ماذا حدث لأبناء رمضان السكري بعد نزول ستارة المسرحية؟
-
هند مختار
كاتب نجم جديد
إلتهبت الأكف بالتصفيق تحية إلى رمضان السكري وعائلته، أسدل الستار، وانطفأت الأنوار، وذهب الحضور وهم شاعرون بالنشوى، أغلق الحارس وذهب كل إلى مصيره..
أنا سلطان رمضان السكري، لا يعلم أحدا شيئا عني وإلى أين أخذتني الأقدار، يراني الجميع الشاب الطائش الفاشل، والحقيقة أني لم أحب التعليم والدراسة، هذا كل مافي الأمر، فأبي يريدني أن أكمل تعليمي لأن أكون خليفته في أعماله، يريد أن يحقق الشكل المثالي لحياته الاجتماعية على حسابي، إنه عبء الأبن الأكبر، المطلوب منه دائما أن يحقق طموح الآخرين.
لم أسمح بذلك، واعتمدت على مهاراتي، دخلت الجامعة بعد جهد، كي أرضي أبي وأمي، وفي الجامعة انطلقت، لقد دخلت كلية التجارة جامعة بيروت في الإسكندرية، كثيرون منكم لا يعلمون عنها شيئا، فهي أشبه بجامعاتكم الخاصة الآن..
منها تعرفت على مجموعة من الأثرياء أبناء الأثرياء، وبدأت في أعمال السمسرة، بعدما تعرفت على العالم السفلي في الإسكندرية، أشتري شقة لذلك الطالب، وآخذ السمسرة، حتى عثرت على ضالتي في تجارة السيارات، وأصبحت حياتي كلها في (أجانسات) السيارات، فكلمة معرض لم تكن انتشرت وقتها..
ضربني القدر ضربة قاسية بوفاة والدي رمضان السكري ، وانتهت أيام الدلع، وجدت شركة أبي مثقلة بالديون وكان يجب ألا أشعر أخوتي وأمي بأن هناك شيئا تغير، وكان الحل الوحيد بعد استخدام مهاراتي بأن أتزوج ابنة التاجر الكبير الحاج فهمي، وقد كان وعن طريقه سددت ديون والدي، وفتحت الأجانس الخاص بي وأصبحت المعلم سلطان السكري، أنا أحب ابنته فاطمة كثيرا فهي (وش السعد) كما يقولون وقد أنجبت منها أبنائي الخمسة، ولم أرغب يوما أن أؤذيها ولكني كأبي، فالولد سر أبيه، وإن كنت أقوى وأجرأ، فكانت زوجتي الثاني زيزي ابنة أحد الوزراء السابقين والذي عن طريقه أخذت توكيلات جديدة وأصبحت بمفردي صاحب توكيل ثلاثة ماركات عالمية، وأنجبت منها ثلاث أطفال، الأولاد عزوة..
السبعينيات والثمانينات فرصة واستطعت اقتناصها، لازالت أحب النساء، فكانت شقة الهرم هي المكان الوحيد الذي يصلح كي أقضي فيه حياتي كما أحب بدون تعكير مزاجي، وأن أحيا كما أحب لاهيا عابثا..
أنا سلطان رمضان السكري أحيا حياتي لا حياة الآخرين
أما أنا كمال رمضان السكري، الابن الثاني، الذي يرغب في الظهور دوما وسط اخوته، فلا أنا البكري أول الفرحة، ولا أنا الصغير آخر العنقود المدلل، ولا الفتاة بهجة المنزل.
كان يجب أن أكون مختلفا، كان طريق العلم والدرجة العلمية هو الحل، حتى أصبحت دكتورا في الجامعة، وبعد ماعبرت من تجربتي مع الجارة الحسناء، تزوجت من زميلتي مديحة، عفوا الدكتورة مديحة كما تحب أن يناديها الجميع، تزوجنا في حياة والدي والذي تكفل بكل مصروفات الزواج، وسكنت معه في الفيلا بناء على طلبه، فسلطان قد انطلق في حياته في الإسكندرية، وعند وفاة والدي المفاجأة، كنت حائرا لولا أن أنقذني سلطان من الحيرة وتولى هو بعقليته التجارية كل شيء، وفهمت منه الكارثة التي خلفها والدنا من الديون وطلب مني ألا أقلق، وبالفعل أشعرني صوت سلطان وحزمه بالأمان فلم أخاف، ومر كل شيء بسلام، وظللت أنا الدكتور كمال المقيم في فيلا ولديه سيارة وعنده ابنين متفوقين في الدراسة، ولكن الحياة تتغير بشكل مرعب، ودخلي كدكتور جامعي يعجز عن سد كل تلك التغيرات، ودائما أجد الحل عند سلطان بأمواله ونفوذه، وصمته فلم يحكي أبدا عن أنه يعطيني تواطئنا على الصمت، فأنا أحقق له الشكل الاجتماعي، وهو يحقق لي الأمان الاجتماعي.
أنا كمال رمضان السكري ضحية نفسي والبحث عن إرضاء الآخرين..
يجب دائما أن نعمل لآخرتنا، أنا الحاجة سحر رمضان السكري، كنت في شبابي لاهية، لا أهتم إلا بالمكياج والرحلات والفسح والملابس المثيرة(أتمنى أن يقبل الله توبتي عن هذه المعاصي) فبعد أن تزوجت من إسماعيل وسافرنا إلى السعودية كان يعمل مهندسا للبترول، عرفت طريق الحق، وتركت ما كنت عليه من ضلال، أنجبت أبنائي الستة، وربيتهم تربية صالحة على كتاب الله..
أرى دائما نظرة امتعاض في عيني كمال كلما التقينا، ونظرة سخرية في عيني سلطان، وشفقة في عين أمي حتى ماتت، لكني لا أهتم فقد عرفت حلاوة الإيمان والسير في طاعة الله، حتى أن الله من علي، والآن أنا أشهر داعية، وقد بنيت جامعا كبيرا ألقي فيه دروس الدين وأهدي الكثير من النساء والفتيات لطريق الحق..
أنا سحر رمضان السكري دعوتي الدائمة، اللهم حرم جسدي على النار
هم مختلين عقليا، هكذا أراهم ، عالمهم محدود وضيق، سلطان بين نساءه، وكمال بين كتبه، وسحر في دروشتها، حتى أمي كانت تحيا في عالم ذكرياتها، مساكين هم نتاج النظرة الضيقة ومجتمع معلب يريدهم بشكل معين، حينما كبرت والتحقت بكلية الفنون الجميلة اكتشفت نفسي من جديد، فأنا طول حياتي رسام بارع، كنت من المتفوقين في الكلية، وبعد أن تخرجت قررت السفر، فأنا لن أكون مثل سلطان معلم، ولا مثل كمال أكاديمي يمد يده خلسه لسلطان، ويعتقد أن لا أحد يعلم، أنا عاطف رمضان السكري انتقلت لعالم أرحب، راسلت شركات الدعاية والإعلان الأمريكية، حتى وافقت إحدى الشركات أن أعمل معها وركبت طائرة لهناك، وأصبحت مستر سكري، وأعمالي الفنية تلف العالم في جميع أفلام الرسوم المتحركة، جبت العالم كله تقريبا، وتزوجت من مارجو الجميلة وأنجبت ابنتين غاية في الجمال وتركت لهم كل الحرية فلن أكون أبدا كأبي رمضان، ولن أسمح أبدا لمارجو أن تكون زينب ، أمي زينب التي أشتاق لها دوما، ولحنانها ولطعامها وبساطتها وتلقائيتها..رحمك الله يا أمي وجزاكي الله عن برائتك خير..
توفي عاطف رمضان السكري منذ عامين ولم يزر مصر إلا حوالي عشر مرات ودفن هناك ..
الكاتب
-
هند مختار
كاتب نجم جديد
خيالك جميل وواقعى ومتوافق مع بداية القصة الحقيقية ويمكن ان تتحول الى فيلم مع تقليص المساحة الاولى منها
ممتاز طبعا