همتك نعدل الكفة
376   مشاهدة  

ملكيون أكثر من الملك نفسه.. عن النقاد الملاكي ووهم الريادة

النقاد
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



في حوار خاص سابق مع الفنان علاء عبد الخالق حكي عن العلاقة الوطيدة التي كانت بين جيلهم وبين بعض النقاد، وعن الدور المهم الذي لعبوه في توجيه المشورة والنصح وأنهم كانوا جزء أساسيًا من العملية الفنية، حيث كانت تعقد جلسات استماع طويلة معهم لأخذ انطباعاتهم عن أعمالهم الفنية قبل أن تصدر إلي الجمهور، وأحيان كثيرة كانت تؤخذ بتلك الأراء والتوجيهات مع التأكيد على تحرر هؤلاء النقاد من علاقتهم بصناع العمل الفني وأن أرائهم كانت تتسم بالموضوعية والحياد.

كان ذلك في فترة الثمانينات والتسعينات الفترة التي دائمًا ما توصم بأنها أكثر فترات الأغنية المصرية إضمحلالًا، ورغم ذلك كانت هناك حركة نقدية موسعة ترصد وتحلل وتفكك الأعمال الفنية وكانت هناك مجلات متخصصة مثل العالم يغني أو تفرد صفحات متخصصة لهذا النوع في الجرائد والمجلات.

لم تكن برزت في تلك الفترة مصطلاحات السوبر ستار أو الميجا ستار، ولم تكن الألقاب الفنية قد منحت بعد لنجوم هذا الجيل الذي كان يتصدى لمحاولات هدم مارسها عليه بعض النقاد المنحازين لتيارات موسيقية سابقة، ومع ذلك استمر هذا الجيل في تطوير نفسه اختفى بعضهم واستكمل البعض مسيرته الفنية حتي وصلنا إلي الألفية الجديدة وبدأت الألقاب توزيع عليهم من الملك للهضبة لنجم الجيل وبدأت العملية النقدية تأخذ منحى آخر مع ظهور السوشيال ميديا وظهور المواقع المتخصصة في الفنون والمواقع الشخصية للنجوم،  وبدأت عملية استقطاب واسعة من التراس الفنان الفلاني ورابطة محبي الفلان العلاني وتحول الأمر من نقد موسيقي متخصص إلي عملية تلميع ومداهنة تسير على هوى الناقد أحيانا وأحيان كثيرة تسير وفق ما يدفعه النجم لتلك المواقع.

على الرغم من أن بعض النجوم لا يحتاجوا إلى سلك تلك الطرق استنادًا على جماهيريته الواسعة التي لا تجعله مضطر لأن يستعين ببعض الأقلام أو الأذرع الإعلامية، إلا أن بعضهم لا زال مصرًا على بسط نفوذه وسيطرته على الأعلام فنجد أحد المواقع الفنية يرصد مسيرة فنان شهير ومحاولته اعطاؤه الريادة الفنية في كل شئ، ووصل الأمر إلي الاستعانة بصحفي شهير جدًا كي يرصد تلك المسيرة ليقول أن مشروعه الفني أهم مشروع غنائي بعد أم كلثوم وعبد الحليم، دون التطرق إلي نقد موضوعي متخصص لمسيرته الفنية أو حتى إثراء المناقشة بدخول رأي مخالف،  ويفرد مقالات تتخصص في مدح ذكاء وحكمة وفطنة هذا النجم وتقارن مسيرته ومسيرة فنان آخر يمتلك شعبية كاسحة ومشروع موسيقي أهم من مشروع هذا النجم في غرض خبيث ومشبوه للتقليل من مسيرة النجم الأخر التي تهوي حاليًا.

وتجد شخصًا آخر محسوب على التراس نقاد هذا النجم، لا يفوت أي فرصة لذكر اسم نجمه المفضل حتى ولو كان يؤخذ رأيه في نمط موسيقي المهرجانات وأن هناك تيارًا للتجديد الموسيقي بدأه هذا النجم ويسير خلفه الباقي، وأخر يحاول اعطاؤه الريادة في كل شئ فهو أول من استخدم الآلة الموسيقية الفلانية وأول من ادخل الإيقاع العلاني وأول من أدخل الشكل الموسيقي الغربي في إختزال مشبوه لثورة موسيقية حصلت في وقت كان هذا النجم لازال طفلًا ،وكأنه هو الذي ابتكر هذا الشكل الموسيقي متجاهلاً دور الموسيقين وصناع العمل، و دون أن يقف كي يقول لنا هل كان هذا الاستخدام ملائمًا العمل الفني أم لا ناسبًا كل الفضل للنجم الذي يفهم في الموسيقى أكثر من صناع الموسيقى نفسهم.

أقرأ أيضًا … لن تسمع عنهم كثيرًا سلوى أبو جريشة أول صوت نسائي من النوبة

ولم استعجب من ذلك فنفس النجم صنع في السابق وثائقيًا رصد فيه مسيرته الفنية، وجلب العديد من الأسماء المهمة في صناعة الأغنية وبعض نقادها ومؤرخيها، كي ينافقون ويحملوا مسيرته ما لا يتحمل، وكان هذا الوثائقي بمثابة وصلة مدح أعطت النجم الريادة في كل شئ ولم يبقى في الموسيقى شئ لم يفعله وبدا وكأننا أمام مسيرة فنان تجاوزت أهميتها مسيرة فنانين عظام مثل سيد درويش و القصبجي وعبد الوهاب ومحمد فوزي أصحاب الريادة الحقيقية في كل شئ.

أصبحنا الأن أمام حركة نقد موسيقية غير أمنة تمامًا، تتلقي العمل الفني بروح المحب العاشق الولهان للنجم، تنفي الشوائب من أعماله الفنية، وتغض الطرف عن المشاكل الواضحة التي يدركها أي مستمع عادي ولا ليس ناقدًا متخصصًا، تلوي ذراع الحقيقة وتجد مع كل عمل فني يصدر للنجم بأنه أحسن وأفضل وأعظم عمل فني قام به على الإطلاق.

وعندما يجدون رأيًا مخالفًا لاّراهم تنقل المعركة إلى ساحة أخرى مثل أنه أكثر الفنانين استماعًا ومبيعات على منصات تحميل الموسيقى، وأنه الأكثر حصولًا على جوائز عالمية متجاهلين وجود شبهات في الحصول عليها بل يستخدمون تلك الحيلة عندما يحصل على نفس الجائزة نجمًا أخر.

يقف كالأسد يهاجم بشراسة النجوم الأخرين متهمًا إياهم بالفقر وعدم التجديد الفني واستخدام حياتهم الخاصة للترويج لأعمالهم الفنية، ويقف كالنعامة غارسًا رأسه في الرمال أمام نجمه المفضل الذي يفعل أسوء من ذلك بتمرير رسائل شخصية وعائلية عبر أغنياته، ويغضون الطرف عن تعاونه مع بعض الأسماء المشبوهة التي دخلت الحياة الفنية المصرية لتخريبها، رغم أنهم يهاجمون تلك الاسماء في مناحي اخرى كالرياضة مثلاً،

إقرأ أيضا
الموسيقى القومية

تظل كلمة الحق عزيزة وشحيحة جدًا لا تقال إلا في الجلسات الخاصة فقط، رغم أن بعضهم يمتلك أدوات جيدة لكتابة نقد فني موضوعي يحترم الجمهور، لكنهم ملكيون أكثر من الملك نفسه، يخشون اهتزاز صورة النجم التي سيتبعها  بالضرورة اهتزاز صورتهم الشخصية بصفتهم من المحبين والمقربين له، بل وقد يصل الأمر إلي الخوف من الطرد من نعيم القرب منه، ولا يدركوا أن النقد الموضوعي الجدي قد يصحح يصحح مسيرة النجم لكن يبدو أن خوفهم ليس على النجم في المقام الأول ولكن في المقابل الذي سيتوقف النجم عن دفعه لكتابة مثل هذا الهراء عنه في كل مرة.

 

الكاتب

  • النقاد محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان