رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
608   مشاهدة  

محمد فؤاد سيرة ابن البلد الذي تاه في السكة – الجزء الأخير-

محمد فؤاد
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



كعادة متكررة في سوق البوب المصري، أن التجربة الناجحة لأي نجم تجعله يسعى لاستنساخها بحذافيرها في تجاربه التالية، حيث يعتبرها منطقته الاّمنة، فإن لم يحقق بها طفرة جديدة تنقله إلى مستوى أعلى، على الأقل يحافظ بها على نفس النجاح السابق متماشيًا مع الفكرة التجارية التي تقول أن الاحتفاظ بالعميل الحالي أفضل من خسارته واكتساب عميل جديد.

كان هذا هو ما فعله محمد فؤاد في شريطي “قلبي وروحي وعمري 1999- القلب الطيب 2000” حيث سار على نفس نهج شريطه الناجح جدًا “الحب الحقيقي”، لكن لم تفلح تلك النظرية هذه المرة حيث لم يبرز من الشريطان سوى أغنيتان فقط هما “أنا لو حبيبك – لو” بعد تصويرهما على طريقة الفيديو كليب.

YouTube player

في نفس الفترة كان منافسه الأبرز “عمرو دياب” يبدأ مغامراته الثورية في اقتحام الألفية بشكل موسيقي متطور في شريط “تملي معاك” الذي مثل نقلة جديدة في مسيرته الفنية، اكتسح المشهد وسيطرة على الموضه بين فئات الشباب، وغير في نمط اختيار أغاني الـ Hits  التي بدأت تأخذ شكلًا غربيًا أكثر وظهر هذا بشكل واضح في أغاني “العالم الله – تملي معاك”.

مثلت الألفية الجديدة المخاض الجديد للأغنية المصرية، لم يفطن فؤاد أن هناك تغييرًا قادمًا في ترتيب مواقع النجوم وفي اسس اختيار الأغنية الناجحة، كانت فترة غربلة فنية من لم يستطع مواكبة تقلباتها السريعة سوف تنهار مسيرته، اصطدم فؤاد برحيل موزعه الملاكي “أشرف عبده” إلى أستراليا،  وبدأ البحث عن شركة إنتاج جديدة بالتزامن مع إنشاؤه استوديو صوت خاص به، فبدأ يتحرك بحثًا عن أغنية الألفية الجديدة.

في عام 2001 دخل فؤاد تجربته السينمائية السادسة في فيلم “رحلة حب” الذي تدور قصته في حبكة تقليدية عن رحلة صعود مطرب فقير تربى في ملجأ للأيتام ويقع في غرام فتاة ثرية، اقتبس فؤاد المعالجة من فيلم “حكاية حب” للمطرب عبد الحليم حافظ، واستعان بالممثل المغمور وقتها “أحمد حلمي” في دور صديق البطل، الفيلم كان محاولة لتعويض ما فاته في فيلم”إسماعيلية رايح جاي” الذي صنف على أنه فيلم كوميدي وليس دراما غنائية تحكي بعضًا من سيرته الذاتية، حقق الفيلم المرجو منه في ظل انتعاش السينما مع جيل المضحكين الجدد “هنيدي – علاء ولي الدين”.

كبر الغرام ومحاولة اللحاق بركب التغيير.

مثل رحيل الموزع اشرف عبده نقطة فارقة لدى محمد فؤاد، هذا الموزع الذي كان يقود تجربة فؤاد منذ شريط “حبينا 1993” حتى شريط “القلب الطيب 2000″، وجد فؤاد ضالته في الموزع “حاتم داوود” الذي ينتهج نفس مدرسة أشرف عبده في التوزيع مع تنوع أكثر في الإخراج الموسيقى، واعتمد على الملحن وليد سعد في تسع أغنيات كاملة في شريط “كبر الغرام” مع تعاون أول مع الموزعين” محمد مصطفى – فهد” وظهور الشاعر الشبح منصور الشادي الذي كتب اسمه تحت أربع أغنيات متنوعة في الشريط مع الشعراء “بهاء الدين محمد – مصطفى مرسي – عبد الفتاح البيه – عنتر هلال”

ضم الشريط 6 أغنيات من فيلم “رحلة حب” مع بعض لمحات التجريب في أغاني “مش حبيبة حد فينا – كبر الغرام” مع بعض الأغاني الإيقاعية مثل “انت تتحداني – ليك حق تزعل” مع أغنية “الله لو نرضى” التي حملت مضمونًا إنسانيًا، رغم الجودة الفنية التي ظهر عليها الشريط إلا أن فؤاد كان لازال يبحث عن توليفة يلحق بها ركب التغيير الحاصل في سوق الأغنية.

YouTube player

بعد الشريط دخل فؤاد تجربة سينمائية جديدة مع الممثل الكوميدي “أحمد أدم” في فيلم “هو في إيه” لم ينجح الفيلم في أن يحقق ماحققه فيلمه السابق حيث لم يكن هناك كيمياء فنية بين الثنائي “فؤاد – آدم” انتقلت إلى ما بعد الفيلم حيث حمل كل واحد منهما الآخر فشل الفيلم الذي لم ينجح منه سوى أغنية “صلصة” فقط.

شاريني 2003 والعودة بقوة إلى المنافسة.

بعد عامين من تجربة “كبر الغرام” أطلق فؤاد شريطه الجديد “شاريني” مع شركة عالم الفن المصرية، في هذا الشريط وجد فؤاد التوليفة التي ستضعه في صلب المنافسة في سوق البوب، اعتمد على أسماء جديدة تظهر لأول مرة معه من جانب الألحان التى أجاد في اختيارها حيث ظهر مصطفى عوض – أحمد فرحات – خالد عز، مع استمرار التعاون مع الكبير  رياض الهمشري وظهور متكرر لكلًا من وليد سعد – عصام إسماعيل، ولأول مرة منذ فترة طويلة يغيب اسم الشاعر مصطفى كامل على وقع الخلاف على أغنية “طول الوقت” التي رفضها فؤاد وغناها مصطفى كامل نفسه في أولى تجاربه الغنائية.

YouTube player

اختيارات محمد فؤاد كانت ناضجة جدًا حافظت على هويته وروحه الشرقية الشعبية واختيار جيد للأغاني الإيقاعية، لكن الأهم هو التنوع في الإخراج الموسيقي حيث تعاون لأول مرة مع ست موزعين دفعة واحدة، برزت من الشريط أغاني كثيرة مثل “شاريني – جيت جنبك – هتمثل – حرام – غصب عني – يا هلترى – قلبي” راعى فيها جميع الأذواق ووصل إلى شريحة أكبر من الجمهور واستطاع أن ينافس بقوة داخل السوق الذي شهد تجارب لافتة جدًا أهمها “علم قلبي الغرام” لـ عمرو دياب ، “جرح تاني” لـ شيرين ، “روحي فيك ” لـ مصطفى قمر.

YouTube player

مقبرة روتانا.

مع دخولنا الألفية دخل رأس المال الخليجي السوق المصري بكل ثقله المادي وقنواته الفضائية، استحوذ على العديد من المطربين المصريين وسط إغراءات مادية لا تقاوم، بدوره انتقل فؤاد إلي شركة روتانا لتصدر مجموعته “حبيبي يا 2005” بالتزامن مع فيلمه “غاوي حب” الذي عاد فيه كبطل أوحد يشاركه ممثل سنيد “رامز جلال” في إطار رومانسي كوميدي غنائي.

واصل فؤاد التعاون مع روتانا في “ولا نص كلمة 2007 – بين ايديك 2010” والأخير هو آخر تجاربه على مستوى الشرائط الكاملة.

لم تبرز من تلك الشرائط سوى أغنيات “طمني” التي اقتبس فؤاد لحنها من أغنية تركية ونسبها لنفسه بالإضافة إلى أغنية “خدني الحنين” التي تكرس لصورة ابن البلد العائد إلي مسقط رأسه يجتر الذكريات مع الأهل والأحباب وهي نفس الفكرة التي كررها في أغنية “ساعات بشتاق” عدا ذلك فكانت تجارب لم تلق أي رواج جماهيري في ظل إصرار فؤاد على أن يعاود تكرار نفس الأفكار الشعرية والموسيقية التقليدية التي لم تتوافق مع شكل أغنية الألفية الجديدة، ناهيك على ضعف الدعاية من قبل شركة روتانا وعدم تصوير العديد من الأغاني بطريقة الفيديو كليب في ظل اهتمامها بالمطربين غير المصريين أكثر، وهي ما تقره الحقيقة المؤلمة أن كل مطرب مصري وقع معها دخل مقبرة النسيان سريعًا عدا عمرو دياب الذي كان يتولى إدارة شؤونه الفنية باحترافية أكثر.

YouTube player

ابن البلد الذي تاه في السكة.

إقرأ أيضا
السجن

حتى عام 2009 لم يثار الجدل حول محمد فؤاد سوى في حوارت فنية محضة أغلبها خلافات تقليدية بين الفنانين، وظل فؤاد محتفظًا بصورة ابن البلد الشهم الجدع الذي لا يتوانى عن مساعدة زملاؤه وكرس ذلك في العديد من الأغاني كما ذكرنا في الأجزاء السابقة، حتى وصلنا إلي المكالمة الشهيرة التي حدثت ليلة مباراة مصر مع الجزائر في أم درمان، والتي اتضح بعد ذلك زيف كل ما جاء فيها بعد أن ساهمت في زيادة الاحتقان بين الشعبين المصري والجزائري.

في تلك المكالمة لا يهم أن كان فؤاد تورط فيما قاله أم قاله بمحض إرادته لكنها أفصحت عن ادعاء ومتاجرة بعض الفنانين بنعرة الوطنية الزائفة واهتزت صورة فؤاد كثيرًا بعد تسريب فيديو له اثناء المكالمة وزج اسم الحزب الوطني الذي سافر الفنانين على حسه دعمًا للمنتخب الوطني، وبدأت حملات سخرية من هؤلاء الفنانين بسبب قربهم ودعمهم للنظام وليس حبًا في الوطن وحتى عندما ظهر فؤاد كبطل في مسلسل “أغلي من حياتي” هذا المسلسل الذي كتبه قصته فؤاد كي يقتات على نفس فكرة ابن البلد الشهم الذي يضحي بمستقبله في سبيل عائلته لم يجلب تعاطفًا وبدت الفكرة مصطنعة جدًا لتتكسر صورة ابن البلد الشهم حامي الحمى.

بعد عامين من تلك المكالمة الشهيرة اندلعت ثورة يناير 2011 والتي جعلت أغلب الفنانين انحازوا تلقائيًا إلي النظام ظنًا منه أنه الطرف الأقوى في المعادلة، وبعد التنحي خسر فؤاد جزء كبيرًا من شعبيته الجارفة بعد أن اتضح أن وطنيتهم لم تكن صادقة بل زيف وادعاء وتزلف للأنظمة التي تحمي مصالحهم سواء كانت فنية أو تجارية.

بعد ثورة يناير تغيرت الأوضاع الفنية كثيرًا بعد انهيار الإنتاج الموسيقي وسيطرة فرق الأندرجراوند على المشهد الغنائي وتقلص أغنية البوب التقليدية، ولم تنجح محاولات بعض مطربي البوب في القفز على تلك الثورة بصنع أغاني وطنية تحاكي الأجواء الملتهبة التي خلفتها الثورة ووضح  أنها أغاني مسلوقة سطحية لا تقترب من عمق المضامين التي كانت عليها أغنيات فرق الأندرجراوند وانهارت مشاريع غنائية كثيرة حتى توقف فؤاد عن الغناء تمامًا.

عاد فؤاد للظهور لكن هذه المرة كمقدم برامج مقالب “فؤش في المعسكر” وحاول فيه أن يلعب عن وتر الوطنية لكن لم يجلب له سوى المزيد من السخرية لأن الجمهور يدرك تمامًا أن تلك البرامج ملفقة وليس حقيقية، ومع استقرار الأوضاع نسبيًا عاد فؤاد للغناء مرة اخرى بأغنية “الحفلة” والتي كان يحاكي بها أغاني المهرجانات في مفاجأة اغضبت منه الكثيرين ثم تبعها بعدة أغنيات لم تحقق أي نجاح، وأصبح كمن فقد البوصلة الفنية التي توجهه ودخل مرحلة تيه فني وأصبح الحديث يأتي عنه مجرد توثيق لحالة النوستالجيا التي تعيشها الميديا حاليًا تلك الرحلة الطويلة التي بدأها نجمًا ثم تقلصت تلك النجومية حتى انهارت تمامًا وافصت إلي تلك الشخصية الكاريكاتوية التي نراها الأن.

سيرة ابن البلد الذي تاه في السكة الجزء الثاني 

الكاتب

  • محمد فؤاد محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان