ما يعرفه أبي عن مجدي يعقوب “المسيحي”
-
محب سمير
كاتب نجم جديد
في التسعينيات من القرن المنصرف، كنت أنا عيل ساعتها، وكان أبي _ولازال_ كل مساء يجلس على كنبته الخالدة يحكي أو يسمع أو يسب الدين لكل ما لا يعجبه في العالم.
كان شتاءً قارصًا، وكانت نشرة التاسعة على القناة الأولى شغالة.. وكان الحديث فيها عن ما جرى للبلاد بعد سيول عام 94 وغرق بعض القرى ومن ضمنها قريتي، البرشا بمحافظة المنيا. لكن ما كان يدور من كلام في قعدة بيتنا، كان عن “ابن جارنا” اللي مسافر الليلادي أمريكا لدراسة الطب.. وقال أبي في القعدة داعيا له “ربنا ينصره ويبقى زي مجدي يعقوب“.. كانت ليلتها أول مرة أسمع اسم “مجدي يعقوب” وأعرف قصته كما يحكيها أبي وكل المسيحيين تقريبا.. ولماذا ترك مصر.. وكيف ربنا كرمه من يومها.. وشهرته العالمية وقتها، رغم أن ذلك كان من 30 سنة حضرتك.. وتعجبت كيف لم يأت ذكر اسمه في الدرس المقرر علينا في الابتدائية عن “عظاء شرفوا مصر في الخارج”.. ولكن في نهاية القصة عرفت لماذا لا تذكر النشرات المصرية أو البرامج وقتها اسم الرجل.
تقول القصة: كان مجدي يعقوب في الستينيات طالبا في الماجستير بكلية الطب بجامعة القاهرة.. وعندما قدم رسالته في جراحة القلب، كتب الدكتور المشرف على رسالته جملة واحدة ” هذا الطالب لا يصلح للمارسة الجراحة”.. وفي مقولة أخرى قال له لفظا “طول ما أنا عايش مش هاتبقى دكتور في مصر”.. كان ناقص يختمها ب “يا مسيحي”.
أخذ “مجدي المسيحي” بعضه وطلع على إنجلترا ليصبح أشهر جراح قلب في العالم.. وتكتمل الدراما الشعبية في الحكي عن “بطلها” عندما تمرض ابنة الطبيب الذي طرده من مصر.. وتسافر للعلاج في أمريكا ويقوم “مجدي يعقوب” بعمل العملية لها وتحمل نفقتها كاملة.. و يقول لأستاذه في النهاية بعدما يكشف عن نفسه “أنت عملت فيا أكبر جميل لما رفضت رسالتي”.. ويخر الاستاذ باكيا نادما طالبا المغفرة.
لا يهم إن كانت القصة حقيقية أم لا، فالجراح العالمي ذكر سبب أخر لتركه مصر، مع الإعلامي طارق حبيب في برنامج تسعيناتي أيضا اسمه “اوتوجراف”.. ذكر فيه أنه كان يحلم من بداية دراسته للطب أن يتخصص في جراحة القلب ولم يكن ذلك التخصص متقدما في مصر.. ما فعه للسفر إلى إنجلترا.
لكن ما يهم في حكاية أبي التلميح لما يعانيه المسيحي في مصر من تحقيق النجاح العلمي أو الوظيفي.. وأنه دائما محارب ومطرود.. وإلا قل لي لماذا لا يوجد طبيب مسيحي متخصص في أمراض النساء مثلا؟.. والمفارقة المصرية الأصيلة أن رائد طب النساء والتوليد في مصر هو الدكتور المسيحي برضه “نجيب باشا محفوظ”.. وهو ذات نفسه الطبيب الذي أجرى عملية ولادة متعسرة في العشرينيات لسيدة مصرية، فأطلق الأب اسمه على المولود، فيطلع لنا “نجيب محفوظ” أخر هو الأديب العالمي الحاصل على نوبل.. أمثلة كثيرة يعرفها أبي ويسمع عنها.. ولكن لا تدرس في المناهج أو يتم ذكر اسمها في البرامج والتوك شو.. ولا يأكل مع دماغ أبي ذكر المسيحيين المشاهر أمثال “الهانيين رمزيين” (1هاني رمزي الممثل و أخر اللاعب).. أو حتى “ساويرس” وعائلته.. فأبي تاجر قديم ويعرف أن المال لا دين له.. ولو كان ساويرس أو غيره من المسيحيين الأغنياء “يهوديا” بس معاه فلوس فسوف يكون كما هو حاله الآن.
من حق أبي الافتخار ب “مجدي يعقوب” كونه مسيحيا مثله.. من حق كل المسيحيين البسطاء أن يفرحوا، الذين لا يعرفوا ما يدور من سجال بايخ وقذر عن “طرد مجدي يعقوب من الجنة”.. لكنه يعرف المثل القائل “عشمان حنا” ويسمعه ويضحك بدل ما تبقى جناية.
من حق المسيحي الافتخار، كما تفتخر أنت ب “فخر العرب” محمد صلاح.. لكونه “مسلما” حقق انتصارا في عقر دار بلاد الفرنجة.. وتعلن ذلك على الملأ ولا يلومك أحد.. لكن ليس من حقك أو من حقي أو من حق أي أحد أن يتدخل في شغلانة ربنا في تحديد من يدخل الجنة ومن ستحرقه نار جهنم.
الكاتب
-
محب سمير
كاتب نجم جديد
أنا أفخر بالدكتور مجدي يعقوب والكابتن محمد صلاح لأنهما (مصريان).. مصريان وحسب