مراتي مدير .. عام فكرة مجنونة في الزمن الصح
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ماذا لو استيقظت يومًا ووجدت أن زوجتك حبيبتك وزميلة الدراسة أصبحت رئيستك في العمل؟ سؤال صعب تخيله وإجابته أصعب، ولكن تخيل أن هذا السؤال تم طرحه في منتصف الستينات من القرن الماضي وتم عمل فيلم يناقش هذه الفكرة وتحديدا عام 1966، تم عمل فيلم اسمه مراتي مدير عام قصة عبد الحي أديب وسيناريو وحوار سعد الدين وهبة وإخراج المخرج فطين عبد الوهاب، وقامت بدور البطولة الجميلة الناعمة شادية، والبطل أمامها زوجها وقتها الفنان صلاح ذو الفقار، وشارك في البطولة الفنان توفيق الدقن وعادل إمام وشفيق نور الدين وكريمان ويوسف شعبان ونبيلة السيد.
وناقش الفيلم هذه الفكرة هل يتقبل الرجل المصري أن يستيقظ فيجد زوجته أصبحت رئيسته وأصبح هو مرؤوسها وعليه أن يقول نعم وحاضر وينفذ الأوامر ويتقبل نوبات غضبها، وتقلبات مزاجها، ويتقبل أن تنهره أو تغضب في وجهه أمام جميع زملاءه، وأن يفصل كل ما يحدث في العمل عن البيت، وأن يعود سي السيد في البيت وأن يأمر وينهي وصوته يعلو عليها إذا أخطئت أو تقاعست.
فكرة مجنونة نفذت في منتصف القرن الماضي ولكنها نجحت وعاش الفيلم وتقبلناها وأقبلنا عليه أجيال وراء أجيال، ولم يعترض عليه أحد، ولم يرفضه أحد، ولكن إذا خانك تفكيرك لحظة وفكرت في إعادة إنتاجه أو إنتاج فيلم يحمل أفكار تشبهه، فإنك بالطبع ستجد نفسك تستغفر على هذا الجرم وستحوقل، وتستعيذ من الشيطان الرجيم الذي يكيد لك ويبث لك مثل تلك الأفكار المجنونة.
ففي هذا الزمان مستحيل يجرؤ منتج أو كاتب أو مخرج أن يقدم على مثل هذه الأفكار التي قدمناها نحن أنفسنا في القرن الماضي حيث كانت الصدور والعقول تتسع لتتفهم وتقبل مثل تلك الأفكار التقدمية.
في فترة الستينات تم عمل مجموعة من الأفلام للترويج لفكر الدولة ومنجزاتها وكان هذا الفيلم واحد منها حيث كان يروج لفكر الدولة وتوجهها نحو تمكين المرأة، ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن الفيلم كان معمول بجمال وذكاء، ويجمع مختلف الفئات الموجودة في أي مصلحة حكومية او في أي مجتمع، فهناك الكذاب، والمدعي، والراغب في الراحة دون عمل مع أخذ الراتب أو المقابل، والشيخ الحنبلي الذي يوقف العمل من أجل الصلاة ويستحرم يمد يده للصلاة، ومختلق الشائعات، والسيدة الحلوة التي تبحث عن حبيب أو زوج، والمنفسن المملوء غل.
ومن عناصر تقبل الفيلم وعدم رفضه أو الوقوف في وجهه انه تم عمله بشكل كوميدي خفيف، وليس فيه ميلودراما ولا بكائيات أو صعوبات واجترار أوجاع فالزوجان من الطبقة المتوسطة العليا التي ليس لديها مشكلات معيشية، يعيشان في فيلا بسيطة في حي راق، ولديهم سيارتهم الخاصة، وشغالة تساعد الزوجة في تدبير حال البيت، هو وهي ناجحان في مجالهما، فالفيلم خالي من الأوجاع والبكائيات، والحكاية حلوة تجعلك تتمنى ان تكون جزء منها وتعيش حياتهم.
واختيار شادية كان اختيار ذكي فهي سيدة جميلة ناعمة زوجها يعشقها ويذوب فيها عشقًا، ولم يختار ممثلة ليست جميلة أو خشنة فنجد مبرر أن زوجها تركها تنجح في عملها لزهده فيها، بل كان على العكس.
الكاتب
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال