ما الذي يحدث في أسوان ؟
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بدأت تظهر في الأسابيع الماضية حالات متزايدة من الإصابات بنزلات معوية حادة في إحدى قرى أسوان، ما أثار قلقًا واسعًا بين سكان المنطقة. في بداية الأمر، لم تكن الأعراض مثيرة للشكوك؛ إذ اعتقد البعض أن الأمر لا يتجاوز نزلات معوية موسمية معتادة، إلا أن ازدياد أعداد المصابين بشكل ملحوظ دفع الأهالي للبحث عن تفسيرات، وبدأت الشائعات تنتشر حول تلوث محتمل في مياه الشرب.
سرعان ما تدخلت وزارة الصحة المصرية استجابةً للبلاغات المتكررة حول تفشي النزلات المعوية في عدة قرى بمحافظة أسوان. وجهت الوزارة فرقًا طبية مختصة إلى المنطقة، وكان على رأس هذه الفرق الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائي، الذي قاد جهود التحقيق في أسباب الإصابات وتقديم العلاج للمتضررين.
البدايات المقلقة
بدأت القصة في قرى تابعة لإدارة دراو بمحافظة أسوان، حيث ظهرت أعراض المرض بين السكان بشكل متفرق في البداية، إلا أن الوضع تفاقم بسرعة، مما دفع الأهالي إلى التوجه إلى المستشفيات والمراكز الصحية طلبًا للعلاج. في المستشفيات المحلية، مثل مستشفى المسلة والصداقة ودراو المركزي، استقبل الأطباء أعدادًا متزايدة من المرضى الذين يعانون من إسهال شديد وآلام في البطن.
لاحظ الأطباء أن الأعراض مشابهة لأعراض النزلات المعوية المعتادة، ولكن العدد المتزايد للمصابين خلال فترة قصيرة دفعهم إلى طلب تدخل الجهات المعنية للتحقيق في الأسباب ومحاولة السيطرة على الوضع قبل أن يخرج عن السيطرة.
بمجرد أن وصلت التقارير إلى وزارة الصحة، تم تشكيل فريق طبي متخصص من قطاع الطب الوقائي للتحرك الفوري نحو محافظة أسوان. قاد الفريق الدكتور عمرو قنديل، الذي يتمتع بخبرة واسعة في مجال الصحة العامة وإدارة الأزمات ـ حسب بيانات الصحة ـ كانت مهمة الفريق واضحة: التحقق من أسباب تفشي المرض وتقديم الدعم اللازم للفرق الطبية في الميدان، وكذلك تقديم التوعية للسكان حول طرق الوقاية من الإصابة.
وصل الفريق الطبي إلى أسوان وبدأ زياراته الميدانية على الفور. شملت هذه الزيارات المستشفيات المحلية والمراكز الصحية، حيث تم رصد عدد كبير من الحالات المصابة. بعد مقابلة الأطباء والمرضى، بدأت تلوح في الأفق تساؤلات حول مصادر التلوث المحتملة، وكان الشك الأكبر يحوم حول مياه الشرب.
البحث عن السبب: هل المياه ملوثة؟
مع تصاعد الشائعات حول تلوث مياه الشرب كمصدر رئيسي للإصابات، سارعت وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المحلية لتحليل عينات من مياه الشرب في القرى المتضررة. كانت محطة مياه أبو الريش قبلي واحدة من أبرز المحطات التي تم فحصها، حيث كان السكان يعتمدون عليها في الحصول على مياه الشرب.
وفي نفس السياق أكد المهندس “عبد الصبور الراوي”، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان، أن مياه الشرب في المحافظة آمنة وخالية من التلوث، وذلك استجابة للشكاوى المتعلقة بتلوث المياه، أوضح “الراوي” أن فريقًا من هيئة المعمل المركزي ولجنة من مديرية الصحة زاروا محطة مياه “أبو الريش قبلي”، حيث تم أخذ عينات وإجراء التحاليل اللازمة. أظهرت النتائج أن تركيز الكلور في المياه مطابق للمواصفات القياسية.
لم تقتصر الفحوصات على محطة “أبو الريش قبلي”، بل تم أخذ عينات من شبكة مياه القرية ومحطات الرقبة 1 والرقبة 2، وأظهرت التحاليل مطابقتها للمعايير. وأضاف الراوي أن المياه تُنتج وفقًا لمعايير وزارة الصحة رقم 458 لسنة 2007. ولتعزيز ثقة المواطنين، قام أعضاء اللجنة بالشرب من مياه المحطات مباشرة أمام المواطنين.
أما عن ارتفاع أعداد حالات التسمم فأكد الدكتور محمد سعيد، مدير عام الصحة بأسوان، أن الأنباء المتداولة حول وقوع حالات تسمم ووفاة ستة أشخاص نتيجة تلوث المياه لا أساس لها من الصحة، مشيرًا إلى أنه لا توجد أي حالات تسمم أو نزلات معوية مرتبطة بتلوث مياه الشرب في المناطق المتداولة أو أي منطقة أخرى داخل المحافظة. وأضاف “سعيد” أن حدوث مثل هذه الحالات كان سيتسبب في آلاف الإصابات.
وأوضح أن عدد المحتجزين بالمستشفيات، بما في ذلك مستشفيات الجامعة، والمسلة، والصداقة الجديدة، وإدفو، وكوم أمبو، ودراو، ونصر النوبة، لا يتجاوز 28 حالة، وجميعهم يعانون من نزلات معوية ناتجة عن فيروسات موسمية أو تناول أطعمة ملوثة، وهو أمر طبيعي خلال هذه الفترة من فصل الصيف.
وفي سياق متصل تواصل وزير الصحة والسكان جهودها لمتابعة حالات الإصابة بأعراض نزلات معوية في أسوان، حيث تلقى الدكتور خالد عبد الغفار تقريرًا مفصلًا حول الإجراءات المتخذة، كما وجه قطاع الطب الوقائي، برئاسة الدكتور عمرو قنديل، بزيارة مستشفيات المحافظة لتفقد المرضى ومتابعة الخدمات المقدمة، بالإضافة إلى التوعية للأهالي في القرى.
وبحسب بيان الوزارة فقد تم تنظيم ورشة عمل افتراضية للأطباء حول بروتوكولات التشخيص والعلاج، تحت إشراف الدكتور شريف وديع. وأكد الوزير على ضرورة تكثيف التوعية بطرق الوقاية من النزلات المعوية وضمان توفر المستلزمات الطبية والأدوية في المستشفيات لحين شفاء المصابين والسيطرة على تزايد الحالات.
اقرأ أيضًا : السودان بين الحرب الأهلية ووباء الكولير.. مأساة تتزايد كل يوم
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال