ليلة وردة في جدة، فخامة الأسماء وحدها لا تكفي
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
مرت ليلة وردة التي افتتح بها مسرح عبادي الجوهر أرينا في جدة مرور الكرام كغيرها من الليالي الكثيرة التي أقامتها هيئة الترفيه احتفاء بكبار الفنانين، قد تبدو النوايا حسنة في رد الجميل لهؤلاء الفنانين لكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي في ظل العشوائية التي تدار بها تلك الليالي وعدم الاستعداد الكافي لها بل أشك في وجود مخطط زمني تقام على أساسه حفلات التكريم والأغلب أن الأمر يكون وليد اللحظة على حسب مزاج هيئة الترفيه ورئيس هيئة الترفيه.
كعادة أغلب ليالي التكريم تفتتح الليلة باستعراض منجزات هيئة الترفيه في مشاريع البنية التحتية الترفيهية من مسارح وخلافه،يعقبها فيلمًا وثائقيًا عن الشخصية المكرمة.
فخامة الأسماء لا تكفي
رغم ضخامة الأسماء التي تم اختيارها للحديث عن وردة مثل الناقد الفني طارق الشناوي، والدكتور أحمد الطويل، الملحن صلاح الشرنوبي، المنتج محسن جابر،الشاعر عمر بطيشة، الشاعر عوض بدوي، المخرج شريف صبري،المخرج طارق العريان، بالإضافة رياض الأبن الأكبر لوردة مع الفنانة نبيلة عبيد صديقتها المقربة وهي أسماء يصعب إنتاجيًا جمعها في فيلمًا واحدًا، فأن الفيلم خرج بصورة ضعيفة جدًا لم يبين لنا أهمية وردة كمطربة شقت طريقها في فترة مليئة بالأسماء القوية المهمة.
اعتمد الفيلم على بعض الحكايات البسيطة عن وردة و علاقتها بالفنانين مع معلومات لم تأتي بجديد عنها،بعضها غير صحيح مثل ذكر الدكتور أحمد الطويل عن أن عبد الناصر هو من رشح وردة للإشتراك في أوبريت “وطني حبيبي الوطن الأكبر” في حين أن عبد الناصر لم يكن يعرف من هي وردة ولا يعرف أنها تغني لثورة الجزائر وأن السيد سعد عفرة هو من رشحها للغناء في الأوبريت بحسب ما نشر في مجلة الكواكب في العدد الصادر يوم 26 يوليو سنة 1960،
مع بعض الأراء المطلقة بالأخص من الناقد الفني طارق الشناوي حيث يمكن سحب ما قاله عن وردة على أي صوت نسائي وأخر والحقيقة أن العامل المشترك الوحيد في ليالي التكريم هو ضعف المحتوى الذي يقدم عن الشخصية المكرمة ويمكن الرجوع إلى الفيلم الكارثي الذي صنع في ليلة تكريم السنباطي فهو أقرب مثال على أن هيئة الترفيه تعتمد على الأسماء الرنانة دون الاهتمام بالمحتوى الذي يقدم.
الفجوة بين الأصوات النسائية
منطقيًا أن يتم اختيار أصوات نسائية تحيي ليلة تكريم مطربة، لكن لا أعرف من يختار تلك الأصوات وعلى أي أساس، وأن كان هناك أسماء ثابتة لا تتغير في ظل قربها من دوائر هيئة الترفيه.
في ليلة وردة لا يمكن أن ننكر جودة الأصوات التي أحيت الحفل حيث بدأ الحفل وانتهى بالمطربة الكبيرة أصالة، غنت في البداية مقطعًا من رائعة وردة مع محمد عبد الوهاب “في يوم وليلة” وبرغم البداية الهادئة الرصينة منها حتى المقطع الثاني “حبيب اّمالي يا غالي” إلا أنها كانت تريد الاستمرار في الاستعراض بإعادة المقطع أكثر من مرة دون أن تضبط الأمور مع الفرقة التي انتقلت سريعًا إلى المقطع الثاني ويبدو أن تلك اللفتة كبحت جماح أصالة المفتونة بصوتها على الدوام فلم تلجأ إلى الاستعراض في بقية الأغنيات حيث أدت “اوقاتي بتحلو،شعوري ناحيتك” دون فذلكة او استعراض صوتي ،وقدمت مع المطرب الكبير عبادي الجوهر دويتو “زمان ماهو زماني” التي تعتبر من آخر ما قدمت وردة ثم ختمت فقرتها بأغنية “وانا مالي”.
تلت أصالة في الحفل المطربة المصرية “ريهام عبد الحكيم” التي افتتحت فقرتها بمقطع من أغنية “العيون السود” تلتها بأغنية “حكايتي مع الزمان” وانتهت الفقرة بأغنية “حرمت أحبك” التي تفاعل معها الجمهور ورغم قوة صوت ريهام عبد الحكيم إلا أن الأغنيات لم تبين مساحات صوتها القوية.
لكن يظل السؤال المحير في اختيار صوت “نانسي عجرم” التي لا تملك في رصيدها الغنائي أغنية طربية قوية سوى أنها أعادت أغنية “مستنياك” لعزيزة جلال حيث جرى الترويج لها على أنها تعيد تقديم لنا زمن الفن الجميل وتغني برصانة بعيدًا عن أغنيات الأه ونص المسيطرة على مسيرتها الفنية، غنت نانسي ثلاث أغنيات هي ” قلبي سعيد، بتونس بيك، قال بيسألوني” وبالطبع شتان الفارق بينها وبين أصالة مع عدم وضعها في مقارنة من الأساس مع صوت وردة.
أما المفاجأة كانت في اختيار المطربة اللبنانية عبير نعمة غير المحسوبة على تيار البوب العربي، ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها إلا أن حضورها كان ضعيفًا جدًا على المسرح وتشعر بأن صوتها مكبل حيث أدت أغاني “وحشتونى، أكدب عليك” مع عدم تمرسها على الغناء باللهجة المصرية بالإضافة إلى أن صوتها الأوبرالي لم يتناسب مع طبيعة الجمل الشرقية في الألحان دون إغفال تحسن الأداء قليلًا في أغنية بكرة يا حبيبي.
مرت ليلة وردة دون صخب معتاد في تلك الليالي التكريمية لكن تظل الإشادة الأكبر فيها من نصيب قائد الفرقة المايسترو وليد فايد الذي سيطر بحرفية شديدة على عدد ضخم من العازفين مع تنفيذ موسيقي متقن حافظ فيه على روح الأغنيات الأصلية وعالج المشاكل التقنية التي ظهرت في بعض الليالي السابقة.
ملف بليغ حمدي : الفلكلور ما بين التطوير والإفلاس الفني
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال