همتك نعدل الكفة
653   مشاهدة  

ما الذي ينقص محمد ثروت ليخلف الفارصير الأعظم؟

محمد ثروت


قليلون هم الكوميديانات الذي يحددون هدفهم منذ بدايتهم، المعتاد أن يبدأ الكوميديان مسيرته متنقلًا بين العديد من المدارس قبل أن يستقر على تكنيك خاص به يستطيع من خلاله تقديم موهبته كما يحب، من بين هؤلاء القلائل جاء محمد ثروت، الرجل الذي قرر أن ينتهج الفارص مخلصًا، والأهم أنه وضع الفارصير الأعظم “سمير غانم” قدوة ومثال، فأصبح ثروت -مع الفارق- هو مشروع الخليفة المنتظر لعرش الفارص في مصر.

ندرته تكثف وجوده

YouTube player

في كل مشهد يقدمه محمد ثروت يؤكد أنه غارق حتى النخاع في أمرين إخلاصه الشديد لمدرسة كوميديا الفارص وتأثره الشديد وحبه الواضح لسمير غانم كنموذج صريح للفارص، لم يدخر ثروت جهدًا ليثبت ذلك بل أصبح متعمد أن يقدم نفسه بتلك الصورة لدرجة أنه في بعض الأحيان يخرج الأمر عن السيطرة فتشوب كوميدياه شبة الاستظراف، بينما تنجو مشاهد أخرى من تلك التهمة.

لعل أوضح وأبرز تلك السمات التي اكتسبها ثروت من سمير غانم هي الملابس والإكسسوارات، في كل مشهد يتعمد صفوت استخدام ملابس أو اكسسوارات أو كليهما، شديدة الغرابة، بداية من النظارات لملابس الشخصيات، وهنا تأتي الأزمة الأولى في كوميديا محمد ثروت، وهي ببساطة أنه ليس سمير غانم حتى وإن انتهج نهجه.

الفرق بين سمير غانم وأي فارصير في مصر بداية من علي الكسار وصولًا لأصغر كوميديان هو قدرة سمير السحرية على اختيار المشهد المناسب لممارسة ألاعيبه التي لا تخيب، فمثلا في فيلم يارب ولد ستجد أن المشاهد التي استخدم فيها سمير غانم المبالغة في الملابس معدودة هذا إذا اعتبرنا الكاب في المنزل من المبالغة، سنجد أن مشهد العوامة هو الأبرز وربما الأوحد.

بينما ثروت لا يتواني على استخدام الأمر متناسيًا قاعدة ذهبية وضعها سمير غانم نفسه خاصة في السينما والدراما، لأن سمير يعرف أن جمهور السينما والتلفزيون يجذبه طريقة معينة من الكوميديا تتلخص في الجملة السحرية “ندرته تكثف وجوده” ولكن ثروت الذي بدأ من مسرح جامعة عين شمس لم يدرك ذلك الفرق، حتى تحولت السمة التي تهدف إلى الإضحاك لطبيعة لا تضحك ففقد ثروت أحد أهم أسلحته كفارصير، أو أصبح تأثيرها ضعيفًا.

ثروت وفخ التوقع

YouTube player

السلاح الأخر الذي استخدمه ثروت، من إرث سمير غانم العظيم هو التعامل بجسده وصوته، وجسده هنا تشمل ملامحه وتعبيرات وجهه، وكما تعامل ثروت مع الملابس والإكسسوار تعامل مع حركة جسده وتعبيرات وجهه وتغيير صوته، وافرط في استخدامها في كل وأي مناسبة ففقدت قوتها رغم أن ثروت لديه حس رائع في السخرية.

في أحد مشاهد مسلسل اللعبة 2 “ليفل الوحش” يتم عمل محاكاه ساخرة لمشهد الفرح في فيلم خلي بالك من زوزو وفي أقل من ثانية يلقي ثروت افيه خفي يزيد من جمال المشهد، حيث يقلد شفيق جلال في تفصيلة واحدة وهي ببساطة الغنة في صوته، تلك الغنة التي اشتهر بها شفيق جلال طوال حياته استطاع ثروت أن يضعها في خلفية المشهد فصارت بطلته رغم أن المشهد كان مرسوم لأداء عارفة عبدالرسول ولكن ثروت كان الأكثر ظهورًا بتلك التفصيلة البسيطة.

مشهد مثل هذا أو ظهوره اللافت للنظر في فيلم ” قلب أمه” كلها تشير لأننا أمام كوميديان في طريقه ليكون أحد أهم رموز كوميديا الفارص ولكنه لم يصل إلى أهم نقطة يحتاجها الفارصير، تلك السمة التي إن لم تتواجد أو تكتسب تحول الممثل من كوميديان إلى شخص يستظرف أمام الكاميرا، وهي التوقيت.

إقرأ أيضا
الذكاء الاصطناعي

التوقيت هو كلمة السر السحرية في الكوميديا بشكل عام، وهي روح كوميديا الفارص بشكل خاص، لأن الفارص القائم على المغالاة والمبالغة في الملابس والإكسسوار وردود الفعل والحركات يحتاج إلى ميزان حساس كي يظبط توقيت “الأفورة” لتكون سلاح في يديه بدلا من أن “يفرقع” في وجهه، وهذا الميزان هو ما يحتاجه ثروت بشده، لأنه ما ينقصه ليسير في دربه الذي اختاره بشجاعة لا متناهية واستمر فيه بإصرار العشاق، ولكنه لعدم امتلاكه لهذا الميزان أصبح كل ما يقدمه مكرر ومعاد ومتوقع، والتوقع هو مقبرة الكوميديا.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان