7٬811 مشاهدة
متى يتوقف خالد الصاوي عن “دعك” اسمه بالأرض؟
كان الشاب السكندري خالد الصاوي الطالب في كلية الحقوق عضوا ضمن فريق التمثيل المسرحي مع رفيق عمره الشاب الأخر خالد صالح، كان كلاهما ممثلا موهوبا للغاية بحلم بالغد وأن يكون نجما يوما ما يصل لقطاع أكبر من الجمهور.
ولأن الأحلام هي أجوبة اليوم على أسئلة الغد كان خالد صالح صادقا حتى رحل بينما كانت أجوبة خالد الصاوي مدهشة ومؤلمة للغاية
ابتعد صالح عن الوسط وعمل في عمل حكومي منتهزا فرص قليلة للتنفيس عن روحه الحارة حتى مشهده الخالد في فيلم محامي خلع الذي أعطاه الفرصة ليقدم لنا نفسه لعدة سنوات قبل الرحيل، ينحتسبه جميعا فنانا عظيما.
بينما لم يقتنع خالد الصاوي بهذا – وهذا يحسب له لا عليه – وعمل ممثلا في أدوار صغيرة مثل دوره كضابط شرطة عام ١٩٩٠ في فيلم درب الرهبة وكمحقق في فيلم كيد العوالم عام ١٩٩١ وعمله كمخرج مسرحي للمسرح الجامعي رافضا أن يغادر شغفه نهائيا.
درس الإخراج في أكاديمية الفنون وتخرج عام ١٩٩٣، وعمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام أهمها سمكة وأربعة قروش قبل أن يعمل مخرجا تليفزيونيا محترفا في النايل تي في، كما كتب ونشر عدة قصائد كشاعرمثل (كأنها نهاية التاريخ) و(أطلع بقى) و(عايز اعيش).
بداية مسيرة مدهشة لفنان موهوب في العديد من المجالات، لكن لا فرق بين خيانة الضمير وخيانة الواقع إلّا التنفيذ.
يحضرني هنا مشهد عظيم بين الفنان محمد سعد والفنان الراحل العظيم حسن حسني في فيلم اللي بالي بالك، حين اكتشف اللمبي الذي يقود السجن خيانة ضابط الشرف حسن حسني واعترف له فصرخ فيه اللمبي قائلا : يعني أنت عشت عمرك كله علشان فرصة تبيع وأنا عشت عمري كله علشان ألاقي نص فرصة أشتري فيها نفسي.
مع بداية عام ٢٠٠٤ وعمل خالد الصاوي في أفلام نجوم الصف الأولي في دور “الفيلين” قبل أن ينتقل للبطولة بعد نجاحه في أفلام كباريه والفرح والسفاح بفيلم الفاجومي والحرامي والعبيط ليشارك زميل شبابه خالد صالح بطولة فيلم وحيد بينهما، كنا أمام ممثل مدهش ورائع شديد الاقناع والتأثير لعب بطولة مسلسلات مثل قانون المراغي وأهل كايرو وخاتم سليمان عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠ و٢٠١١.
ثم فجأة فقدنا هذا النجم الذي سطع.
تحول في البداية إلى موديل إعلانات لأحد الكومباوندات التي عاش عمره بأكمله قبلها يهاجمها ويهاجم سكانها كأحد عتاة الإشتراكيين الثوريين، ثم فقد صوته نتيجة سمنة شديدة وبات لديه مشاكل في حروف ألفاظه انتقده عليها العديد من النقاد، ليظهر أخيرا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعد مجموعة من الأفلام الركيكة التي قدمها في السنوات الأربع الأخيرة كأراجوز على المسرح يلقي فقرة كوميدية شديدة الابتذال مع علي ربيع أحد نجوم مسرح مصر وأحد أصحاب أثقل دم موجود على الساحة.
تنازلات عن مباديء وأفكار، تراجع مستوى، سقوط خلف سقوط حتى صارت كرة ثلج لا يمكن السيطة عليها
لم ينتظر خالد تاريخا ولم يحترمه، قدم ما قدمه له من قدم وتناوله دون احترام لشيء حتى لاسمه الذي “يدعك” به الأرض دون أي اهتمام.
كان لدينا ممثل عبقري فقدناه منذ سنوات لأن صاحبه اكتشف فجأة أنه لا شيء أعذب من السير والعمل والعسل إلا المال.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
