مسلسل بدون سابق إنذار.. سيكولوجية الإنسان ما بعد الصدمة
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا يستطيع الإنسان مهما بلغت قوته أن يتحكم في تكوينه النفسي بعد الصدمات الشديدة، لا يستطيع معرفة تصرفاته أو يتوقعها إذا ما حدث له موقف صادم، الأقوياء فقط هم من يتلقون الصدمة ثم يتعاملون معها وفق المعطيات المتاحة ووفق إنسانيتهم أولًا، وهو ما كان عليه البناء الدرامي في مسلسل بدون سابق إنذار .
مسلسل بدون سابق إنذار من الأعمال الاجتماعية التي تناقش الصدمات النفسية والمعضلات الإنسانية وفق واقع قاسي ومشكلات تتزاحم جنبًا إلى جنب تشكل حالة من الضغط كبيرة، وهو ما نتج عنه تحولات نفسية كثيرة لمعظم أبطال العمل.
قام المسلسل دراميًا على قصة زوجين بينهما خلافات زوجية كادت أن تؤدي إلى الانفصال، وفي احتدام هذه المشكلة يكتشفون أن طفلهم الوحيد مصاب بمرض الوكيميا، وهو ما أثر على نفسية الزوجين كثيرًا، ففي خضم المشاكل الزوجية تكتشف أن طفلك مصاب بالسرطان، فطبيعي أن يتجنب الزوجين هذه المشاكل وأن يوجهوا طاقاتهم ومجهوداتهم لمعالجة ومتابعة طفلهم.
ولأن المسلسل بدون سابق إنذار، فكان للأحداث نصيب من الاسم، فأثناء متابعة علاج الطفل اكتشف الزوج ( آثر ياسين) أن الطفل ليس ابنه من خلال تحليل الحمض النووي، واجه زوجته بهذه الحقيقة، التي على إثرها انصدمت صدمة كبيرة، وأصبح السؤال التي أجابت عنه الحلقات كيف لزوجي أن يشك بي، فعملت تحليل آخر واكتشفت أن الطفل الذي اعتنت به 8 سنوات ليس طفلها، واجه الزوجين هذه الحقيقة و بدأ البحث عن الطفل المفقود.
رغم الحياة الزوجية المنهارة والصدمة التي تلقاها الزوجين، وجدا أنفسهم أمام حالة إنسانية صعبة، وهي أن يواجها حقيقة ابن لم يكن من صلبهم، وحقيقة مرض ينهي حياة طفل عاشوا معه 8 سنوات إذا لم يتعاملوا مع مرضه ونفسيته .
لم يكن البناء الدرامي لمسلسل بدون سابق إنذار قائم على هذه الفكرة أو القصة فقط ، لكن هناك قصص فرعية أخرى تعتمد أيضًا على تفاعل الإنسان مع نفسيته وتكوينه فمثلا شخصية ( أمينة ) التي تؤديها نورا شعيشع، فهي قصة فتاة متحققة في عملها لكنها تواجه مشاكل اجتماعية منها تأخر سن الزواج و ضعف إمكانية الحمل و الولادة مع تقدم السن، فتلجأ إلى تجميد البويضات حتى إذا ما سنحت الفرصة كات هناك فرصة للحصول على طفل، ومع عرض قصة ( أمينة ) كانت هناك تفاعلات نفسية منها الشعور بالوحدة مهما كان حولك الأصدقاء، النجاح المهني لا يغني عن وجود أطفال وغيرها.
قصة أخرى نشأت ضمن أحداث المسلسل وهي قصة ( حسن ) و ( نهى) الزوجين الذي أدت الخلفات والروق الاجتماعية والنفسية إلى انفصالهما، وعبرت عن هذه الفروق الحلقات الأولى من المسلسل كما عبرت عن تحولاتهم النفسية وسمات كل شخصية.
وإلى جانب البناء الدرامي الذي يعتمد على نفسية الأبطال وتحولاتهم، أعطى المخرج هاني خليفة دروسًا حية في تكوين الكادرات وحركة الممثلين أمام الكاميرا، واختيار الموسيقى التصويرية التي هي من تأليف خالد الكمار بحيث يشعر المتابع أن لكل مشهد الموسيقى الخاصة و المناسبة له.
اقرأ أيضًا : فراولة بين الضعف والقوة
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال