الانتصار وأيام المحن، وقال مراد غالب معللاً لجملة خروتشوف «كان الصحفيون ينتظرون خطبة عنترية ضد الملكية والاستعمار والامبريالية، وإذا بخروتشوف يفاجئهم بقوله: أنا مش فاهم طردتم الراجل ده ليه؟! طبعا كان في ذهنه المقارنة مع قصور القياصرة المذهلة في الفخامة والثراء والتي يتضاءل بجانبها قصر المنتزه».
تلقائية خروتشوف التي اشتهر بها لدرجة أنه رفع حذاءه في الأمم المتحدة، لم يسلم منها جمال عبدالناصر، فأثناء زيارته لمصانع أبو زعبل استغرب من الكم المهول لعدد العمال وسأل عبدالناصر قائلاً «ما هذا العدد الهائل من العمال ؟ وما هو إنتاجهم ؟ أحسن ليكم تسرحوهم وتعطوا لهم أجرهم لأنهم بالقطع يعطلون الإنتاج».
كان جمال عبدالناصر مع مبدأ توظيف العمالة والقضاء على البطالة، بينما كان من رأي خروتشوف أن الإنتاج يكون بالتكنولوجيا العالية لا بكثرة الأيدي العاملة، لأن التكنولوجيا هي العامل الأساسي في كثرة الدخل، وهو الشيء الذي أضجر عبدالناصر لدرجة أنه قال لغالب «خد صاحبك دا ووصله لقصر القبة».
أراد مراد غالب أن يبسيط نظرية عبدالناصر لخروتشوف فقال أن مصر دولة محدودة الموارد وعدد سكانها أكبر من مواردها، وهو الشيء الذي أثار استنكار خروتشوف وقال «حتى أنت يا غالب تردد هذا الكلام الفارغ، انظر إلى اليابان لا يوجد في باطن أرضها سوى البراكين، ولكنها تملك الإنسان المدرب الواعي وانظر لإنتاجها، وهي دولة أكثر منكم عددًا».
المراجع
-
أرشيف جريدة الأهرام من 9 لـ 26 مايو 1964 م
-
مذكرات سنوات الانتصار وأيام المحن – مراد غالب
-
موقع جمال عبدالناصر التابع لمكتبة الإسكندرية
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال