همتك نعدل الكفة
33٬941   مشاهدة  

لماذا قفزت يا صديقي ؟

لماذا
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لماذا ؟؟؟

أراك يوميًا أثناء ذهابي للعمل ، سنك تجاوز العشرين للتو ، واقفًا في زاوية بعيدة في عربة المترو ، تلصق الهاند فري بأذنيك وأنا على يقين أنها لا تبث أي صوت ، بل لاستخدامها في منع تواصل الآخرين ، لم يعد أحد يهتم لسماع مشاكلك البسيطة فأضفي هذا طبقة من زجاج على عينيك ، لم تعد تر الناس كما كانوا هم فقط يتحركون أمامك حركة آلية بلا قيمة .. ما الذي يشتعل داخلك يا صديقي ؟

أهي الرسالة الصاعقة التي وصلتك على ماسنجر ” أنا اتخطبت ” .. أم هو الرد الصادم من الشركة التي أجريت معها انترفيو منذ إسبوعين “حظًا موفقًا في مكان آخر ” .. أم هو الصديق الذي حول مشاكلك لمادة من السخرية يضحك بسببها باقي الأصدقاء ؟ .. لا أعلم ما الذي يشتعل بداخلك ؟

 

هل هي صلاة كنت تظن أنها تريحك لكنها لم تفعل ؟ .. أم ردًا جامدًا من والديك على كل مرة اشتكيت فيها من أزمة نفسية “فوق لنفسك وبلاش لعب عيال” .. أم وفاة الكلب الذي ربيته منذ الصغر ولم يفهمك الناس بقدره ؟ .. ما الذي يشتعل بداخلك يا صديقي؟

يقف المترو في محطة الأوبرا فتقرر النزول، وشغفي يدفعني للنزول خلفك لأعلم ما الذي جعلك هكذا .. تحجز تذكرة لبرج القاهرة فأحجز .. وقلبي يحدثني : هل هذه العيون المذبوحة أهلًا لفسحة على برج القاهرة ؟ .. صعدت معك في الأسانسير فوليت بوجهك عن كل الواقفين .. وصلنا لأعلى البرج وأخذت تمشي وأنا خلفك .. ماذا يفعل هذا المراهق؟ .. ماذا ينتظر هنا؟ .. ليس معقولًا أن برج القاهرة مكانًا مريحًا للدرجة التي تجعل ….

وفجأة وبحركة خاطفة وتسلقت الحاجز الحديدي وحاولت أن تلقي بنفسك .. بسرعة حاولت أن ألملم أفكاري .. أنت تنتحر ! هرعت لإنقاذك وساعدني في ذلك أن ملابسك قد شبكت في السلك ولكنك فاجئتني بمحاولات ناجحة لفك الملابس .. لم تستطع يدي الإمساك بك.. واستسلمت لفكرة سقوطك في لحظة توقف فيها الزمن .. لأقول لك قبل أن تسقط :

من فضلك يا صديقي .. لن أخبرك كما أخبروك بحرمانية ما تفعل ، لن أكون قاسيًا وأخبرك كم أن الانتحار هو الحل الأسهل ، ولن أخبرك كمدربيي التنمية البشرية هذا الكلام السخيف الذي يلقون فيه بالتهم على ضعفك جزافًا .. يقرأون كتبًا عن العزيمة في التكييف ليخبرونك عن محتواها وأنت قابضًا على الجمر ..  لكن أود أن أخبرك أنك دفعت ثمنًا مريرًا في واقعك الصعب، ومن الإنصاف أن تعيش لترى كل هذه المشاكل وهي تحل كأنما لم تكن، من الإنصاف أن تعيش لتدخل قصة حب غير التي دُمرت ، من الإنصاف أن تعيش لتشاهد كل صديق خائن والدوائر قد دارت عليه ، كل مدير عمل أحبطك وهو في موقف يتمنى فيه لو أنك تسامحه ، من الإنصاف أن تعيش لترى ماذا تخبئ لك الحياة ، فقد جاءت لك بكل ما هو سئ .. بالتأكيد أن القادم حتى وإن أسوء.. فإن الفطرة الكونية تفضي بأن الأمور إذا وصلت للقاع لابد أن تضرب قدميها فيه وتصعد إلى السطح .. لا تقفز يا صديقي .. فأنا أحتاجك معي لنصعد سويًا .

إقرأ أيضا
التلفزيون في مصر

لحظة .. هل قفزت ؟ … أرجوك ألا تكررها مره أخري !

 

الكاتب

  • لماذا محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
18
أحزنني
38
أعجبني
4
أغضبني
2
هاهاها
0
واااو
5


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (6)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان