لماذا زغردت سيدة مصرية بسيطة من شرفتها أثناء فض رابعة ؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أسأل نفسي وأسألكم ، ما الغرض الذي استهدفته جماعة الإخوان المسلمين حول العالم من إبقاء ذكرى فض رابعة حية ، شرعوا في نسج الحواديت والحكايات عن أيام الاعتصام وكأننا أمام قداسة أيام الحج أو العمرة ، مع إن مصر شهدت العديد من الاشتباكات التي سبقت رابعة وتلتها .. في كل محافظات مصر ليست في العاصمة فقط . الهدف الكبير لم يكن إثباتًا لعكس رواية الداخلية عن الفض ، مع إن هناك اعترافًا إخوانيًا جاء على لسان أكثر من طرف منهم أن الاعتصامات كانت مسلحة! …
كان الهدف الأساسي لهؤلاء خلق عقدة ذنب داخل كل رجل مصري وسيدة مصرية ، واختيار ألفاظ بها من الغموض ما يشعرك أنك قد ارتكبت كبيرة من الكبائر دون أن تعرف ما هي بالتحديد .
عبارات مثل : عند الله تجتمع الخصوم .. معاونة الظالم ظلم ! وهكذا ابتزاز للمشاعر الدينية المتأصلة داخل كل مصري ، والغرض الأكبر من كل هذا خلق (كاموفلاج) ، وسببية لأي جريمة أو كارثة ستحدث بعد ذلك ! .. حريق الكنائس ، والأقسام ، والقتل العمد ، وتخريب البلاد ، وحشر العباد في بيوتهم خوفًا من النزول ، واستخدام المصحف بجوار السلاح ، وانتهازية فرصة وجود أي بدلة ميري لخلق حالة من الهياج العام ، وابتزاز مشاعر من ضاقت بهم الظروف الاقتصادية بضرورة تخريب المركب بدلًا إصلاحها والسير بها، والصيد وإطعام الأطفال ، وإفشاء الدم على الأرض بدلًا من إفشاء لبن رضاع الأطفال .. انتشار رائحة الجثث بدلًا من انتشار رائحة الخبز .. غلق المدارس بدلًا من فتحها .. عيشة البلاد في رعب وقلق بدلًا من قعدة النسوان تحت بيوتهم رغيًا لوش الفجر مطمئنين .. كل هذه الجرائم سوف تكون تحت زريعة الفض .. حتى إنك لا تتجرأ أن تناقش نسج الكذب نفسه .. أن أهاجمك من نقطة بعيدة جدًا كي لا تتجرأ على الاقتراب من الحقيقة .. وصل بهم الأمر للضغط النفسي على السكان بوهم وجود أصوات ليلًا وهي أصوات الأرواح الطاهرة .. الخزعبليات في أبهى صورة لها .
لسنا بصدد الدخول في الاشتباك الذين يريدون جرنا إليه .. الرقص في بحر اللغط .. لكننا أمام إكذوبة لدينا الدليل الحي على كذبها .. ومختصر الأكذوبة .. أنا فض الاعتصام كان عكس رغبة المصريين .. ولو سألت مصريًا من الاسكندرية لأسوان وقتها سيخبرك كم هو حانق ومخنوق من تأخر توقيت الفض .. كم أصابه الضجر من كذابين ليل نهار ينشرون سمومهم على منصة رابعة عكس رغبة المصريين مجتمعة في الثلاثون من يونيو .. ولو سألت بالأخص السكان حول مناطق الاعتصام ، سيحكون لك عن مهزل سرقة المنازل ، والمدارس ، والتفتيش صعودًا ونزولًا ، سيحكون لك عن مخاوف استمرار هؤلاء الوحوش في إقناع المراهقين من الشباب في التواجد لصناعة موجة ضبابية من الشكل الثوري الذي هو في حقيقته كاموفلاج للمسلحين ! .. الاحتفاظ بمجموعة ممن لديهم بعض المطالب المشروعة لصناعة ساتر للتكفيري المسلح للقتل والشرب من الدماء
كانت الزغرودة الصادرة من إحدى شرفات المنازل استقبالًا لقوات فض الاعتصام ، أهم في رمزيتها من هدف القوات نفسها .. الطرد جاء من الشرفة لا من مدرعة الشرطة .. الشعب هو من لفظ الإخوان قبل قوات الفض ، قرار السيدة الواقفة في شرفة المنزل جاء قبل قرار وزير الداخلية .. أما اللعبة الكبرى من الدمويين جاءت لفصل إرادة الشعب عن إرادة أجهزته الأمنية .. وإذا كانوا على صحة من رأيهم لم تستطع قوات الشرطة من الخروج من رابعة لو أن الملايين قد نزلت من المنازل اعتراضًا على قرارات الأجهزة الأمنية .. الفض الحقيقي لم يكن في رابعة .. الفض الحقيقي حين أدركت سيدات المنازل أن هؤلاء “لا بتوع ربنا ولا رسوله ” ، وأن ذقون عيرة قد التفت حول إرادتهم .. الفض الحقيقي هو فض الفكرة التكفيرية قبل مجابهة التكفيريين .. لهذا زغردت السيدة البسيطة من الشرفة ! وكانت هذه إذنًا وصافرة البدء في سقوط المشروع الإخواني حول العالم كله .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال