مسلسل “وعود سخية”.. تراجيديا الواقع بطعم موهبة حنان مطاوع
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تشارك حنان مطاوع في سباق دراما رمضان 2023 بمسلسل من بطولتها، “وعود سخية” قصة الظلم والانتقام المعتادة تضيف إليها البطلة بريقًا جذابًا. قضايا هامة يعرضها السياق الدرامي للمسلسل، في إطار من التراجيديا المبالغ فيها قليلًا.
المسلسل بطولة الفنانة الجميلة حنان مطاوع مع فنانين مميزين مثل محمد الصاوي، نبيل نور الدين، صفاء الطوخي، محمد رضوان وسلوى خطاب؛ ومن تأليف أحمد صبحي وإخراج أحمد حسن، يعرض على قناة النهار يوميًا في منتصف الليل. الحكاية تدور حول سخية الابنة الوحيدة لوالدها الكفيف المعدم، تتعرض للظلم الذي يمس شرفها في منطقة عشوائية لا ترحم؛ تترك سخية الحارة هربًا من ألسنة الناس ثم تتغير الأحوال وتعود لتنتقم.
15 حلقة لن تتخطى تتر البداية في أي منهم مع مثل هذا الصوت القوي لنورهان البغدادي- نجمة برنامج المواهب “آراب أيدول“-، كلمات محمد علي وألحان أحمد مانو ويوسف عصام ،ومن توزيع محمد نزيه في أول أغنية شعبية له. التتر لم يتميز بالصوت العزب والكلمات القوية فقط، بل باختيار مشاهد مباشرة من المسلسل أيضًا تناسب الأغنية، وتعيد إلى الأذهان تترات المسلسلات زمان بعيدًا عن الجرافيك والبهرجة التي أحيانًا يتم توظيفها بالشكل الخاطئ.
قضايا هامة من خلال مشاهد قوية تلعب على المشاعر
يمكن تلخيص دور حنان مطاوع في وعود سخية بأنه ثوب جديد صنع خصيصًا لها، رغم أن الجمهور لم يعتاد رؤيتها في دور الفتاة الشعبية سليطة اللسان والمثيرة في الوقت نفسه؛ إلا أنه هضمه وحبس بعده بشاي قبل السحور.
المسلسل يلقي الضوء على قضايا التحرش والابتزاز الذي تتعرض له الفتيات في المناطق العشوائية بشكل يرفع المعاناة درجات، من خلال شخصيات موجودة في الواقع مثل المعلم فهمي الذي يؤدي دوره الفنان محمد رضوان. بداية سرد المعاناة بيوم العيد جعل الإحساس أوقع وأدعى للتعاطف مع البطلة، التي تحرمها الحاجة من فرحة العيد، حين انتقلت من حالة البهجة الراقصة إلى الحسرة والانكسار في المشهد الأول من المسلسل.
قضية أخرى أبرزها المسلسل بمهارة حين عرض معاناة رقية مع زوجها حمادة (أحمد كشك)؛ المرأة المعيلة بين نطاعة الزوج ومأساة الأطفال، الأمر الذي يتكرر يوميًا ليس على مستوى العشوائيات فقط بل في معظم الطبقات الاجتماعية.
محمد رضوان أظهر مقدرة درامية لمست المشاهد، فكما تفاعل الجمهور مع نكاته في “موضوع عائلي” وفي زمن أقدم “يوميات ونيس”، لمس الشعور بالضيق والغضب من شخصيته في وعود سخية.
سلوى خطاب لم تخرج من ثوبها المعتاد والذي تجيده بلا فصال، المرأة الغنية القادرة كما يقولون والتي تمتلك قدرة الحرباء على التلون ولسانها الطويل؛ لكن تكرار الشخصيات قد يظلم الممثل قبل أن ينتقص من الدور في كثير من الأحيان.
الصراع الجانبي الذي عرضته الحلقة الثانية لم يكن ليصبح أوقع إلا من خلال صفاء الطوخي، الأفضل لأداء دور السيدة الراقية الطيبة لدرجة تربية ابن ضرتها، وفي الوقت نفسه تسعى من أجل المال على حساب علاقة ابنتها بأخيها غير الشقيق.
حوار مستساغ وديكورات واقعية
الحوار المتماسك الذي قدمه المسلسل على مدار حلقتين، كان على قدر من الركاكة في المشاهد الأولي؛ حيث أفسد أداء صفاء الطوخي ونبيل نور الدين في بداية ظهورهم بدلا من استغلال خبراتهم الفنية، بالضبط كما فعل في مشاهد الرومانسية المصطنعة بين سخية ومنصور وظلم أداء نور محمد الواعد. سرعان ما تلافى الحوار أخطائه وأصبح أكثر مرونة وسلاسة، خاصةً مع استخدام الأمثال الشعبية الموظفة في محلها دون حشر، وهو ما استحسنه الجمهور وبدا واضحًا في إعادة نشر تلك المشاهد.
مواقع التصوير الداخلية سواء في بيت منصور أو بيت سخية ووالدها عكست العشوائية بشكل قلما تجده بعيدًا عن المبالغة، كما نجحت في جعل المشاهد يدرك التفاوت في الثراء بين الأخوين فهيم ويوسف، تمامًا كحال المشاهد الخارجية في الحارة. أمَّا الملابس كانت إلى حد ما ملائمة للشخصيات، وإن لم تخرج عن تابو العشوائيات غير الواقعي.
تسارع غريب في وتيرة الأحداث
لم يكد المشاهد يرتب أفكاره ويرسم الشخصيات حتى وجد نفسه في ذروة الأحداث، تحول سريع بفضيحة سخية بالزور ثم تسارع أغرب بتصديق الشخص الوحيد الذي وثقت فيه ما قيل عنها ومحاولته اغتصابها؛ كان من الأفضل لو أخذت الحلقة الأولى وقتها في شرح شخصيات مثل رجبية التي لم نتعرف على خلفية حياتها إلا في الحلقة الثانية، وكذلك شريفة هانم وحقيقة علاقتها بابن ضرتها الذي ربته على يديها.
الحلقة الثانية من المسلسل تسترسل في عرض الظلم الذي وقع على سخية، بشكل أكثر سلاسة وهدوء يمكن معه أن يجد المتابع برهة من الوقت ليعيش مشاعر القصة ويتعاطف، لم يلبث حتى قاطعته فضيحة أخرى ومظلمة جديدة تتعرض لها.
القصة وإن شابتها بعض المبالغة يمكن قبولها؛ لكن تصديق الأب لابنته بكل سهولة بعيد عن الواقع الذي غالبًا ما يجعل الفتاة مذنبة في كل الأحوال، من النادر وجود أب خاصةً في العشوائيات يمكن أن يسمع بواقعة تمس شرف ابنته ويظل متمسكًا بثقته بها.
المبالغة في الظلم الواقع على سخية يذكرنا بنوعية من المسلسلات لا نرغب ظلم صناع العمل بمقارنته بها، البطلة المظلومة تمامًا دون أدنى ذنب أو يد لها فيما وقع عليها، ثم وفاة والدها الكفيف بعد شعوره بالعجز وقلة الحيلة تشي بسيناريو متكرر، والذي بطبيعة الحال يأخذنا إلى بطل يتحول من الطبية إلى الانتقام، بعد أن يجد الفانوس السحري ويتمنى المال والسلطة فيجدهمها في قبضة يده.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال