“مباراة ذكاءات”.. مابين الرقمي والابداعى
-
عبير إلهامي
رئيس تحرير سابق لجريدة الحسينية المحلية وخريجة صحافة الزقازيق ومعهد السينما وتكتب فى مجلة سينمائية فصلية اسمها scene
كاتب نجم جديد
فى غرفة الكتابة الإبداعية لمدينة السينما دخلت لأول مرة ورأسي مرفوعة بشموخ منذ أن وظفوا روبوتات تقوم بتأليف الأفلام استنادا على دمج معالجات ناجحة سابقة واستخدام الشخصيات الأكثر شعبية وجمل الحوار التى تلاقى القبول الجماهيري واستخراج كوكتيل جيد يطلقون عليه فيلما به كل مكونات الخلطة السينمائية الناجحة .
كانوا كعادتهم يحملقون فى السقف أثناء عمل المتصفحات الداخلية بتحليل بيانات أفلام شهيرة وبناء عليها أفلام جديدة أخرى .. لم يلتفتوا لى وأنا أدخل بقدمين راقصتين وأدور حول نفسى فى سعادة فخور بإنجازي الذي كتبت وأعلم أنهم لن يستطيعوا الوصول إليه مهما جمعوا كل أفلام مدن السينما …
_ كيف حال زملاء الإبداع ؟!
لم يكلفوا خواطرهم المتلصصة على المعالجات البشرية بالتعرف إلى سر ابتهاجى …
انتظمت خطواتى الراقصة فجأة كى أجعلهم يأخذوننى على محمل جدي وغيرت نبرة صوتى المداعبة إلى أخرى صارمة واخبرتهم باختصار عن تصفح ملفاتهم السحابية لأن بها آخر ملف تم تسلمه من الإدارة عن نوع المعالجة المطلوبة ….
عادوا للعمل بعد التقاط المعلومة للبحث عن الكلمات المفتاحية المطلوبة فى المعالجة الجديدة حين أعلنت أجهزتهم جميعا وعلى نحو متقارب متتالى فشلهم فى الوصول لمعالجة وأن الشخص الوحيد الذى يمكنه مساعدتهم هو أنا الزميلة البشرية الوحيدة فى الغرفة.
المومس ذات القلب الذهبي “جوليا بوليت”.. تبرعت بأموال عملها في الدعارة لدعم المحتاجين
بدأ الروبوت A بالتقرب منى عبر تلصصه على هاتفى الذكى ومعرفته لحبى شوربة الفواكه البحرية .. كان يجلب لى يوميا طبقى المفضل كى أبوح له بتفاصيل إنجازى مهمتي .. وكنت آكل بشهية عجيبة دون أن أبوح بالطبع .. وأنا أتحدث عن عبقرية المأكولات البحرية .
أما الروبوت B فكان يسمعنى صباح مساء كلمات الغزل الآلي التي يعرف متفننا في وصف ثيابى تارة وكان يخلط بين الفيست والفستان وكنت أشعر بمتعة كبيرة فى التصحيح له وانتقل إلى وصف عيونى وشعرى كما اوحت له تحرياته عن حبى للشعر العربي حتى أنه تجرأ وشغل لى ماجدة الرومي يسمعنى حين يراقصنى كلمات ليست كالكلمات ولكني أخبرته أنه لو أمسك بى من تحت ذراعي كما كان يمهد سأرجعه إلى أمه حيث ماكينة الشحن الأصلية فى بلاده التي استوردناه منها وهو منزوع القابس .
اما الروبوت C كان الاذكى على الإطلاق كان يسجل فى كل خطوة وكلمة ورقصة أتحركها كى يجمع منى معلومات مباشرة وكنت أمارس معه ذكاء الأنثى وألاعبه بهرموناتي المتقلبة فلا يكاد يطابق شيئا مما سجله لى أبدا .. تارة أبدو مرحة وسعيدة وأبادلهم العبارات المازحة وتارة أبدو مهمومة حزينة وأحملهم كل أسباب تعاستى منذ ولدت حتى اضطررت للعمل معهم وكنت أتفنن فى شكواي أن لااجعل كلمة تطابق الأخرى على الإطلاق .. كنت عندما أضحك أحضر كلمة من الشرق وعندما أبكى أحضر كلمة من الغرب لم يكن لديهم أي توصيف أو إغراء لحالتى سوى كتابة نص موحد أن فتاة تعمل بالكتابة الإبداعية مع روبوتات تصاب باكتئاب ثنائى القطب وينصح بنقلها فورا إلى مشفى يكون مفرغا من الروبوتات وإذا أرادت العودة للعمل فلتعمل بعيدا عن أجواء الذكاء الاصطناعى .. حتى تعود للتكيف مع وجودهم تدريجيا .
أما أنا فكتبت هذه القصة ردا على المعالجة المطلوبة عن فتاة تعمل كاتبة مع روبتات بشرية تكتب نصا لم يعرفوا الوصول إليه عبر الشبكة العنكبوتية .. ونجحت معالجتى التى ضللتهم وتم نقلهم A B C إلى معمل الروبوتات غير المتكيفين مع البشر .
معالجة القصة المقالية من دراسة منشورة فى سكاى نيوز حول سيطرة الذكاء الاصطناعى على كتابة سيناريوهات الأفلام .
الكاتب
-
عبير إلهامي
رئيس تحرير سابق لجريدة الحسينية المحلية وخريجة صحافة الزقازيق ومعهد السينما وتكتب فى مجلة سينمائية فصلية اسمها scene
كاتب نجم جديد