متى تكون الكرامة عائقًا لاستمرار الحب؟
-
سعيد محمود
كاتب نجم جديد
كثيرًا ما يتغاضى الأحبة عن أخطاء من يحبونهم لما لهم من مكانة في قلوبهم، أو لأنهم لا يطيقون الابتعاد عنهم.
لكن كثرة التغاضي عن الأخطاء، خصوصًا وإن كانت تتعلق بكرامة الطرف الذي يسامح ويضحي، دائمًا ما يكون لها نتائج سلبية.
وربما من أشهر الأغنيات التي تحدث عن ذلك الأمر، هي أغنية أم كلثوم “للصبر حدود”، والتي عبر فيها الشاعر عبدالوهاب محمد بكلماته عن كون إهانة الكرامة من الأشياء التي لا يمكن أن يستمر معها الحب، عندما قال “صبرني الحب كتير.. وداريت في القلب كتير.. ورضيت عن ظلمك لكن.. كل ده كان له تأثير.. ولقيتني وأنا بهواك خلصت الصبر معاك.. وأهي غلطة ومش حتعود.. إنما للصبر حدود”.
الكرامة هي حدود الحب
الحب سيكون له دائمًا حدود وهي الكرامة، لأن هذا الاحترام الذي يحظى به كل منا لنفسه له ثمن باهظ جدًا، ولن يقبل أي أحد أبدًا حبًا يهين كرامته، ويؤذيه ويجعله عرضة للخطر.
صدق أو لا تصدق، الكرامة هي هذه الرابطة الهشة والحساسة التي غالبًا ما تكون عائقًا لاستمرار أي شيء، والتي يمكن أيضًا أن تمزق وتكسر روابط علاقات الحب لدينا.
فالكرامة هي حد شخصي وعاطفي يعمل كدرع نفسي اعتمادًا على المكان الذي وضعنا فيه هذا الحد، ولذلك هي لا تقبل بتقديم تنازلات في علاقة الحب، لأنه في اللحظة التي نبدأ فيها بالاستسلام للآخرين، يبدأ هذا الدرع الاستثنائي والقيِّم في الانهيار.
لا نميل إلى التفكير في الأمر في المقام الأول، لأننا نشأنا على فكرة أنه إذا كنا نحب شخصًا مًا، فعلينا أن نمنحه كل شيء دون توقع أي شيء في المقابل.
وإذا كان الحب لا يجب أن يضيع أبدًا بسبب الكبرياء، فلا يجب أن نفقد كرامتنا من أجل الحب أيضًا.
الفرق بين الكرامة والكبرياء
هناك عدة اختلافات بين الكرامة التي لا يجب التنازل عنها في علاقة الحب، وبين الكبرياء الذي قد يؤدي إلى تدمير الحب رغم إمكانية التنازل بعض الوقت عنه من الطرفين.
فالكبرياء محفوف بالمخاطر ويمكن ثقبه بسهولة, فنحن نشعر بالدمار عندما يهيننا أحدهم أو يتركنا، ونريد أن ننتقم.
وغالبًا ما يشتمل العار الناجم عن الكبرياء المجروح على الجزء الأكبر من خرابنا عندما يؤذينا شخص ما، فالاعتقاد بأننا لا نحظى بالاحترام ينشط مشاعر عدم الاستحقاق.
بينما لا تهتم الكرامة كثيرًا بالطريقة التي ينظر بها الآخرون إلينا، فهي تعتمد بشكل آمن على الطريقة التي نشاهد بها أنفسنا ونحتفظ بها.
تدرك الكرامة أن كونك ضعيفا لا يعني أن شيئا ما خطأ فيك، يمكننا أن نستكشف بشجاعة كيف يمكن أن نكون قد ساهمنا في الصعوبات في العلاقة، لكننا نفعل ذلك بكرامة واحترام الذات، بينما قد يمنعنا الكبرياء من النظر إلى الخطأ الذي اقترفناه في العلاقة ويجعلنا نركز على إلقاء اللوم أو الاتهام أو الهجوم على الآخرين.
الكرامة لها ثمن مرتفع للغاية
يميل الناس إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد شيء أسوأ من التخلي عن شخص نحبه، ليست هذه هي القضية، فالشيء الأكثر تدميرا هو فقدان الذات المحبة لشخص لا يحبنا
التضحية دون مقابل لا تتلاءم مع الحب الصحي والجدير بالبقاء، فعندما نضع أنفسنا في الظل، نجد أننا نقول في النهاية كما قالت أم كلثوم في أغنيتها “للصبر حدود”.
لهذا السبب، ولتجنب الوقوع في هذه التيارات العاطفية المتشنجة، والحيرة بين الحب والكرامة، يجدر بك التفكير في النقاط التالية التي يمكن تقدم بعض المساعدة لك:
- أيهما أكثر أهمية بالنسبة لك؟
سيكون الأمر مثاليًا إذا لم يكن عليك الاختيار بين الحب والكرامة بالطبع، في الواقع ستكون الحياة أسهل كثيرا إذا لم تكن مثل هذه الخيارات الصعبة موجودة.
لكن للأسف، في مرحلة ما من حياتك، عليك اختيار بين أحد شيئين مناسبين لك، فإذا أعطيت الاختيار بين الحب والكرامة، أيهما تختار أن تتخلى عنه؟
- هل شريكك سيفعل الشيء نفسه من أجلك؟
التضحية من أجل شخص تحبه قد تظهر له أن تهتم به، وقد تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك.
لكن إذا وجدت نفسك دائما الشخص الذي يضحّي، أو إذا شعرت أنك مجبر على تقديم تضحيا فهذا بالطبع يهين كرامتك، وعليك أن تفكر في علاقة الحب تلك.
أسأل هذه الأسئلة نفسك عندما تجد أنك تضحي مرارا وتكرارا من جانب واحد:
- هل شريكك سيفعل الشيء نفسه من أجلك أم لا؟
- هل سيظهر الدرجة نفسها من الالتزام ويخضع الآن لعملية التفكير نفسها؟
هل كان شريكك على استعداد للتضحية من أجلك في الماضي، أو أعرب عن استعداده للتضحية في المستقبل؟
- هل تعملان حاليا معا لمعرفة الأفضل لكما، أم أن شريكك يتوقع منك ببساطة تغيير حياتك لتلائم حياته؟
إذا افترض شريكك أنك الشخص الذي يجب أن يختار التضحية، دون تحمل أي من نفس المسؤولية من جانبه، فكر جيدا في جدوى تلك العلاقة.
- يجب ألا يكون الحب أعمى
بغض النظر عن مدى الدفاع عن هذه الفكرة في المجتمع، من الضروري أن نتذكر أنه من الأفضل دائما تقديم أنفسنا لشخص ذو عيون مفتوحة على مصراعيها، وقلب يضيء بالحب، وكرامة قوية جدا، عندها فقط سنكون المبدعين الحقيقيين لتلك العلاقات العاطفية التي تستحق الجهد، مع التركيز على الاحترام وخلق وضع صحي بدون ألعاب القوة أو التضحيات غير العقلانية.
هل إنهاء العلاقة اليوم أفضل من غدا؟
في بعض الأحيان يكون من المحتم أن تنتهي العلاقة، إنها مجرد مسألة وقت، تخيل مدى الفظاعة التي ستشعر بها إذا كنت تعرف أنه كان يجب عليك الابتعاد عن علاقة الأمس ولكن انتهى بك الأمر بعد ذلك بسنوات؟
ألا تشعر أنك أضعت وقتك؟ في بعض الأحيان، من الأفضل تقييم علاقتك اليوم واتخاذ القرار الصحيح بدلا من الانتظار.
المصادر
الكاتب
-
سعيد محمود
كاتب نجم جديد